رمضان في السويد، تقاليد شرقية ومحال مكتضة بالمتبضعين





06/09/2008







ينتهز المسلمون في السويد شهر رمضان المبارك للحفاظ على تقاليدهم الشرقية وتعزيز هويتهم الإسلامية، ابتداء من المنزل ومرورا بالمسجد وانتهاء بالشارع السويدي، فيما تشهد المحلات التجارية وخاصة بيع المواد الغذائية ازدحاما شديدا لشراء اللوازم الخاصة بالشهر الفضيل.


ويقول أبو غادة، وهو عراقي وصل إلى السويد عام 1983وصاحب محل لبيع المأكولات والحلويات الشرقية أن "مبيعاته في تزايد مستمر طيلة شهر رمضان المبارك، إذ يكتظ المتجر بالمتسوقين من العائلات العراقية والعربية المسلمة خلال هذا الشهر".


وفي رمضان تبدو المحلات الشرقية مكتظة بحركة المتبضعين، وهي متاجر صغيرة تعود في أغلبها الى المقيمين من دول الشرق الأوسط، تقدم البضائع والمأكولات للعوائل المنحدرة من اصول شرقية. وتعج هذه المحلات في أيام شهر رمضان المبارك بمختلف أنواع المواد الغذائية والسلع والبضائع المألوفة في مجتمعاتنا التي تلبي ذوق المتسوق الشرقي والتي تفتقر اليها المحلات والمتاجر السويدية.


أعتاد أبو غادة (50 عاماً) على رص الحلويات وعلب التمر التي خص متجره بها خلال أيام شهر رمضان بعناية تامة على منضدة خشبية توسطت المتجر الكبير الذي يملكه في العاصمة ستوكهولم.


ويضيف أنه "حريص على توفير كافة المستلزمات الغذائية التي تقبل عليها العوائل العراقية المهاجرة لإعداد اكلاتها الشعبية المعروفة التي اعتاد العراقيون على تناولها خلال شهر رمضان والتي تفتقر اليها أغلب المحلات السويدية".


ويشير الى ان الكثير من الصائمين يترددون الى المحلات الشرقية لما فيها من مواد يصعب أيجادها في المتاجر والمحلات السويدية.


وتزدحم المحلات الشرقية بشكل كبير قبل موعد الأفطار بساعة او ساعتين، اذ يسارع المتبضعون لاكمال شراء حاجتهم قبل اقفالها وخاصة شراء الحلويات المختلفة ومنها "الزلابية والحلقوم والبقلاوة"، فضلا عن الكرزات التي يقضون بها المساء.


حل رمضان على العراقيين والعرب المسلمين هذا العام في السويد وسط أجواء خريفية جميلة أشبه بفصل "الخريف" في العراق، لا برد قارص تتكتك له الأسنان، ولا رطوبة عالية تكتم الأنفاس.


وتبقى العائلات العراقية في السويد تلتزم بالصوم خلال شهر رمضان رغم ساعات الدوام الطويلة وكثرة المشاغل والمسؤوليات التي تحتم على العائلة ان لا تجتمع فيها الا في المساء.


تقول ام حنان (55 عاماً)، وهي تعمل كممرضة للأطفال في احدى المستشفيات السويدية بأنها تنهي عملها في الخامسة مساءً الا ان بعد المسافة بين مكان عملها والبيت يحتم عليها الوصول بعد الساعة السادسة.


وتضيف أن "نمط حياتي خلال شهر رمضان يصبح بوتيرة أسرع من بقية الأشهر، فأضطر الى التسوق يومياً قبل المجىء الى البيت لأعداد وجبة الإفطار لانشغل بعد ذلك في امور المطبخ والأطفال".


وتهتم اغلب العائلات المسلمة في شهر رمضان المبارك في السويد بمشاهدة التلفاز بحلته البرامجية الجديدة والغزيرة التي تنهال من كل حدب وصوب خلال الشهر، اذ تتجه انظار الصائمين نحو شاشات التلفاز محاولين التواصل مع مجتمعاتهم وعاداتهم الرمضانية عبر الأثير.


وتوضح سلمى حيدر (28 عاماً) أن اهتمامها بما تطرحه القنوات الفضائية من جديد في شهر رمضان يجعلها تقضي الكثير من الوقت امام التلفزيون ومشاركة بقية افراد العائلة بمشاهدة الاعمال الدرامية الجديدة.


وتتابع في حديثها انه "من الصعب على العائلات العراقية التزاور فيما بينها او تناول الإفطار معاً بسبب أختلاف الأنظمة الحياتية وساعات العمل التي تأخذ معظم الوقت، كما ان الكثير من العائلات تؤجل لقاءاتها واجتماعاتها وزيارتها الى عطلة نهاية الأسبوع".


وتعتقد سلمى ان "التلفاز" يصبح أقرب منفذ يمكن المرء من خلاله التواصل مع الفعاليات الرمضانية التي تجري في العراق او في غيره من الدول العربية.


ولرمضان في عطلة نهاية الأسبوع (السبت والأحد) نكهته الخاصة، اذ تتزاور العائلات فيما بينها ويتبادلون دعوات الأفطار، فهناك الكثير من الوقت لأعداد اشهى الموائد والاكلات التي تزين المائدة العراقية مثل "البرياني" و "الدولمة" و "الكبة" وغيرها من الأكلات الشعبية.


تقول أم خالد (68 عاماً) انها تجتمع بأبنائها الثلاثة وعائلاتهم في العطلة من كل اسبوع، غير ان اجتماعهم في رمضان يكون له طابعه العراقي الخاص.


وتضيف أن "التجمع الرمضاني الذي اعده لعائلتي مصغر قياسا لما أعتدت القيام به عندما كنت في بغداد عندما ادعو الأهل والأحبة على مائدة الأفطار الغنية، وان رمضان يعيد لي الحنين الى الأهل والوطن".


ويبلغ عدد المسلمين في السويد بحسب بعض الاحصائيات والصحف السويدية 400 الف مسلم، وللمرء في السويد الحرية الكاملة في ممارسة شعائره الدينية. بل أن ادارات المدارس تساعد في الكثير من الاحيان في تطبيق الطقوس الدينية على اكمل وجه .


وعلى سبيل المثال لا تجبر المدارس السويدية تلامذتها المسلمين على تناول طعام الغذاء في صالات الطعام الموجودة في جميع المدارس السويدية والتي تقدم بشكل مجاني.


ولا يُحتسب عيد الفطر يوم عطلة رسمية في التقويم السويدي غير ان ادارات المدارس تسمح لطلابها بعطلة ليوم واحد او ليومين إحتراماً للمسلمين وتقاليدهم .