براعته الخطابة حتى مع توجيه القول ليغدو صحيحاً بعدما كان خاطئا !
ليست الخطابة مجرد القدرة على التحدث إلى جمهور الناس بل للخطابة فنون يرعاها كل خطيب راغب في الرقي المستمر ومن تلك الفنون القدرة السريعة على تصحيح الخطأ بحيث لا ينتبه المستمعون إلى حدوثه أساسا
...
هنا لدينا قصة للخطيب البارع سماحة الشيخ محمد تقي الفلسفي الذي ذاعت شهرته الخطابية في أرجاء الوسط الشيعي كله في العالم
يقول إنه سافر من إيران إلى ألمانيا لمهمة إسلامية بعثه فيها المرجع الكبير السيد البروجردي ( أعلى الله مقامه ) ومنها ورد إلى النجف الأشرف لزيارة العتبات المقدسة في العراق وهناك سمع نبأ ارتحال السيد البروجردي في إيران فأقيمت بهذه المناسبة الأليمة عدة مجالس فاتحة في مدرسة البروجردي الدينية وحضرها مراجع النجف وكبار أساتذة الحوزة فارتقى الشيخ الفلسفي المنبر وأخذ يتحدث للجماهير الحاشدة عن إنجازات المرحوم السيد البروجردي , وحيث أن نبأ الوفاة كان حديثا لم يثبت بعد في ذهن الشيخ الفلسفي الذي كان متعوّدا أن يُعقّب اسم السيد في حياته بدعاء ( متع الله المسلمين بطول بقائه ) ذكر اسم السيد هناك فعقّبه بهذا الدعاء أيضا !
فأخذ كبار العلماء الحاضرين الذين انتبهوا إلى هذا الخطأ يتبادلون النظر فيما بينهم ولكنهم فجأة وجدوا الشيخ الفلسفي قد دخل في التصحيح ببراعة قلّ لها مثيل فقال :
نعم متع الله المسلمين بطول بقائه أليس بقاء العالِم بآثاره وإنجازاته فهو حتى إذا مات فإن الله يمتع المسلمين ببقاء آثاره فالسيد البروجردي باق بينكم أيها المسلمون بكتبه ومدارسه التي بناها والحسينيات التي شيّدها إنها صدقات جارية أليس هذا يعني بقاء الإنسان الخيّر حتى إذا غاب جسمه ؟!