القول بالولاية التكوينية للأئمة غلو وتفويض و شرك
دأب الشيخ علي الكوراني ، الذي يكتب هنا باسم (العاملي) منذ فترة على نشر فكرة الولاية التكوينية لأئمة أهل البيت عليهم السلام ، وذلك تبعا لاستاذه الجديد الشيخ الوحيد الخراساني الموجود في قم ، ويعني بالولاية التكوينية – كما صرح في عدة مواقع – تفويض الله تعالى للأئمة الخلق و الرزق وما الى ذلك من أعمال الله تعالى ، وان الأئمة هم وسائط فعاليات مخلوقاته ، ويقول: ان هذا تفويض صحيح لا ينافي الايمان بالله.
وقد أخذ الكوراني في مقدمة كتاب (الحق المبين) على عامة الشيعة وما سماه بالاتجاه الالتقاطي الشيعي ،و بالذات الشهيد السيد محمد باقر الصدر رحمه الله ، انكار ما أسماه عددا من فضائل الأئمة ومقاماتهم من قبيل انهم وسائط عطاء الله وفيضه . أما استاذه الوحيد الخراساني فيعتقد بأن الأئمة هم "فاعلو ما به الوجود " وان الله "منه الوجود" ويقول بناء على ذلك بصراحة :"ان امام العصر صار عبدا ، وعندما صار عبدا صار ربا ، فالعبودية جوهرة كنهها الربوبية ، فمن ملك هذه الجوهرة تحققت ربوبيته بالله تعالى لا بالاستقلال ، بالنسبة الى الأشياء الأخرى" (ص 39 مقتطفات ولائية) محاضرة بتاريخ 13 شعبان 1411 في قم.
وفي الحقيقة ان الكوراني و الوحيد الخراساني و اصحابهما يأخذون هذه الأفكار المغالية من بعض الأحاديث الضعيفة المدسوسة في تراث أهل البيت ، واعتمادا على بعض الخرافات و الأساطير ، دون ان يقوموا بأي تحقيق او اجتهاد او دراسة فيها ، ودون ان يعيروا أي اهتمام للأحاديث الصحيحة الموجودة في تراث أهل البيت ، فضلا عن القرآن الكريم الذي يدعو الى توحيد الله و عدم الشرك به أدنى درجة من الشرك.
وقد كان الذين يقولون بهكذا نظريات في التاريخ الشيعي ، يعرفون بالمفوضة وهم فرقة من الغلاة الملعونين الذين كان أهل البيت يتبرأون منهم أشد التبرؤ ، فقد سئل الامام الرضا عليه السلام : ما تقول في التفويض؟ قال: ان الله تبارك وتعالى فوض الى نبيه أمر دينه ، فقال :" وما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا" فأما الخلق و الرزق فلا ، ثم قال: ان الله عز وجل يقول:" الله خالق كل شيء" وهو يقول:" الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء؟ سبحانه و تعالى عما يشركون".
وروى ابو هاشم الجعفري ، قال سألت أبا الحسن الرضا عن الغلاة و المفوضة ، فقال: الغلاة كفار و المفوضة مشركون ، من جالسهم او خالطهم او آكلهم او شاربهم او واصلهم او زاوجهم او تزوج منهم او آمنهم او ائتمنهم على أمانة او صدق حديثهم او أعانهم بشطر كلمة خرج من ولاية الله عز وجل وولاية رسوله وولايتنا أهل البيت.
ومن هنا فقد قال الشيخ محمد جواد مغنية ، الكاتب الاسلامي المعروف و رئيس المحكمة الشرعية الجعفرية العليا ببيروت سابقا:" الغلاة أصناف... ومنهم المفوضة ، قالوا : ان الله خلق الأئمة ثم اعتزل تاركا لهم خلق العالم و تدبير شؤونه ، وقد ذكر الشهرستاني في كتاب الملل و النحل فرقا عدة للغلاة و لكن هذه الفرق كلها ترجع الى ان الأئمة آلهة او أشباه آلهة او أنصاف آلهة. و على أي حال فان للغلاة دينهم الخاص و هو لا يمت الى الاسلام بصلة ، و ما زال كثير من الكتاب ينسب جهلا او تنكيلا عقيدة الغلو الى جميع فرق الشيعة حتى الامامية ، مع ان الامامية قد استدلوا بكتب العقائد و الأصول على كفر الغلاة ووجوب البراءة منهم ومن كل ما فيه شائبة الغلو ( قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق و لا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا و ضلوا عن سواء السبيل) وقد استدلوا بقول الامام علي " هلك فيّ اثنان مبغض قال و محب غال" وقول الامام الصادق عليه السلام:" من أحب الغلاة فقد ابغضنا ومن ابغضهم فقد أحبنا ، الغلاة كفار و المفوضة مشركون ، لعن الله الغلاة ، ألا كانوا نصارى؟ ألا كانوا قادرية؟ ألا كانوا مرجئة؟ ألا كانوا حرورية؟ " أي خوارج ، فالامامية يعتقدون ان الخوارج الذين حاربوا عليا افضل من الغلاة الذين ألهوه و ألهوا أبناءه ، و اجمع علماء الامامية على نجاسة الغلاة و عدم جواز تغسيل و دفن موتاهم و على تحريم اعطائهم الزكاة او تزويجهم او توريثهم.
(راجع صفحة 379 مجلة رسالة الاسلام العدد 24 ، الصادرة عن المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية ، في ايران)