بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الانبياء وخاتم المرسلين سيدنا محمد وعلى اهل بيته الطيبين الطاهرين المعصومين .


في كتابه من فقه الزهراء عليها السلام .. الامام الشيرازي رضوان الله عليه :


مبدع فقه الزهراء _ عليها السلام _

إضافة هامة وفريدة ابدعها سماحة آية الله العظمى الامام السيد محمد الشيرازي رضوان الله عليه , الى موسوعته الفقهية التي بلغت 150 مجلداً .. والى الفقه الشيعي بصورة عامة .. عندما ألف كتاب ( من فقه الزهراء عليها السلام ) .. في مبادرة غير مسبوقة .. فلاول مرة في تاريخ الفقه الاسلامي يتصدى سماحته لاستنباط الاحكام الشرعية من احاديث وكلام وخطب وافعال وتقريرات الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام .. باعتبارها حجة من حجج الله سبحانه على الخلق .. بل هي حجة على اولادها الائمة الاطهار عليهم السلام , كما اشار سماحته في مقدمة موسوعته الفقهية ( من فقه الزهراء عليها السلام ) مستشهداً بحديث الامام العسكري عليه السلام : ( وهي حجة علينا ) . . وبهذه الخطوة المتميزة .. قام الامام الشيرازي رضوان الله عليه برفد الفقه الاسلامي بمصدر عظيم .. ظل مجهولاً على مدى قرون .. وذلك كنتيجة لمظلومية صاحبة ذلك المصدر .. وهي الصديقة الطاهرة عليها السلام ال ( مجهولة قدراً والمهضومة حقاً ) .. كما اشار سماحته في بداية المجلد الاول , مشيراً الى ان ( من مصاديق مجهولية قدرها عدم الاستفادة من كلماتها وخطبها في _ الفقه _ وعدم ادراجها ضمن الادلة او المؤيدات التي يُعتمد عليها في استنباط الاحكام الشرعية ) .
الكتاب _ الموسوعة .. هو في حد ذاته رد على ذلك النهج الذي يشكك في مقام الزهراء عليها السلام وينكر مظلوميتها تحت شعار الحفاظ على الوحدة الاسلامية .. وقد تمكن سماحة الامام الشيرازي رضوان الله عليه من مواجهة ذلك النهج بصورة علمية ودليلية رائعة .. فالحفاظ على الوحدة الاسلامية لا يتم عبر انكار مقامات الزهراء ومظلوميتها .. بل على العكس من ذلك تماماً .. تعريف الامة بمقامات الزهراء ومنزلتها والتعرف على مظلوميتها هي من اهم مقومات الوحدة الاسلامية .. سيما انها بنت رسول الله صلى الله عليه وآله .. ولا يختلف على مقامها الشامخ ومنزلتها احد .. فهي بذلك مشروع توحيد للامة .. اذا احتكمت اليها .. وتوافقت على التسليم بمنطقها عليها السلام . وعندما يقوم سماحة الامام رضوان الله عليه باستنباط مئات المسائل والاحكام الشرعية من حديث الكساء او من خطبتها عليها السلام في المسجد ضد ظالميها .. مشفوعاً بالادلة التاريخية ومؤيداً بالآيات القرآنية واحاديث النبي صلى الله عليه وآله واهل البيت عليهم السلام .. فانه بذلك يقدم ابلغ رد على اولئك المشككين في وقوع الحادثة اساساً .. او في سند حديث الكساء .. تحرى سماحته خلال مباحث الكتاب الدقة وتميز بالالتفاتات اللطيفة , متبعاً اسلوب ( فقه الحديث ) في تحليل كلمات الزهراء عليها السلام .. تقع الموسوعة الفاطمية في عدة مجلدات طُبع منها حتى الآن ( 6 ) مجلدات : المجلد الاول والثاني حول حديث الكساء .. والمجلدات التالية حول خطبتها عليها السلام في المسجد .. ولا تزال البقية بانتظار الطباعة .



استفتاءات
حول السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)
بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة آية الله العظمى الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي (دامت بركاته)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إذا سمحتم وتفضلتم بالإجابة على الأسئلة التالية التي تطرح هذه الأيام في بعض المجتمعات ولكم جزيل الشكر:
س1: هل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وابنته فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) والأئمة الإثنا عشر (عليهم السلام) معصومون؟
وما هي عصمتهم؟
هل هي عن المعصية فقط، أم عنها وعن الخطأ والنسيان، أم عنها وعن النوم الغالب حتى يمضي وقت الصلاة؟
ج1: بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، النبي الأعظم وابنته فاطمة الزهراء وأمير المؤمنين والأئمة الأحد عشر من ذريتهما (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) كلهم معصومون عن كل معصية وكل خطأ ونسيان وعن النوم الغالب حتى يمضي وقت الصلاة بل إنهم معصومون حتى من ترك الأولى، وقد تحدثنا عن الأدلة العقلية والنقلية على هذه العصمة في العديد من كتبنا في أصول الاعتقاد والفقه.
س2: هل نسبة العصمة عند المعصومين الأربعة عشر (عليهم الصلاة والسلام) واحدة أم مختلفة؟
ج2: درجات عصمتهم (عليهم الصلاة والسلام) بنسبة واحدة ومتساوية.
س3: ذكرتم في كتابكم القيم (من فقه الزهراء عليها السلام) ـ أكثر من مرة ـ أن للزهراء (عليها السلام) مرتبة عالية، فما هي حدود هذه المرتبة؟ هل تفوق الأئمة (عليهم السلام) جميعاً، أم بعضهم، أم أن الأئمة (عليهم السلام) يفوقونها في المرتبة؟
ج3: نعم إن لفاطمة الزهراء (عليها السلام) مرتبة عالية لكن دون مرتبة أبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهي كفؤ لبعلها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وفوق مرتبة بنيها الأئمة الأحد عشر (عليهم الصلاة والسلام).
س4: ذكرتم أيضاً في نفس المصدر بعض الحوادث التي حصلت بعد ارتحال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فما هو نظركم فيها؟
ج4: قد أخبر القرآن الكريم عن ذلك، حيث قال: ( أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) (1).
س5: هل أن فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) شهيدة؟ وقد ذكرتم في كتابكم القيم (من فقه الزهراء عليها السلام) أنها استشهدت؟
ج5: نعم ورد ذلك في روايات صحيحة وقد ذكر في كتب التاريخ أيضاً.
س6: هل أنها (عليها السلام) كانت صديقة، كما قال القرآن الكريم عن مريم بنت عمران بأنها كانت صديقة؟
ج6: نعم ورد في الأثر المعتبر بأنها (عليها السلام) كانت صديقة، ولذا غسلها كفؤها الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) مع وجود امرأة كان يمكنها أن تقوم بذلك، حيث أن الصديق لا يتولى غسله إلاّ صديق، وهي (عليها السلام) أفضل من مريم الصديقة (عليها السلام) كما صرح بذلك المتواتر من الروايات الشريفة.
س7: ما هو تقييمكم للتواريخ التي ذكرت ضرب الزهراء (عليها السلام)، وغصب فدكها، وعصرها بين الحائط والباب، واسقاطها محسناً (عليه السلام)، وأمثال ذلك؟
ج7: كل ذلك ثابت وصحيح.
س8: ما هو نظركم بالنسبة إلى الولاية التكوينية والتشريعية للمعصومين الأربعة عشر (عليهم السلام) بصورة عامة، ولفاطمة الزهراء (سلام الله عليها) بصورة خاصة، وقد نوهتم عنهما في كتابكم القيم (من فقه الزهراء عليها السلام)؟
ج8: دلت الأدلة المعتبرة المؤيدة بالموارد الكثيرة: أن فاطمة الزهراء وسائر المعصومين (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) لهم جميعاً الولاية التكوينية والتشريعية معاً، وقد جاء في زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) التي قال عنها الشيخ الصدوق عليه الرحمة: (إنها اصح زياراته (عليه السلام) رواية) ما يلي: (إرادة الرب في مقادير أموره تهبط إليكم وتصدر من بيوتكم والصادر عما فصل من أحكام العباد).
س9: ما هو نظركم في الرجعة، أصلها، نسبتها، وإلى أي واحد من المعصومين (عليهم السلام)؟
ج9: الرجعة ثابتة بالأدلة المعتبرة، أصلها من القرآن الكريم ونسبتها لجميع المعصومين الأربعة عشر (عليهم السلام) وتبدأ بعد ظهور الإمام الثاني عشر المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف).
س10: هل الدليل على إمامة المهدي (عليه السلام) يختلف عن دليل إمامة الأئمة الآخرين (عليهم السلام) أم لا؟
ج10: كلا.. لا اختلاف، فإن هناك أدلة مشتركة على إمامة الأئمة الإثني عشر (عليهم السلام)، وهي عشرات الآيات القرآنية المأولة ـ حسب الروايات المعتبرة والمتواترة ـ بالأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) ومتواتر الروايات ومختلف الأدلة العقلية القاطعة، كما أن هناك أدلة عقلية ونقلية خاصة على إمامة كل واحد من الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) وكذلك الإمام المهدي (عليه السلام) فقد ورد بشأنه آلاف الروايات في مئات الكتب، إضافة إلى الأدلة العقلية القائمة على إمامته صلوات الله عليه.
س11: هل الحديث الشريف المروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (الأئمة بعدي إثنا عشر) متواتر عندكم؟ وهل هناك شبهة في ولادة الثاني عشر منهم، وهو الإمام المهدي عليه الصلاة والسلام؟
ج11: الحديث متواتر ولا شبهة في ولادة الإمام الثاني عشر (عليه السلام) والأدلة عليها كثيرة، فإنه لولا الحجة لساخت الأرض بأهلها، وإنه لو كان اثنان يعيشون على الأرض لكان أحدهما الحجة، كما ورد بذلك متواتر الروايات بالدلالات المتعددة.
س12: ذكرتم في كتابكم القيم (من فقه الزهراء عليها السلام) اهتمامها صلوات الله عليها بالدفاع عن ولاية بعلها الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وبنيها الأئمة الأحد عشر (عليهم السلام)، فما هو حدود ذلك؟ وهل يجب علينا أيضاً ذلك في هذا الزمان؟
ج12: لقد كانت فاطمة الزهراء (صلوات الله وسلامه عليها) المدافعة الأولى بعد أبيها النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) عن ولاية الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وفي هذا السبيل ضحت بنفسها وابنها المحسن (عليه السلام) وما تركت مجالا يمكن الانتصار من خلاله للإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وإثبات حقه إلاّ استفادت منه، والواجب على المؤمنين الاقتداء بها (صلوات الله وسلامه عليها)، وذلك بما يناسب كل زمان ومكان وحسب الشروط الشرعية المذكورة في كتب الفقه، فإن كل قول وعمل وتقرير منها حجة شرعية.
س13: ذكرتم في المصدر نفسه أيضاً: استحباب رواية خطبة فدك، لرواية عدد من المعصومين (عليهم السلام) لها، فهل ترون أيضاً استحباب ذكر كل ما يتعلق بفاطمة الزهراء (عليها السلام) مما جرى عليها بعد أبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟
ج13: نعم يستحب ذلك جميعاً، وكله لا يخلو من كونه من قولها (عليها السلام) أو فعلها أو تقريرها، وكلها حجة كما ذكرنا، وما خرج عن ذلك مما يتعلق بفضائلها ومناقبها (صلوات الله وسلامه عليها)، فلا إشكال في استحباب ذكره ونقله ونشره، بل قد يجب ذلك إذا كان مصداقاً للواجب من الأمر بالمعروف والدعوة إلى الخير وترويج الدين الحنيف.
س14: ذكرتم في الجزء الأول من كتابكم القيم (من فقه الزهراء عليها السلام) أنها صلوات الله عليها كانت ممن فرض الله طاعتهم على جميع الخلائق، واستندتم في ذلك إلى بعض الروايات، فهل هذه الروايات بنظركم الكريم معتبرة؟
يرجى من سماحتكم الجواب ولكم من الله جزيل الأجر والثواب.
ج14: نعم إن هذه الروايات معتبرة وقد أكدنا اعتبارها في الكتاب المذكور وذكرنا غيرها من الأدلة الأخرى هناك أيضاً، كما وقد ذكرنا تفصيلاً لبعض المذكورات في كتابنا (الفقه: البيع) وفي العديد من كتبنا الأخرى.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من زمرة المتمسكين بها وبأبيها وبعلها وبنيها (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين)، ومن المتبرئين من أعدائهم، ومن الذاكرين لفضائلهم، والناشرين لآثارهم، والمروجين لتراثهم، والفائزين بولايتهم في الدنيا والآخرة، إنه قريب مجيب، والسلام عليكم وعلى جميع إخواننا المؤمنين ورحمة الله وبركاته.
محمد الشيرازي