حتى يكتمل فلم "داعش" الهندي لابد من عميل سري يدخل الاسلام بصدق ثم يخرج منه ليترحم على"اليهود" من حجم الكره الذي يكنه لهم الاسلام الذي ماتعلم منه الى الكره والضغينة للآخر ...من دون ان يخبرنا هذا العميل الأبله إصراره على اختصار الاسلام في أعمال داعش مع علمه بأن اغلب عملياتهم هي ضد " المسلمين " ، وأن من احتضنهم اعلامياً وسياسياً و طبابة هم اليهود في إسرائيل ؟!!؟؟!
العميل ستورم: حياتي في قلب القاعدة والسي آي إيه
15/ 05/ 2015
طُلب مني أن أبحث، إن أمكن، عن كتاب يكشف بعض ما يدور وراء كواليس السياسة والحرب، وقد لفت انتباهي كتاب صدر في أيلول 2014 تحت عنوان جذاب "العميل ستورم. حياتي في قلب القاعدة والسي آي إيه" لثلاثة مؤلفين أهمهم مورتن ستورم، الدنماركي.
العنوان:AGENT Storm: My Life Inside al Qaeda and the CIA
العميل ستورم. حياتي في قلب القاعدة والسي آي إيه
المؤلف: Mortem Storm
الناشر: Atlantic Monthly Press
سنة النشر: أيلول 2014 (الترجمة الفرنسية شباط 2015)
كتاب غريب. كثيف. مُشكِل. يحار المرء فيه؛ هل يتحدث عن مؤلفه أم عن مضمون الكتاب؟ في النهاية الاثنان واحد، فهو يحكي سيرة حياة مورتن ستورم ومراحل حياته من ضياع وسجن وبحث عن الإيمان، ثم العثور على الطمأنينة الداخلية مع اعتناقه الإسلام، فالوقوع في التشدد فالتطرف فالانتساب إلى القاعدة، فالدخول في دائرة الشك وفقد الإيمان مجدداً، فالاتصال بأجهزة المخابرات الغربية... إلخ، وما يثير ذلك الخط من أسئلة وتساؤلات: لماذا دخل ولماذا خرج؟ كيف فهم الإسلام؟ ومن أفهمه الإسلام؟ وهل حقاً دخل الإسلام؟ وكيف هو يا ترى أن تدخل الإسلام؟ نحن ولدنا مسلمين، ورثنا إسلامنا عن أبوينا. أما هو، الأوروبي القادم من الشمال؟ كيف هو الدخول؟ كيف شعر، كيف أحس؟
والأهم من ذلك ما الذي رآه من بشاعة وعيوب حتى قرر الانسحاب؟ جميعنا نعرف ونردد جملة الإمام محمد عبدو الشهيرة: "رأيت الإسلام عندهم بدون أن أرى مسلمين، ورأيت المسلمين عندنا بدون أن أرى الإسلام"؛ فما الذي دفع بستورم إلى الارتداد بعد أن عرف حلاوة الإيمان (يقول إن خسارته للإيمان "كانت مخيفة بقدر ما كانت مفاجئة")؟ أم أنه لم يعرفها؟ أم أن أفعال المسلمين وسلوكياتهم قد بلغت حداً غطى على الإسلام وشوهه أكثر مما نتصور؟
يحكي الكتاب سيرة حياة مورتن ستورم ومراحل حياته من ضياع وسجن وبحث عن الإيمان، ثم العثور على الطمأنينة الداخلية مع اعتناقه الإسلام، فالوقوع في التشدد فالتطرف فالانتساب إلى القاعدة، فالدخول في دائرة الشك وفقد الإيمان مجدداً، فالاتصال بأجهزة المخابرات الغربية في محاولة منه للمساعدة على إيقاف "الإرهاب"، إلى مقتل العولقي الذي يدعي ستورم أنه لم يكن يريد ذلك "فهو صديقي وأخي ومرشدي" مع أنه ظل يزود الأمريكان بمعلومات سرية عن الرجل وتحركاته لسنوات! وتلك كانت بداية النهاية بينه وبين السي آي إيه.
يحكي ستورم حكايته بالتفصيل جداً، منذ أن كان صبياً في بيت هجره أبوه السكّير وعضواً في عصابة دراجات نارية سنة 1976 حتى نهاية عام 2013. فيأخذ بيدنا في رحلة أشبه بالركوب في قطار أفعواني على سكةٍ من الأحداث والمفاجآت المتسارعة، فنحبس النفس ونحن نقفز معه من سنوات الضياع، فالسجن، فاعتناقه الإسلام، فالسلفية، فلقائه مع الرجل الثاني بعد أسامة بن لادن أنور العولقي في أجواء أشبه بأفلام جيمس بوند. ثم نقرأ حوارات الرجلين وصداقتهما وكيف كان ستورم وسيطاً في زواج أنور من "الكرواتية الشقراء"؛ ثم تنقلاته من اليمن إلى كينيا إلى المغرب إلى طرابلس لبنان، إلى معسكرات التدريب في الصحراء، إلى اضطراب اليقين مجدداً بدءاً من 2006 (بسبب ما اعتبره تناقضاً داخل الإسلام حول مسألة الإرادة الحرة والقدر. وإنْ كان ما دفعه للعمل كجاسوس هو معارضته لأعمال العنف العبثية للقاعدة ضد المدنيين "بدأت أعيد النظر في بعض المبررات لقتل المدنيين" وأنه إن كانت لله إرادة في حدوث أمر ما، فلن يكون جزءاً من ذلك)، ثم اتصاله بالسي آي إن وبالمخابرات البريطانية والدنماركية في محاولة منه للمساعدة على إيقاف "الإرهاب"، إلى مقتل العولقي الذي يدعي ستورم أنه لم يكن يريد ذلك "فهو صديقي وأخي ومرشدي" مع أنه ظل يزود الأمريكان بمعلومات سرية عن الرجل وتحركاته لسنوات! وتلك كانت بداية النهاية بينه وبين السي آي إيه.
إنه حقاً جيمس بوند. كتاب جاسوسية مخابراتية عجيبة. علماً أن ستورم ليس هو الكاتب الفعلي، إذ استعان بكاتبين اثنين لصياغة الأفكار وترتيب الأحداث التي تدعو أكثر ما تدعو إلى التشكيك في حقيقتها إلى درجة أن الناشر قد أفرد صفحتين في بداية الكتاب ليشرح لماذا قصة ستورم فريدة من نوعها ولماذا علينا أن نصدق كلامه؛ فيقول إن ستورم قد أمده بالعديد من الوثائق الأصلية التي تثبت صحة كلامه: الإيميلات المتبادلة مع أنور العولقي، وفيديوهات للعولقي وللمرأة الكرواتية التي سافرت إلى اليمن لتتزوجه بتخطيط من ستورم، وعشرات الإيميلات المشفرة بين ستورم وعملاء للقاعدة في السعودية وأفريقيا، وتسجيلات لتحويلات مالية إلى جهاديين في الصومال، وتسجيلات للقاءاته مع أفراد من المخابرات الدنماركية والأمريكية سنة 2011، وصور له مع هؤلاء العملاء، وجوازات سفره وعليها تأشيرات الدخول والخروج منذ عام 2000، وفاتورةفندق مدفوعة باسم Mola Consult وهي شركة وهمية للمخابرات الدنماركية (تم حلها قبل أن يعلن ستورم عن شخصيته)...
إنه حقاً كتاب جاسوسية مخابراتية عجيبة. الإيميلات المتبادلة مع أنور العولقي، وفيديوهات للعولقي وللمرأة الكرواتية التي سافرت إلى اليمن لتتزوجه بتخطيط من ستورم، وعشرات الإيميلات المشفرة بين ستورم وعملاء للقاعدة في السعودية وأفريقيا، وتسجيلات لتحويلات مالية إلى جهاديين في الصومال، وتسجيلات للقاءاته مع أفراد من المخابرات الدنماركية والأمريكية سنة 2011، وصور له مع هؤلاء العملاء، وجوازات سفره وعليها تأشيرات الدخول والخروج منذ عام 2000، وفاتورةفندق مدفوعة باسم Mola Consult وهي شركة وهمية للمخابرات الدنماركية.
شغل الكتابوسائل الإعلام الغربية جداً، وظهر المؤلف في العديد من البرامج متحدثاً عن تجربته وبطولاته في دخول عالم القاعدة. وأكثر ما شد انتباه الإعلام دور ستورم في البحث عن زوجة ثالثة لصديقه العوالقي. وكيف عثر على تلك الفتاة الكرواتية الشقراء على موقع للتعارف على الإنترنت اسمه "مشجعات الإرهاب" (وكل ذلك بعلم ورعاية الـCIA)، وارتباط ذلك بنجاح فكرة استخدام المرأة "الشقراء" دائماً. الغريب أن جميع محادثاتها بالصوت والصورة مع العوالقي لا تزال محفوظة مع ستورم وقد كشفها بكل بساطة للإعلام وفي هذا، برأيي، خيانة حقيقية لصداقته المزعومة ولأدنى حدود احترام الخصوصيات.
المؤسف في الأمر ليس انقلاب ستورم عن الإسلام وما دعاه إلى ذلك بقدر ما هي الصورة التي بات ينقلها عن تجربته للغرب. ففي حديث له مع قناة إسرائيلية علىالإنترنت يبدو ستورم جاهلاً كليةً بالإسلام، متهماً إياه بالتحجر، مدافعاً عن اليهود. نعم لقد تحدث عما منحه له الدين الجديد من طمأنينة وسلام، لكنه يقول إنه في مسعىً منه للرقي أكثر في درجات العبادة والتقرب إلى الله انحدر سلوكياً! أي تعليم ديني كان يتلقى هذا الرجل؟: "كنت كلما تعمقت وكلما قرأت أكثر [تفاسير وأحاديث نبوية] وكلما التزمت بالتعاليم كلما زاد عندي الشعور بالكراهية [ضد الآخرين] إلى أن أصبحت سلفياً متطرفاً"! قيل له إن الإسلام هو الحقيقة الوحيدة، ففهم ذلك -أو أفهموه- أن تطبيق ذلك كره الآخر وإلغاء وجوده؛ وقيل له إن الجهاد هو أعلى مراتب الإسلام وأن المجاهد يذهب للجنة مع عائلته ويغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فأصبح إرهابياً. إرهابياً في عُرف من؟
المؤسف في الأمر ليس انقلاب ستورم عن الإسلام وما دعاه إلى ذلك بقدر ما هي الصورة التي بات ينقلها عن تجربته للغرب. ففي حديث له مع قناة إسرائيلية علىالإنترنت، يبدو ستورم جاهلاً كليةً بالإسلام، متهماً إياه بالتحجر، مدافعاً عن اليهود.
يسأله المذيع لماذا كل هذا الكره الذي تكنه الحركات الإسلامية لليهود؟ جواب ستورم كارثيّ إن دل على شيء فعلى جهله بالإسلام (أكرر القول). يقول: "لا بد أن هناك مشكلة بين النبي محمد واليهود"! ثم يضيف بتهكم أن الرسول يقول إن الله أمره أن يقاتل حتى لا يكون على الأرضدين غير الإسلام وحتى يشهد الناس أنه رسول الله؛ وهذا في نظره تطهير عرقي! ثم يتطرق للحديث النبوي أن القيامة لن تقوم حتى "يقتل المسلمون اليهود"، فيرى أن في هذا فكر نازي معاد للساميّة، وأن في الإسلام فكر أيديولوجي يدعو للتطهير العرقي (لأن الله قد طلب من محمد أن يخرج اليهود من جزيرة العرب) وأننا إن لم نعترف بذلك فلن نستطيع مواجهة الأمر، ثم يتباكى على اليهود المساكين وعلى المسيحيين المضطهدين.
هناك مشروع الآن لتحويل الكتاب إلى فيلم سينمائي بتوقيع هوليوود طبعاً، وبوسعنا أن نتخيل منذ الآن كيف ستكونصورة المسلم في هذا الفيلم وصورة بلاد العرب. في المحصلة، هل علينا أن ندافع عن أنفسنا أمام هكذا كتاب اتهاميّ علماً أن ستورم يقول إنه إنما يصف عقلية المسلم المتطرف فقط؟ أم نعزي أنفسنا بأن المؤلف متقلب المزاج لا يثبت على رأي ولا على عقيدة ألا يكفي أنه كان عميلاً "رباعياً" وليس مزدوجاً فقط (للقاعدة وللـCIA ولـM16 والـPET)؟ أم ننتظر عرض الفيلم ونتفرج "علينا" مع المتفرجين؟ يحضرني هنا جواب لمفتي مصر سنة 2008 على سؤال حول صحفي مصري ارتد عن الإسلام والتجأ للفاتيكان الذي استقبله استقبال الفاتحين، بأن الله قد كفل للبشرية جمعاء حق اختيار دينهم دون إكراه أو ضغط خارجي ثم أضاف باللهجة المصرية المحببة: "يا عمي سيبه! هو كل ما حد خرج من الإسلام حنجري وراه ونلم الدنيا! سيبه بالناقص مجنون".