لا شك ولا ريب إن حزب الدعوة الإسلامية يعتبر من أقدم الأحزاب الإسلامية الشيعية, وانبثقت بدايته في الفترة الخمسينية من رحم الاحتياج الفعلي لوجود تيار سياسي إسلامي تحت إشراف المرجعية ـ لعدم إمكانية انخراط المرجعية بمباشرة العمل السياسي ـ يقوم هذا التيار بتمثيل الجماهير بصورة فاعلة على مستوى الوطن وخصوصا إن أوضاع العراق في تلك الفترة كانت تشهد تقلبات وتخبطات وعدم وضوح الرؤيا وتزاحم المد القومي والشيوعي في تلك الفترة. وان العتاب الذي نقدمه الى حزب الدعوة ان كثير من الدعاة وانصارهم الذين جاءو الى العراق لم يعر لهم اهمية مما اضطر البعض منهم الى الرجوع الى بلدان المهجر ونجد ان هناك طبقة من النفعين والانتهازين وبعض البعثين قد تسلقوا ووصلوا الى تنظيم حزب الدعوة وقد استلموا مناصب رفيعة واضحى هؤلاء يحاربون الناس المخلصين وهذا من عجائب الزمن فقد تجد اشخاص بعثين كما في البصرة عندما هيمنت قبيلة البزون وبني مالك المعروفة بولائها المطلق للبعث وصدام فما ان حطت قدم الحاج قاسم عطية البزوني الذي انخرط في صفوف الحزب نهاية التسعينات ليرجع للبصرة قائدا ويدمج اخوانه واخواته وبنات عمه وابناء خالته في الدمج برتب عقيد وعميد حتى اصبح حزب الدعوة تنظيم العراق يسموه حزب البزون وحزب الدعوة المقر العام حزب المالكي نسبة الى الشيخ البعثي سلام العرمش المالكي وهكذا تصادر الدماء ليملك حجي قاسم عمارات وفلل وشركات في الداخل والخارج رغم انهم كانو لايملكون صريفة في الحيانية وجاء بالدكتور البعثي جواد البزوني وجعله في الحزب ليكون نائبا في البرلمان ومن ثم ينقلب ويكون عضوا في المجلس الاعلى ومن ثم مستقلا لتضارب المصالح بعض الجامعات في البصرة وغيرها من المحافظات واحد هؤلاء هو كان طبيب عدي ثامر الحمدان يصبح قياديا ورئيسا لجامعة البصرة ويستخدمون هؤلاء شتى الاساليب في توجيه العداء الى كل مخلص يريد ان يخدم الوطن وهذا مما سبب صدمة لدى الكثير منهم حتى فكر البعض منهم ترك العراق وترك الحزب والرجوع الى دول المهجرامثال ابو محمد رضا وجاسم المياحي ويعقوب الحلفي وحسن الاسدي لقد حاول المخلصون من أبناء الدعوة أن ينصحوا بعدم الإسراع في المشاركة بالعملية السياسية ، فمرحلة تبني الحكم لم يحن بعد وحزب الدعوة يتعرف على المجتمع الجديد لأول مرة بعد فراق دام أكثر من خمسة عقود ، لقد أكد أؤلئك المخلصون أن الدخول في العملية السياسية سوف يحرق الحزب أو يقصيه عن وجدان الأمة ، لكن الذي خشي منه أؤلئك المخلصون قد حصل فعلاً ، وها هو الشارع عندما يتحدث عن حزب الدعوة يتحدث عن فشل ذريع وخيبة أمل كبيرة ، وإخفاق في كل مجالات الحياة في عراق ما بعد البعث ، ويكفي لتعميق هذا الفشل لدى عموم الشعب أن الحزب وبعد قيادته للعراق سبعة سنوات ( مع سنة الجعفري ) لم يستطع أن يوفر ( الكهرباء ) ، فضلاً عن الإخفاقات الكثيرة التي نحن بحاجة إلى عشرات المقالات وخاصة أنها تتعلق بكل النواحي في العراق ابتداءا بالأداء السياسي وانتهاءا بحرمان الفقراء من الحصة التموينية .
أن تجربة حزب الدعوة في الحكم ، لم تك في صالح الشعب العراقي وخاصة الأكثرية فيه ، فهي تجربة مريرة واتسمت بمعلمين الأول : أن قادة الحزب لايمتلكون الحد الأدنى من الخبرة في إدارة الدولة ، ونحن ذكرنا أنهم فشلوا في إدارة الحزب خلال الحقبتين الماضيتين فكيف يتسنى لهم أن يديروا بلدا مهما كالعراق يتصف بتعقد مشهده السياسي وتنوع طوائفه وإثنياته ، وقد ظهرت كارثية غياب الخبرة وهم يتهيئون مستقبلاً لفعل ذلك بإسلوب أكثر خطورة على العملية الديمقراطية . كما لم تسلم منهم حتى عقارات الدولة التي تقاسمها نوابهم وأقاربهم ومن يريد أن يعرف بعض هذه الحقائق عليه أن يدقق من أمانة العاصمة في القطع السكنية في أهم مناطق بغداد فسوف ترى العجب ، ومن هذا العجب أن ابن وزير من حزب الدعوة لم ير العراق قد منح قطعة أرض في الشارع المحيط في الكاظمية يقدر قيمتها بمليونين دولار ، ونائب آخر قد استحوذ على أكثر من عشرة قطع سكنية في المنطقة ذاتها وزعت على أقاربه وما خفي أعظم . فيما لم يزل الملايين من فقراءهذا الشعب يحلمون بقطعة أرض في إحدى الصحاري خارج المدن والقصبات.