مشكلة الإيدز من منظور ديني

1 ـ من سنن الله في خلقه معاقبة المفسدين في الأرض في الدنيا والآخرة، ومن كتاب الله وسنة رسوله نلاحظ الحرص الشديد على تحريم المجاهرة بالإثم من قول أو فعل لتسود في المجتمع صورة الفضيلة وينزوي مرتكب الرذيلة في خجل بعيداً عن الأنظار فلا يشجع غيره على الانزلاق في الإثم، يقول تعالى: (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون) النور/ 19.
ويقول تعالى: (ولا تقربوا الزنا انه كان فاحشة وساء سبيلاً) الإسراء/ 3.
والنهي عن الاقتراب يعني تجنب كل المقدمات ووسائل الإثارة التي تؤدي إليه.
وقد ظهر الإيدز في وقت تلاشت فيه أي ضوابط على الجنس في بعض المجتمعات الأفريقية واعتبرته الدول الصناعية من قبيل الحرية الشخصية بل وأباحت حق الشذوذ الجنسي. ومن هنا كانت العلانية في الإباحية الجنسية سبباً في نزول عقاب الله بداء جديد.
2 ـ من سنن الاسلام تسهيل الزواج للشباب لحماية كيان المجتمع. من واجب الأسرة والمجتمع والدولة تحطيم كافة التقاليد والعوائق التي تجعل الزواج صعباً ومكلفاً للشباب وتيسير اقامة الأسرة الجديدة.
3 ـ الاسلام يدعو للوقاية والحذر من كل ما يضر النفس، يقول تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) البقرة/ 195.
والمسلم ملزم باتخاذ اجراءات الوقاية من العدوى تطبيقاً لنصوص إسلامية صريحة والتفريط فيها معصية ومصير المنتحرين في النار.
4 ـ لا يجوز لمسلم أن يكون مصدر ضرر للآخرين، لذلك فحامل العدوى ملزم شرعاً بالاحتياط من أن يكون سبباً في نشرها بين الناس. وفي أحاديث الطاعون يوضح الرسول (ص) أن مَن يتجنب مغادرة موطن الوباء حتى لا ينشر العدوى في مناطق جديدة ثم يموت يكون عند الله شهيداً.
5 ـ المريض في الاسلام له حقوق إنسانية، مهما كان سبب مرضه، والمرض له حرمة فهو كفارة للذنوب.
ومن هذا المفهوم الاسلامي يجب أن تكون النظرة لحاملي المرض فلا يجوز جرح مشاعرهم بسبب المرض ولعلهم ضحايا أبرياء لنقل دم عارض.
- النظرة الوقائية الشاملة:
هناك حقائق تؤخذ في الاعتبار عند التفكير في الوقاية من الإيدز:

1 ـ ليس هناك في العالم بلد أمن من الإيدز، وكما يقول الدكتور مونتانيه: (أنه مرض البوينج 747 التي تنقل مئات الركاب من قارة إلى أخرى خلال ساعات).

2 ـ ينتشر الوباء بمعدلات أسرع بكثير من توقعات الخبراء.

3 ـ التجاهل والإنكار والاطمئنان المبني على غير أساس يعجل بوقوع الكارثة.

4 ـ فلسفة الوقاية في المجتمعات التي انتشر فيها الوباء تقوم على عدم المساس بحرية السلوك الشخصي والقبول بحرية الاتصال الجنسي طالما لم يحدث مع قاصر أو بالإكراه وتعتمد جهودهم في مكافحة الإيدز على التوعية بما يسمونه (الممارسة الآمنة للجنس) القائمة أساساً على استعمال العازل الذكري.

وقد أثبتت الاستطلاعات أن الكثيرين لا يدركون الطريقة الصحيحة لاستخدامه وحتى أن أدركوها فان الوقاية من العدوى مع استعماله ليست مائة بالمائة. كما أوضحت الاستطلاعات أن الكثيرين ممن يدركون تماماً طرق العدوى بالإيدز يمارسون (الجنس بطرق غير آمنة). ويقولون صراحة: (أعلم أن التدخين يسبب السرطان ولكني أدخن، وان الجنس قد ينقل الإيدز ولكني أمارسه).
5 ـ واقعنا وقيمنا المغروسة في المجتمع منذ عهد الرسالة المحمدية تتيح لنا منهجاً آخر في الوقاية، وهو تكوين الوازع الديني الذي يعين الشباب على نوازعه وشهواته مع توفير المناخ العام الذي يساعد على السلوك القويم ويمنع انتشار أساليب الإثارة على مستوى الشارع العام وفي أجهزة الإعلام مما يصحح العلاقات الاجتماعية بطريقة تلقائية دون إكراه.

6 ـ يجب أن يدرك الجميع على مستوى الأسرة والمدرسة والمجتمع والدولة أن المعركة مع هذا المرض معركة بقاء أو فناء، وإذا كانت التربية الدينية وإشاعة السلوك القويم في المجتمع تعتبر في الماضي عملاً يقصد به النجاة في الآخرة، فإنه قد صار الآن ضرورة حتمية للنجاة في الدنيا.
انه ضرورة اقتصادية وسياسية واجتماعية وحضارية للأمة، فالإيدز يقتل الشباب المنتج ويترك الشيوخ العجزة والأطفال اليتامى، وهناك قرى في أفريقيا خلت دورها من السكان وخلت مزارعها من الفلاحين وماتت حيواناتها من الجوع.

موقع البلاغ نقلاً عن مجلة الإيدز