بقلم : المفكر والباحث الاسلامي “احمد الكاتب”
واما في العراق فلم يكن يهم الخوئي سوى الحفاظ على ”المرجعية والحوزة“ ولم يكن يتدخل في الشؤون العراقية، أو الدفاع عن الشعب العراقي (الشيعي) في مواجهة الديكتاتورية والطغيان، ولم يتخذ بالطبع أي موقف ثوري، أو معارض، فضلا عن التفكير باسقاط النظام أو اقامة نظام ديمقراطي.
وبالرغم من وجود حركة شعبية اسلامية (شيعية) معارضة لنظام صدام، فانه نأى بنفسه عن أي شئ يزعج حاكم بغداد، بل على العكس اتخذ مواقف سلبية لصالح النظام، فافتى بجواز الانتماء لحزب البعث، وبرر ذلك بالتقية. في الوقت الذي كان تلميذه الشهيد السيد محمد باقر الصدر يحرم الانتماء للحزب ويتعرض للسجن والتعذيب والقتل.
الكشميري، بين قوسين، ص ٢٣
يقول الخطيب النجفي المعروف السيد محمد حسن الكشميري، في كتاب : (محنة الهروب من الواقع)
”استفتى الحاج سليم القرقجي حول الانتماء لحزب البعث فأجاب السيد محمد باقر الصدر بكل شجاعة بالحرمة، واستفتى الخوئي فأجاب بالجواز، ولما كلمه احد اصدقائه في ذلك وهو السيد مهدي اخوان مرعشي، رد عليه بأنه يخشى أن يكون هذا الرجل مرسلا من القيادة الحزبية.
ونفس الحالة استفتى احدهم للترشح لعضوية مجلس الشعب عام ١٩٧٩ أجاب المرحوم الخوئي بالجواز في حين أجاب بعكسه الشهيد الصدر. لقد ناقش أحد تلاميذ الشهيد الصدر استاذه في ذلك وذكر له أن الامام الخوئي أجاب بالجواز فاسقط ما في يده وبقي مصفر الوجه لدقائق، واتذكر أنني والسيد عامر الحلو ذاكرناه في ذلك فأجاب بأن سبب الدمار في العراق هو ضعف مرجعية الامام الخوئي من جانب وبطش حزب البعث من جانب آخر“.
الكشميري، محنة الهروب، ص ٤
الخوئي الى لندن للعلاج عام ١٩٧١
وعندما قرر صدام حسين عام ١٩٧١ ان يهاجم الحوزة ويخلي النجف من الوجود الحوزوي ومن الايرانيين من التجار والحرفيين وغيرهم، قام الخوئي بالتنسيق مع اجهزة النظام بالسفر الى لندن بحجة العلاج واجراء بعض الفحوص الطبية، ولم يشارك بأي عمل سياسي او دبلوماسي أو اعلامي لوقف حملات التهجير القسرية بحق المواطنين الايرانيين المقيمين في العراق، وعلماء الدين في النجف، وقد قام المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى في لبنان بحملة استنكار، وابرق رئيسه الامام موسى الصدر الى الأمين العام للأمم المتحدة و جامعة الدول العربية والى مكتب الفاتيكان وغيرهم مطالبا إياهم بالتدخل ووقف الاعتداء على الحوزة.
وهنا قام صدام باسكات هذه الحملة الدعائية، وذلك بأن ارسل مساعده علي رضا الى لندن ليمثله في عيادة الخوئي، ثم وجه له سؤالا كتبيا كما يلي:
سماحة المرجع الأعلى السيد ابو القاسم الخوئي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل رأيتم من حكومة البعث في العراق ما ينافي الدين؟ أو الانسانية بالنسبة الى شخصكم الكريم او الى الحوزة العلمية أو الى الايرانيين؟ فقد ذكر بعض المغرضين أن الحكومة تعاملهم معاملة سيئة.
افتونا مأجورين
علي رضا في ٢٥/١٢/ ١٩٧١م
التوقيع
وقام الخوئي بكتابة الجواب التالي:
بسمه تعالى شأنه
اني لم أر من الحكومة الموقرة الا خيرا، أما بالنسبة الى الحوزة العلمية والايرانيين فقد سمعت من بعض الثقات أن الحكومة تعاملهم معاملة حسنة.
والله ولي التوفيق، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الخوئي
٨ ذق/ ١٣٩١هـ
الختم
عاد بعدها علي رضا الى العراق وتولت الاذاعة والتلفزيون اذاعة هذه الرسالة أكثر من عشر مرات، وقضت بذلك على الحملة العالمية ضد نظام البعث، وهجر الايرانيون من العراق.
وبعد انتهاء المهمة عاد الامام الخوئي الى النجف الأشرف. ولم يعرف أحد الى الآن من هم الثقات الذين عناهم بجوابه هل هم أولاده أم اصهاره أم من حولهم؟
الخوئي وصدام بعد الانتفاضة
ونأتي الى آخر المواقف المتخاذلة للمرجع الخوئي تجاه صدام حسين، فهو لم يكتف بالحياد والسكوت، وانما اتخذ موقفا معاديا لانتفاضة الشعب العراقي في آذار ١٩٩١، وهي تلك الانتفاضة التي حدثت في اعقاب هزيمة الجيش العراقي في حرب الكويت، وسيطر المنتفضون على أربعة عشر محافظة عراقية وكادوا يسقطون نظام صدام، قبل أن يتفاهم هذا مع القوات الأميركية خوفا مما اسموه الشيعة وايران. وقد قام صدام باستجلاب الخوئي الى قصره ، ودار بينهما الحوار التالي الذي نقله التلفزيون العراقي:
قال الخوئي لصدام: اسأل الله ان يقوي شكيمتك وينصرك، كنت أتمنى ان ازورك في فرصة غير هذه. واما المنشور الذي كتبته وأصدرته فهو لحفظ الأمن والممتلكات لأن هؤلاء دمروا كل شئ وقتلوا الناس وتركوا الجثث في الشوارع.
وهنا قال صدام: هذا يقبل به الاسلام؟
ورد الخوئي: أبدا لا ربط له بالاسلام، ان هؤلاء غوغاء همج قتلوا وحرقوا ودمروا.
فقال صدام: نعم وسمعنا ان سيارتك دمروها.
فقال الخوئي: نعم كسروها
ورد صدام: ما هي سياراتك؟
فنظر الخوئي الى ولده، وهنا نطق الولد: سيدي وحدة مرسيدس ووحدة كراوون،
فقال صدام: يا الله نعوضك، هسا انت شلونك؟
فرد الخوئي:أنا كما ترى اريد أن أموت
فقال صدام: الموت حق ولك العمر، يالله سلم عنا
ثم نهض الخوئي لينفرد به المذيع التلفزيوني ويحاصره بالأسئلة، والخوئي يردد: ان هؤلاء همج والاسلام لا يجيز هذه الأعمال، ويحمل المسؤولية لقادة المعارضة.
الكشميري، جولة في دهاليز مظلمة، ص ١٨
----------------------------------------------------------------------------------------------------
هي اسئلة كنا نتداولها لماذا ظلم صدام لم يحرك مرجعية النجف الا من قبل الصدر الاول والثاني وهل الفرائض والعبادات اهم من النفس ودماء الابرياء؟؟؟؟
لماذا صدام المتهور سكت عن بعض المراجع وهو الطاغية الجريء الصلف؟؟؟؟؟
لماذا قتل بعظهم بالاعدامات والحوادث وترك الاخرون يلهون بالفتاوي البعيدة عن ظلمه وحزبه؟؟