أجرت الحوار: إيمان حسين
اختتم رئيس اقليم كردستان العراق مسعود البارزاني زيارته للكويت، التي استغرقت يومين فقط، لا سيما بعد انتخابه كرئيس لإقليم كردستان لمدة اربع سنوات اخرى، وتشكيل حكومة الاقليم وفق الدستور العراقي، ومادة رقم 140.
وفي لقاء خاص مع 'القبس': ثمن البرزاني دور الكويت الحيوي والايجابي تجاه العراق في محنته، مشيرا الى ان الزيارة هدفها تقوية العلاقات الثنائية بين البلدين، مؤكدا على ان اللقاءات مع الجانب الكويتي كانت مثمرة، وننتظر قطف ثمارها، خاصة ان هناك وفدا كويتيا سيزور كردستان قريبا، وسنقدم كل التسهيلات الممكنة للكويت، كي تستثمر في كردستان، لأنها منطقة تعيش الامن والامان، وهذا ما نتمناه لباقي مناطق وطننا العراق العزيز في القريب العاجل، بإذن الله.
طالما نتحدث عن الكويت فهذا يقودنا الى سؤال كبير هو لماذا الكويت نجدها تقف مع العراق والشعب العراقي دون باقي الدول العربية؟
- اعتقد ان الاخوة في الكويت قد ادركوا حجم المعاناة على يد النظام الدكتاتوري البائد، بعدما عانوا هم على يد هذا النظام، وبالتالي ادركوا ايضا مدى اهمية زوال هذا النظام، واعطاء الفرصة للشعب العراقي كي يختار نظامه الجديدالديموقراطي الفدرالي الذي يفيد العراق والكويت والمنطقة عموما.
كسر الصمت
انتم شخصية صامتة تفعل اكثر مما تتحدث، ولكن في الآونة الاخيرة خرجتم عن صمتكم وناشدتم النخب السياسية في العراق ان تتكئ على روح المواطنة في اجل الانتهاء في تشكيل الحكومة؟
- ما نعيشه في العراق اليوم هو مأساة بكل المعايير وبكل ما تعنيه هذه الكلمة، حيث يقتل المواطن على الهوية، وهذه كارثة في حد ذاتها، والوضع الامني قد اثقل كاهل المواطن المسكين الذي لم يسعد بتحرير العراق من ذلك الدكتاتور ولم يفرح بعد، وقد حرم هذا المواطن من الحياة السعيدة التي كان يتوقعها مع سقوط النظام، لذا لا بد للقيادات السياسية والنخب ان تعمل من اجل انقاذ الشعب العراقي من هذه المأساة، وهذا ما دفعني الى ان اخرج عن صمتي واصرح بتلك التصريحات قبل فترة، ولا ازال اصرح واؤكد على انه لا بد ان يتم وضع حد لذلك، والساسة في العراق عليهم هم مواجهة هذه المشكلة.
معضلة
لقد تأخر تشكيل الحكومة الجديدة وهذه معضلة كبيرة يواجهها العراق، ولكن يجب ان لا ننسى ان التركة ثقيلة قد ورثناها. لذا لا بد ان نكون منصفين فتأخير تشكيل الحكومة العراقية افضل من ان لا تكون هناك حكومة منتخبة، والآن الفرصة مؤاتية للعراقيين ان يبنوا عراقا ديموقراطيا فدراليا جديدا، واعتقد ان تشكيل حكومة وحدة وطنية، سوف ينعكس ايجابا على الوضع الامني، ولكني لا اقصد القضاء على الارهاب بشكل نهائي، وانما تساعد حكومة الوحدة الوطنية على معالجة الموضوع بشكل افضل.
اذا هناك تشكيل حكومة وحدة وطنية وليس حكومة استحقاق انتخابي؟
- نعم، اعتقد انها حكومة وحدة وطنية، لأنها لو كانت حكومة استحقاق انتخابي لتشكلت منذ فترة طويلة وانتهى الامر.
ولماذا اذن ذهب المواطن معرضا نفسه للخطر كي يدلي بصوته ويختار من يريد؟
- تشكيل الحكومة هو خليط في الاستحقاق الوطني، اضافة الى الاستحقاق الانتخابي، فهناك نوع من التوازن ما بين الاثنين.
الفدرالية
هناك تخوف لدى الشارع العراقي من الفدرالية وان كان الدستور قد نص على ذلك؟
- بعد الحرب العالمية الاولى ومنذ تأسيس الحكومة العراقية آنذاك عانينا ما عانيناه بسبب الحكومة المركزية او الحكومة ذات النظام الشمولي. فمحاسن الفدرالية الآن تتمثل في اقليم كردستان.. فهي تعني التوزيع العادل للثروة والسلطة وهذا ما يصبو إليه الشعب العراقي وليس الكردي فقط.
البشمركة
كلما تحدث البعض عن تقليل الميليشيات العسكرية نجد في المقابل من الاكراد من يردد بأن البشمركة ليسوا ميليشيات. هل البشمركة جيش نظامي؟ وكيف يتعامل مع جيش الدولة، أقصد الجيش العراقي الجديد؟
البشمركة جيش نظامي مدرب تدريبا عاليا وقد دافع هذا الجيش عن الديموقراطية والحرية ايام الدكتاتور الظالم ـ والآن استطاع ان يحقق ذلك بعدما ضحى بالكثير من عناصره وأفراده.. لذلك البشمركة ليست ميليشيات وقد حسم موضوعها وفق الدستور الجديد.. وهناك تنسيق كبير ما بين جيش البشمركة والجيش العراقي.. بل هناك العديد منهم انخرط في الجيش العراقي الجديد.
مشكلة كركوك، تلك القنبلة الموقوتة كيف لنا أن ننهي ملفها بعيدا عن سفك دماء الأبرياء؟
كركوك كانت أحد أهم الأسباب الرئيسية في كل حروبنا مع الأنظمة الدكتاتورية السابقة.. والآن اتفقنا على حل موضوع كركوك وفق المادة 58 في قانون إدارة الدولة وكذلك وفق المادة 140 في الدستور الجديد الدائم حيث سيتم احصاء لكل من يعيش في كركوك من عرب وكرد وتركمان. ويعقبه استفتاء وفي ضوء هذا الاستفتاء يقرر أهل كركوك مصيرهم.. ونحن ملتزمون بهذا الاتفاق وفق الدستور العراقي الدائم.
'نووي' إيران
تعيش المنطقة اليوم حالة من القلق بسبب الملف النووي الايراني.. والتصريحات المتضاربة حول ذلك، كيف تنظرون إلى هذا الموضوع وأنتم والعراق جيران لايران؟
نحن نتمنى أن تكون المنطقة خالية من أي سلاح نووي فتاك لأننا عانينا ما عانيناه بسبب تلك الأسلحة المحظورة.. والشعب الكردي دفع الثمن باهظا بسبب ذلك على أيدي أزلام النظام البائد، ونتمنى ان يحل هذا الملف عن طريق الدبلوماسية وليس عن طريق الحرب. لأنه يكفينا ويكفي المنطقة ويلات الحروب التي تضر ولا تنفع.
تصريحات مبارك
قبل فترة كانت هناك تصريحات للرئيس المصري شكك فيها بانتماء الشيعة لأوطانهم.. كيف تصف هذه التصريحات؟ وهل تعتبرها تدخلا في الشؤون الداخلية؟
للأسف تصريحات الرئيس المصري هذه لم تكن موفقة.. فالشيعة في العراق هم مواطنون عراقيون قبل كل شيء.. وخير دليل على انتمائهم وولائهم للعراق الحرب العراقية ـ الايرانية التي استمرت ثماني سنوات، كان 90% من الجيش العراقي من الشيعة وولاؤهم للعراق قبل كل شيء. اما العلاقات المذهبية فهي معروفة لدى الجميع ـ لكن الولاء للوطن والعراق.
الصمت العربي
بماذا تبررون مواقف بعض الدول العربية تجاه القضية العراقية، حيث التفجيرات والقتل والدمار، ومع ذلك الصمت يخيم على البعض؟
هذا شيء مؤسف جدا ـ والشعب العراقي لن ينسى هذه المواقف المتخاذلة ـ فهو حتما سيخرج من هذه الأزمة وسيسترد عافيته وقدرته ولا أعتقد أن سينسى أبدا من وقف معه في محنته ومن وقف ضده متفرجا.
مستقبل تلك العلاقات كبيرا.
سمعنا بأن حكومة اقليم كردستان تستعد لتبادل التمثيل الدبلوماسي مع دول العالم ما صحة هذا الخبر؟
نعم هذا صحيح، فمن حق حكومة اقليم كردستان ووفقا للدستور العراقي الجديد ان تفتح لها ممثليات في أي بلد تتواجد فيه سفارة عراقية.. وقد أعدت حكومة اقليم كردستان دراسة في هذا الصدد.. كما تدرس الآن السماح بفتح قنصليات لكثير من دول العالم في مناطق الاقليم.
علم العراق
لماذا لا يرفع العلم العراقي بجانب علم اقليم كردستان إلى الآن؟ الأمر الذي يدع البعض يفسر ذلك بأنكم دولة منفصلة ومستقلة عن العراق؟
هذا صحيح.. لأننا نؤمن بأنه لا يوجد علم عراقي الآن، وما هو موجود علم حزب البعث، لذلك نحن لا نعترف به كعلم للجمهورية العراقية.. ففي البداية قلنا نحن مستعدون أن نرفع العلم الملكي مؤقتا أو علم العهد الجمهوري. وهذا العلم لا يمثل الجمهورية العراقية، فمتى ما أقر العلم الجديد للعراق سنرفعه مباشرة بجانب علم إقليم كردستان ـ وفي المناسبات الآن نرفع علم ثورة 14 تموز. لذا نحن لا نعترف بالعلم الحالي لأنه يمثل علم حزب البعث ولا نريد ان يذكرنا هذا العلم بتلك الفترة البعثية.

لننبذ ثقافة الانتقام
بما ان اقليم كردستان يعيش الامن والاستقرار قبل العراق منذ فترة تزيد عن 15 عاما، فهل سيأتي اليوم كي يعيش العراق بالأمن والامان نفسيهما؟ على هذا التساؤل رد البارزاني:
- اذا نبذ العراقيون ثقافة الانتقام، واستبدلوها بالايمان بالرأي والرأي الآخر، وان الحوار والنقاش والدبلوماسية توصلنا الى ما نريد، وكذلك اذا العرب وقفوا معنا، او على الاقل يتركوننا ولا يتدخلون بشؤوننا او يتدخلون ضدنا.