إلى الماجدة الدكتورة هدى عماش

الدكتور غالب الفريجات/الأردن

هدى يا قرة العين، ويا هدهدة الحياة، يا من كنت ولا زلت ماجدة يعربية، شربت من ماء الفرات، وتاقت لحياة العز والكرامة في عراق العروبة والأمة، وعاشت في ضمير رفاقها في ميادين النضال، نضال الأمة لتحقيق الذات العروبية من الماء إلى الماء في وطن يرفل بالوحدة والحرية والاشتراكية.

تشربت البعث من بيت عروبي بعثي أصيل، وناضلت حتى وصلت إلى أعلى المراتب الحزبية، عضوة في القيادة القطرية، وأنت تعلمين أن عبء القيادة هو عبء الريادة في التضحية والفداء، وما غاب عن بالك من يملك عبء التفوق العلمي في الطريق السياسي الممنهج، هو طريق مفروش الوصول إلى تقدم الصفوف، صفوف المجد العروبي، الذي يتوق للوصول إليه أبناء الأمة الشرفاء الذين يراودهم حلم تحقيق الهدف، الذي من اجله تهون وفي سبيله ترخص كل الأحلام الأنانية الفردية.

الحلم هو حلم الأمة، ولن يكون إلا في صفوف الجماعة والعمل من أجل الأمة، وما كان ليكون إلا في صفوف الحزب وفي مسيرة القائد الفارس، الذي كان ولا يزال فارس الأمة عن جدارة، رغم أنوف كل الحاقدين والغاصبين والشعوبيين والإقليميين، والعملاء والجواسيس، كان هذا الحلم يدرج على شواطئ بلاد الرافدين، وكان في كل خطوة يخطوها مناضلو الحزب، وأنت بين الصفوف سواء أكنت في الجامعة على مقاعدها الدراسية، أو أمام تلامذتها، وفي مختبرها، لم يخطر ببالك إلا أن تكون التضحية هي البوابة، التي نلج منها للوصول إلى ما نصبو إليه في عرس جماعي.

يا أم سيف، أنت أي والله في قلب كل مناضل في هذه الدنيا، ألم تكن خولة بنت الأزور تنقش اسمها العروبي على صفحات التاريخ مقاتلة، عندما امتشقت سيفها للدفاع عن الحق والمبدأ، وأنت التي ناضلت في خندق الحزب من مقاعد الدراسة حتى الصفوف الجامعية إلى مواقع القيادة، قد أكدت بالعلم والنضال أن الخولات العربيات كثر، وأن الماجدة العراقية في صورة هدى عماش، هن من يفقأ عيون كل الحاقدين على هذه الأمة ورموزها وأحلامها وحقوقها في الحياة الحرة الكريمة.

كنت مع المرض أشد ضراوة، ومع النفس أشد شراسة وقوة في الدفاع عن الأمة بالعلم والمعرفة والنضال السياسي، وكنت الماجدة التي تزهو في نظر كل الرفاق، لأن تقدمك الصفوف يعني أن الحزب قادر على تجنيد أبنائه وبناته من أجل تحقيق الحلم المنشود، وأيا كانت الظروف، ورغم قساوتها على النفس، فقد أينعت حالة خاصة، أكدت أن الحزب في ظروفه النضالية العلنية والسرية، في إدارة الدولة أو إدارة معركة المقاومة، قد أكدت أن أعضاءه من المناضلين مازالوا على العهد، فهم في صفوف المقاومة المسلحة، أو مقاومة السجان الأمريكي، الذي يأبى إلا أن يكون الوجه البشع سمته الحقيقية، ويأبى إلا أن يكون ممثلا حقيقيا لبرابرة هذا العصر، في الوقت الذي يواجه مقاومة عروبية شرسة، لا تعرف الانكسار، ولا الانحناء، لأنها تؤمن أنها على حق، وأن الجلاد دوما وأبدا على الباطل.

يا أم سيف، اليوم ذكرى تحويل القبلة في السنة الثانية للهجرة، وهو أمر رباني لعبده ونبيه محمد (صلعم)، وأنا على يقين إن أعضاء الحزب من أبناء الأمة لن يصدعوا لتحويل قبلتهم النضالية، التي أثبتت للدنيا بأسرها، إن طريق الخلاص الوحيد للأمة من التجزئة والتبعية والتخلف، هو في خندق الوحدة والحرية والاشتراكية، وهنيئا لمن كانت قبلته النضالية من أجل هذه الأمة، رغم كل حالات التشكيك والتضليل التي داب عليها ديدان الأرض، وفئران الجحور الإمبريالية الصهيونية، حتى تدفع بالأمة إلى النكوص عن أهدافها، ليتم لهم تنفيذ المخطط الإمبريالي الصهيوني في الهيمنة والسيطرة على الأمة ومقدراتها.

يا أم سيف، إن صمودك في الاعتقال هو نوع من أنواع النضال يضاف لسجلك النضالي، ويكتب بمداد الحرية والعشق للأمة، وأنت جديرة بأن تكوني في طلائع المناضلين كما كنت ولا زلت، أما نحن الذين لا يملكون غير النضال بالكلمة، فإننا نستمد عزمنا وعزيمتنا بالعبر والدروس النضالية، التي يسطرها أبطال العراق في الصفين صف المقاومة القتالية في مواجهة أمريكا ومرتزقتها، وصف النضال في سجون الاحتلال في مواجهة الجلادين من اتباع بوش وبلير وشارون.

لك ألف ألف تحية ولأسرتك الصغيرة والكبيرة كل المحبة والتقدير، يا من وضعت تاجا على رؤوس الجميع.