صحيفة مصرية كبيرة تتهم ايران بالتحريض على قتل المصريين بالعراق

القراءة : 433
التعليقات : 0
تاريخ النشر : Monday, 11 December 2006







غزة-دنيا الوطن
اتهمت صحيفة مصرية كبيرة ايران بتحريض العراقيين على قتل المصريين الذين يعيشون في بلادهم باعتبارهم ارهابيين ومجرمين. وقالت مجلة روز اليوسف في مقال لرئيس تحريرها عبدالله كمال إن ايران سلطت اذاعة موالية لها في العراق على تحميل المصريين عمليات الذبح والتفخيخ والاغتصاب والاعتداء الجنسي على الأطفال والزواج من عراقيات وتركهن والفرار إلى مصر.

وفي تصريح لـ"العربية.نت" نفى كمال خبرا بثته وكالة الأنباء الايرانية بمنع مصر تجديد تأشيرات من اللاجئين والمقيمين العراقيين فيها. وقال "إن هذا غير صحيح، ويندرج في اطار الادعاءات والتحريض ضد المصريين في العراق". فيما قال حسن هاشميان الصحفي الايراني المقيم في "طهران" والمتخصص في السياسة الخارجية إن العالم العربي أصبح ساحة للصراع الأمريكي الايراني، و تستقوي ايران في هذا الصراع بكل الأوراق الموجودة.

وحذر الكاتب المصري جمال سلطان من التمدد الايراني عربيا واتجاهه لتغيير البنية الاجتماعية والثقافية. وقال إن السياسة الايرانية بلغت من النفوذ ما مكنها من اللعب بأوراق مهمة والتدخل في تشكيل بعض الحكومات العربية، وهذا لم يسبق له مثيل في تاريخ العرب وايران.

ايران تسعى لتخدير مصر

وكان عبدالله كمال قد شن هجوما لاذعا على السياسة الايرانية في المنطقة العربية، وقال في مقاله بالعدد الأخير من مجلة روز اليوسف إن وكالة الأنباء الايرانية بثت خبرا بأن "مصر رفضت تجديد إقامة ما يقرب من 150 ألف لاجئ عراقى يقيمون فى مصر، وأن مئات من العراقيين تظاهروا أمام وزارة التربية والتعليم فى القاهرة احتجاجا على قرار بطرد أطفالهم من المدارس الحكومية والخاصة بحجة انتهاء تأشيراتهم".

وتحت عنوان "تخدير مصر.. التهديد الشيعي الفارسي للعرب والسنة" تصدر غلاف المجلة التي توصف من بعض المحللين بأنها مقربة من أعلى مستويات صناعة القرار المصري، اتهم كمال ايران بأنها تسعى إلى تخدير مصر، "سواء قامت هى بذلك بشكل مباشر من جانبها.. أو من خلال النخبة المنزرعة فى مصر والدول العربية والتى تعبر عن خديعتها من خلال الدعوة لحوار مفتوح مع إيران.. أو التعاون معها".

وشرح لـ"العربية.نت" ما يقصده بعبارة "النخبة المنزرعة" قائلا: إنهم فريق لديه نوع من أنواع التعاطف مع الأفكار الايرانية، وفريق ثان له علاقات مباشرة مع ايران بشكل أو بآخر. وقال إنه عندما تحدث عن دعم ايراني للتشيع في بعض الدول العربية، لم يقل أو يشر إطلاقا إلى مصر لأنها بلد سني وهذه الظاهرة لم تلحظ فيها.. "معلوماتي تقول إن التشيع يتم الدفع به في اتجاه سوريا وعدد آخر من الدول العربية. وقد كتبت عن حالة الكاتب السوداني محمد طه الذي قتل مؤخرا، وكان لديه عدد من الحسينيات، وأعتقد أن قتله له علاقة بمسائل التشيع".

وجاء في المقال أن إيران تتحرك دينيا، وسياسيا، واستراتيجيا، فى الإقليم العربى، وهى ترى أنه لا يوجد عنصر يمكن أن يواجه هذه التحركات فى المنطقة سوى مصر، وصار من يرى أن هناك محورا يضم كلا من سوريا وإيران وحزب الله وحماس.

حقبة سيطرة فارسية

وأضاف: ليس هناك من عائق أمام محاولات تفلطح النفوذ الإيرانى فى المنطقة، واستغلاله فى اتجاه تأسيس حقبة سيطرة فارسية على الأمة العربية سوى مصر، وأنها تخشى من أن يحدث نوع من شحذ الهمم السُّنى وحشد الطاقات من المؤسسات الدينية المختلفة فى الدول العربية، وبما فى ذلك تزكية المشاعر السُّنية فى مختلف الدول العربية، ومن ثم فإنها تريد أن تمارس تغلغلا لا يعانى من المعوقات ولا يواجه اعتراضات.

وتابع عبدالله كمال أن الرئيس حسني مبارك حين تعرض إلى العراق وهي منطقة النفوذ المرغوب فيها إيرانيا، تم "تسليط" صوت شيعى هو "إذاعة صوت العراق على الإنترنت" لكى تهاجم مصر، ووصل الأمر إلى حد التحريض على كل ما هو مصرى فى العراق واتهامهم بالارهاب.

ونسب لتلك الإذاعة التي وصفها بأنها تابعة للموالين لإيران قولها "إن أكثر مجموعة إرهابية أجنبية فى العراق هى من بين المصريين، وأكبر عدد من المعتقلين فى العراق هم مصريون".

وأضاف أنها "حرضت ضد المصريين فى العراق، وقالت إن مصر جنت من حرب إيران عشرات المليارات من الدولارات المحولة من العراق إلى مصر من المستوطنين المصريين فى العراق، وجنت مليارات الدولارات من صادراتها الرديئة إلى العراق".

وقال عبدالله كمال إن "الإذاعة تمضى فى اتجاه التحريض السافر على كل ما هو مصرى فى العراق، وتقول كلاما يخشى معه، وبعده، على حياة المصريين الذين يعملون فى العراق منذ زمن بعيد".

وأشار إلى أن استقبال مصر للعالم السني العراقي الشيخ حارث الضاري، أثار إيران، والشيعة الموالين لها فى العراق، بعد أن صدر أمر مفاجئ بإلقاء القبض عليه فى العراق.. "وهو ما ادعت الإذاعة أنه احتضان لعناصر معادية للعراقيين".

الاغتصاب وخطف العراقيات

وحسب رئيس تحرير مجلة روز اليوسف، فان اذاعة صوت العراق ذكرت "أن جرائم تهريب العملة والمخدرات والنصب والاحتيال والزواج من عراقيات وتركهن وسرقة العراقيين والفرار إلى مصر وجرائم الاغتصاب والاعتداء الجنسى على الأطفال يقوم بها مصريون".

ونسب إليها أيضا قولها إن المصريين يقترفون الآن "أبشع الجرائم من الذبح والتفخيخ والتفجيرات وتدريب الإرهابيين على التفخيخ، وزرع العبوات وتكوين عصابات خطف وسرقة وخاصة خطف البنات وغيرها باعتراف قناة "العراقية" الفضائية، التى كانت تخرج برنامج الإرهاب فى قبضة العدالة، حيث أبرزت عينة من هؤلاء المصريين الذين اعترفوا بجرائم الذبح والقتل بالعراقيين، والحرس الوطنى".

وواصلت اذاعة صوت العراق بأن "الإرهابيين المصريين لديهم مئات الآلاف من المصريين بالعراق ومتزوجون من عراقيات ومن عوائل مشبوهة أصلا، فالعراقى الشريف لا يعطى ابنته إلى كل من هب ودب، فكيف الحال بالمصريين الذين لا يعرف عنهم شيئا، وكيف عرفت هذه العائلة أصل المصرى وفصله ومن هو وما هى أخلاقه".

استخدام ايران للأوراق الدينية

وقد سألت "العربية.نت" الصحفي الايراني حسن هاشميان عن حقيقة الأجندة الايرانية في المنطقة العربية فقال: الأساس أن العالم العربي والشرق الأوسط عموما، أصبح ساحة للصراع الايراني الأمريكي، ومن ثم فإن ايران تسعى لاستغلال كل الأوراق الموجودة وغيرها من أوراق تستقوي بها في هذا الصراع. وتستخدم الولايات المتحدة الأمريكية أيضا نفس الأوراق ضد ايران في المنطقة، ومن سوء حظ العالم العربي أن ذلك الصراع يجري في ساحته.

وبرر استخدام ايران للأوراق الدينية قائلا: معظم الأنظمة العربية علمانية وهذا يخلق خللا في العالم العربي والاسلامي، ويجعل الشعوب تميل إلى أن الحركات المذهبية والدينية أفضل من العلمانية وقادرة على علاج الأمور المعقدة، ومن هنا فان التصور السائد في المنطقة هو فشل الخيار العلماني في كثير من المجالات واهمها تحرير فلسطين، وبالتالي تبديلها بالحركات المذهبية والاسلامية التي لم يجربونها، على عكس ايران التي خاضت تلك التجربة.

وعن التخوف من وجود نوايا مذهبية لايران من خلال طرح الأوراق الدينية يعتقد الصحفي الايراني حسن هاشميان أنه قلق طبيعي لكن بعض الجهات تبالغ فيه، مستبعدا أن تلجأ ايران للعب بالورقة الشيعية.. "لأن الأقليات الشيعية في العالم العربي بعد 11 سبتمبر والتحولات التي تجري في العالم، توثقت علاقاتها مع حكوماتها، ولهذا فان الامتيازات التي حصلت عليها ستخسرها.

وقال إن ايران لن تحاول استخدام تلك الورقة لسبب آخر وهو أن الاقليات الشيعية ستكون مخيرة حينئذ أما بالوقوف مع حكوماتها أو الوقوف مع ايران، ومن الطبيعي أنها ستقف مع حكوماتها.

وأوضح هاشميان أنه رغم استقواء ايران خارجيا فانها داخليا تعاني من نقط ضعف كثيرة في الاقتصاد والمجتمع والثقافة، وهذا عامل مهم يمنعها من ان تفتح جبهات اضافية وتحارب فيها.

حزب الله ورقة سياسية بيد ايران

وقال: يدور في الشارع الايراني نقاش جدي يطلب من الرئيس أحمدي نجاد، التواصل مع قضايا الشعب الايراني الاقتصادية مثل البطالة والمشاكل الاجتماعية والثقافية المستعصية، ومن هذا المنطلق فان على الدولة أن تلتفت أكثر للداخل، وهذا قد يحدث في الخطوات المستقبلية.

وحول اتهام ايران بنشر تطلعاتها المذهبية في العالم العربي قال الصحفي حسن هاشميان: بالنسبة لمسألة لبنان وحزب الله، قبل أن تكون شيعية فانها أصبحت ورقة سياسية باهظة الثمن بيد ايران، فهناك صراع موجود بين امريكا واسرائيل من جهة في مقابل سورية وايران من جهة أخرى، وبالتالي فان ورقة حزب الله حساسة للغاية وتستطيع أن تقلب أشياء كثيرة لصالح ايران.

وأضاف أن ايران حاولت أن تجرب قوتها العسكرية والصاروخية من خلال حزب الله، وأيضا جربت من خلاله تواجدها السياسي في المنطقة. وعن ما يتردد بشأن وجود تفكير ايراني في التمدد الاقليمي على حساب مصر أجاب: هناك نقاط مشتركة بين البلدين مثل العدو الواحد لهما المتمثل في اسرائيل، وهذه يمكن أن تفتح باب التعاون بينهما..

وتابع: "لكن إذا لعب اخواننا المصريون على الوتر الأمريكي في المنطقة، فستحصل بالطبع مواجهة بين ايران ومصر، وستطرح الايديولجيات في هذه المواجهة، وكما نعرف فان لايران ايديولوجية شيعية وتريد ان تضع مرتكزاتها في المنطقة، ومن ثم سيحصل هذا الفراق، ولكن ايران تتمنى بالدرجة الأولى أن يحصل تعاون مع مصر في شتى المجالات".

وحول الاتهام الموجه لايران بنشر التشيع في العالم العربي قال: أنا استغرب ذلك كثيرا، ففي ايران لا يتحدث أحد عن هذا الموضوع، ولا تنظر للأمور العربية أو المصرية من هذا المنطلق، فمثلا المعارضة السياسية القوية الموجودة في مصر وهي الاخوان المسلمين، حركة سنية معروفة في العالم، وايران تحاول الاقتراب منهم والتعاون معهم، في ظل احترام القوانين والأطر الشرعية النظامية داخل مصر.


النفوذ الايراني أخطر من الأمريكي

الكاتب المصري جمال سلطان الذي كتب سلسلة مقالات حول الاستراتيجية الايرانية في العالم العربي قال لـ"العربية.نت" إن النفوذ الايراني هو نفوذ سياسي بالمقام الأول، والمساحات المذهبية التي تطرح في هذا السياق هي مسألة تابعة أو هامشية وليست الأصل.

وأضاف أن التحركات الايرانية الأخيرة والبحث عن أوراق لعب حتى على مستوى الأحزاب الصغيرة والهامشية مكن القيادة السياسية الايرانية الآن من أن يكون لها نفوذ قوي ومباشر، لترتيب الأوضاع السياسية وحتى تشكيل الحكومات في حوالي ثلاث أو أربع دول عربية، وهذا الأمر لم يكن له سابقة أبدا في تاريخ العرب أو تاريخ ايران الحديث.

وقال سلطان: الملاحظ أن ايران تتمدد في مناطق النفوذ الأمريكي، والمسألة ليست قسمة بين نفوذيهما، فكون أن النفوذ الأمريكي خطر، لا يعني أن المقابل وهو النفوذ الايراني أمر ايجابي، فكل دولة تبحث عن مصالحها ومطامحها. وفي تقديري الشخصي أن النفوذ والخطر الايراني أعمق بكثير جدا من الأمريكي، لأن الأخير مجرد محاولة لضمان مصالح اقتصادية أو نفطية مؤقتة وتتبعها بعض المصالح السياسية الهامشية، في حين أن التمدد الايراني ذو طابع هيمنة حقيقية واعادة تشكيل الواقع والبنية الاجتماعية في الأماكن التي يصل اليها، والخطأ هنا لا يمكن اصلاحه في عام أو عامين بل قد تستغرق مقاومته قرونا، مع أهمية القول إننا نرفض أيضا النفوذ الأمريكي.