دراسة إسرائيلية: تقاطع المصالح بين تل أبيب والرياض ضد إيران يُحتم على الدولة العبرية تبني المبادرة العربية لاختراق العزلة العربية والإقليمية والدولية
زهير أندراوس
2011-10-11
الناصرة ـ 'القدس العربي': قالت دراسة إسرائيلية، أصدرها مركز أبحاث الأمن القومي في تل أبيب، إن الهزة القوية التي يشهدها العالم العربي في هذه الفترة، ليست ذات صلة مباشرة بإسرائيل أو الصراع الدائر مع الفلسطينيين، لكنها تؤدي إلى تفاقم الأزمة القائمة مع العالم العربي والإسلامي.
إزاء هذه الخلفية، فإن وضع الدولة العبرية في منطقة الشرق الأوسط مرشح للتفاقم أكثر بسبب تدهور العلاقات مع الفلسطينيين وتوجههم إلى الأمم المتحدة.
من الناحية الأخرى، فإن السياسة الإسرائيلية الحالية هي سياسة دفاع، لا تبادر بالمرة، وعلى الرغم من وجود فرص للمبادرة السياسية من قبل تل أبيب، ستؤثر ايجابيا على وضع تل أبيب في المنطقة، فإن صناع القرار ليس فقط لا يُبادرون، بل أنهم ليسوا على استعداد لفحص الفرص المتاحة أمامهم للتخلص من العزلة وانتهاج سياسة الدفاع، وبرأي الدراسة هناك أربع فرص لتغيير الوضع في المجالات التالية: المملكة العربية السعودية، تركيا، مصر والساحة الفلسطينية. وبرأي الدراسة فإن السعودية منزعجة جدا من التطورات في العالم العربي، لأنها تسمح بتغلغل إيران من ناحية، ومن ناحية أخرى تتيح لها إتمام برنامجها النووي، وزادت أن المخاوف السعودية باتت كبيرة للغاية وحازمة ومقلقة، وبالتالي هناك قاعدة إستراتيجية مشتركة بين تل أبيب والرياض، ولكن تدهور العملية السلمية مع الفلسطينيين يُشكل عائقا، وعليه تقترح الدراسة على إسرائيل، التي تملك القدرة على تغيير هذا الواقع، أن تتبنى مبادرة السلام العربية، كأساس للمفاوضات بين إسرائيل والدول العربية، فضلا عن توفير فرصة لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، سياسة من هذا القبيل لا تنحصر في العلاقات مع الرياض، إنما ستكون قاعدة لمبادرة إسرائيلية ستكون لها تبعات إقليمية لصالح الدولة العبرية.
وتابعت الدراسة قائلة إن التوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة الذي سيحصل على أغلبية ساحقة في الجمعية العمومية، بالإضافة إلى ذلك فإن التوتر في العلاقات الإسرائيلية مع كلٍ من تركيا ومصر والأردن سيزيد من عزلة إسرائيل والضغوط السياسية عليها.
كما أن القرار سيتيح للفلسطينيين الفرصة للانضمام إلى المنظمات الدولية الأخرى والمعاهدات الدولية، فعلى سبيل المثال، انضمام فلسطين الى محكمة العدل الدولية سيسمح بتقديم دعاوى قضائية ضد إسرائيل لسلوكها في الأراضي المحتلة، فضلا عن رفع الدعاوى القضائية ضد السياسيين والعسكريين بتهم جرائم الحرب وانتهاكات القانون الدولي، الأمر الذي سيزيد من عملية نزع الشرعية عن إسرائيل.
وتطرقت الدراسة إلى ما سيحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتحديدا في الضفة الغربية، لافتة إلى أنه من الصعب، إن لم يكن مستحيلا، ألا تتحول المظاهرات في الضفة إلى أعمال عنف، فالجيش الإسرائيلي والمستوطنون، قد يفتحون النار على المتظاهرين الفلسطينيين، وحادث من هذا القبيل سيكون بمثابة القشة التي ستقصم ظهر البعير، بحيث ستعود أعمال العنف إلى جميع أرجاء الضفة، مشددة على أن الانزلاق نحو العنف هو ليس نتيجة لقرار من هذا الطرف أو ذاك، بل انه سيكون عفويا، وهنا تقول الدراسة، إنه خلافا للماضي، فإن تأثر أعمال العنف على الأمتين العربية والإسلامية ستكون مختلفة ومغايرة، ذلك أن الشارع العربي والإسلامي هو الذي بات يُقرر للحكومات، ناهيك عن أن استعمال الجيش وسائل عنيفة سيؤثر على الشارع العربي، ويُشوه صورة إسرائيل المشوهة أصلا في الغرب.
الربيع العربي، تؤكد الدراسة، يمنح الفلسطينيين دعما معنويا عاليا للحصول على الدولة بالطرق السلمية، وفي ما إذا قررت إسرائيل الشروع في مفاوضات مع الفلسطينيين أو لا، فيتحتم على الحكومة عدم فرض العقوبات على السلطة الفلسطينية، وأن تمتنع عن ضم الكتل الاستيطانية، لأن خطوات من هذا القبيل، ستؤدي إلى تأجيج النزاع القائم، وسيتحول وضع إسرائيل إلى أكثر صعوبة، بسبب ردود الفعل الدولية، كما أن المس المتوقع بالسلطة الفلسطينية سيؤثر سلبا على المصالح الإسرائيلية، على حد تعبير الباحثين.
أما في ما يتعلق بمصر، فقالت الدراسة إنه وعلى الرغم من الوضع الداخلي الصعب في الدولة بعد الإطاحة بمبارك، فإنها تعمل مرة أخرى إلى التحول الى لاعب مركزي في المنطقة، وهذا الأمر سيلاقي ترحيبا في الشارع المصري، الذي صنع الثورة، ومن ناحية أخرى الإعلان رسميا عن التخلص من سياسة مبارك الخارجية، مشيرة إلى ان الدول العربية أكثر استعدادا اليوم لمنح مصر لعب دور الدولة القيادية، للتدليل على ذلك، فإن النظام الجديد تمكن من عقد المصالحة بين فتح وحماس. وبما أن الشارع المصري يؤثر بشكل كبير على دوائر صنع القرار في القاهرة، فهذا يفتح الباب على مصراعيه أمام تل أبيب لإجراء مفاوضات هادئة مع المصريين من أجل التنسيق في ما يتعلق بالشأن الفلسطيني، بالإضافة إلى ذلك، فإن الحوار الإستراتيجي بين القاهرة وتل أبيب يمنح إسرائيل الفرصة للتداول مع المصريين في كيفية السيطرة على سيناء وعدم تحولها إلى قاعدة لانطلاق العمليات الفدائية ضد الدولة العبرية، شريطة أن تتم المحادثات على النقاش في تغيير الملحق العسكري في اتفاقية السلام (كامب ديفيد).
ولفتت الدراسة إلى الأزمة التركية ـ الإسرائيلية مشددة على ان الجسور بين الدولتين تم إحراقها، وحسب تل أبيب فإن ذلك نابع من أن الحكومة التركية اتخذت قرارا إستراتيجيا بالتحول من الغرب وتركيز جل سياستها في منطقة الشرق الأوسط، وهذا الأمر صحيح، ولكن بالمقابل هناك تجاهل في إسرائيل من أن أردوغان كان وسيطا بين إسرائيل وسورية، وأنه حاول التقرب إلى الشرق الأوسط بالتنسيق مع تل أبيب، ولكن من غير المعقول أن أنقرة قررت اتخاذ سياسة معادية لإسرائيل بدون الأخذ بعين الاعتبار الخطوات الإسرائيلية العدائية ضدها، وبالتالي إذا تمكنت تل أبيب من إيجاد صيغة مقبولة للاعتذار، كما تطلب تركيا، فإن ذلك سيكون بمثابة فتح الطريق ثانية أمام تحسين العلاقات بين الدولتين ومنح تركيا لعب أدوار بين إسرائيل والدول العربية، كما تقترح الدراسة التوصل لاتفاق مع الأتراك على السماح لسفن الإغاثة بالوصول إلى قطاع غزة بعد فحصها.
مشيرة إلى أن سياسة تركيا القائمة على صفر مشاكل فشلت في سورية، واليونان وأرمينيا وقبرص والأكراد.
وخلص مُعدا الدراسة، الباحثان شلومو بروم وشمعون شتيرن، إلى القول إن السياسة الإسرائيلية الحالية، التي لا تُبادر على الصعيد الإقليمي أو في مجال العلاقات مع الفلسطينيين، أنْ تخدم المصالح الحيوية للدولة العبرية، وحذرا من أن الأمور السياسية الداخلية، مثل حل الائتلاف، تواصل كونها البوصلة للسياسة الخارجية لتل أبيب، وطالبا باستغلال الفرص التي نتجت عن التغييرات في المنطقة، من دون المس بالمصالح الأمنية للدولة العبرية، على حد تعبيرهما.