[align=center]مقدمة الكتاب[/align]
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]
وردت طلبات أن أتحدث في تفسير بعض الآيات القرآنية الشريفة في حين أن تفسير القرآن ليس من المهمات التي يستطيع أمثالنا أداء حقها بل إن علماء الطراز الأول ـ من العامة والخاصة ـ صنفوا ـ طول التأريخ الإسلامي ـ كتبا كثيرة في هذا الباب ومساعيهم مشكورة بلا شك ولكن كل منهم لم يقم بأكثر من كشف أحد أغطية القرآن الكريم وفقاً لتخصصه، وحتى في هذا الحد ما من يقين أن التفسير جاء كاملا.
فمثلا عمد العرفاء على مدى قرون عدة إلى كتابة تفاسير عديدة وفق طريقتهم وهي الطريقة المعرفية، أمثال محي الدين (إبن عربي) في بعض كتبه وعبد الرزاق الكاشاني في تأويلاته والملا سلطان علي في تفسيره وبعضهم أجاد التصنيف وفق هذا الفن ولكن القرآن لا ينحصر فيما صنفوا فما قاموا ب هو إزاحة بعض الحجب عن القرآن الكريم وقراءة بعض أوراقه.
كما قام الطنطاوي وأمثاله وكذلك السيد قطب بتفسير القرآن بطريقةٍ أخرى هي أيضاً ليست تفسيرا للقرآن بكافة معانية فهم أيضاً كشفوا غطاء واحدا آخراً عنه.
وللكثير من سائر المفسرين ـ من غير هاتين الطائفتين ـ تفاسير كتفسير "مجمع البيان " وهو تفسير جيد جامع بين أقوال العامة والخاصة، وحال هذه التفاسير كحال سابقاتها فالقرآن ليس ذاك الكتاب الذي نستطيع نحن أو غيرنا تصنيف تفسير جامع له يحوي كافة علومه كما هي، ففيه علومٌ هي فوق ما نفهم نحن، نحن نفهم ظاهراً منه ونفسر غطاءً منه والباقي يحتاج إلى تفسير أهل العصمة وهم المعلمون بتعليمات رسول الله.
[align=center]التفسير بالأهواء[/align]
وقد ظهر في الآونة الأخيرة أشخاص ليس من أهل التفسير أصلاً أرادوا تحميل ما لديهم من أفكار على القرآن والسنة حتى أن فئةً من اليساريين والشيوعيين عمدت إلى التستر بالقرآن أيضاً لعرض بضائعهم، وهؤلاء لا علاقة لهم أصلاً بالتفسير ولا بالقرآن فما يريدونه هو خداع شبابنا بما يقدمونه لهم على أنه هو الإسلام.
وعلى هذا فما أريد التنبيه إليه هو أنه لا ينبغي للذين لم يصلوا بعد إلى المستويات العالية من النضوج العلمي أن يدخلوا مضمار التفسير، فلا ينبغي للشباب غير المطلع على المعارف الإسلامية إقتحام ميدان تفسير القرآن وإذا حدث أن تطفل أمثال هؤلاء لغايات وأهداف ما على ميدان التفسير فلا ينبغي لشبابنا أن يولوا أهمية أو يقيموا وزناً لمثل هذه التفاسير فقد ورد في الإسلام نهيٌ صريحٌ عن "التفسير بالرأي" (من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار " حديث نبوي مشهور راجع كتاب القرآن في الإسلام للعلامة الطباطبائي ص82 طبعة منظمة الإعلام الإسلامي وكتاب التعرف على القرآن للشهيد المطهري ص 25 طبعة وزارة الإرشاد في الجمهورية الإسلامية والحديث المذكور يرويه الشيخ الصدوق عن النبي الأكرم (ص) في الغنية وأخرجه الترمذي في صحيح ج11 ص 67) كأن
يعمد أيٌ كان إلى تلبي آرائه على القرآن فيطبق المادي أفكاره على بعض الآيات القرآنية فيفسر القرآن وفق رأيه، أو أن يعمد أحد أصحاب الآراء المعنوية والروحية إلى تأويل كل ما في القرآن الكريم ويرجعه إلى ما يعتقد هو.
إن اللازم هو أن نجتنب كل ذلك فأيدينا ليست مطلقة العنان في هذا المضمار والباب ليس مفتوحاً على مصراعيه لكي يعمد الإنسان إلى تحميل كل ما يصله عقله على القرآن فيقول هذا ما يقوله القرآن.
[align=center]تفسيراتنا هي على نحو الاحتمال[/align]
وحيث أني أتحدث ببعض الكلمات حول بعض من آيات القرآن الكريم فلا أدعي أن ما أقوله هو المراد والمقصود فيها، فما أقوله هو على نحو الاحتمال لا الجزم ولن أقول بأن المراد هو هذا لا غير.
وإستجابة لما طلبه بعض السادة من أحاديث في هذا الباب قررت أن أتناول كل عدة أيام مرة ـ كأنه يكون في الأسبوع مرة ـ وضمن وقت محدود السورة الأولى في القرآن وإحدى السور الأواخر وأتحدث عنها بصورة مختصرة إذ لا يتسنى التفصيل لا لي ولا للآخرين وأكرر القول بأن هذا التفسير ليس على نحو الجزم وليس أنه هو المراد لا غير، إذ أن مثل ذلك هو من التفسير بالرأي فما نعرضه ما يصله نظرنا ما نفهمه فنقوله على نحو الاحتمال.