محاولات مكثفة لدفع الناخبين السنة إلى عدم مقاطعة الانتخابات
الدولة "الشيعية" بالعراق هاجس يؤرق الجيران "السنّة"


منقول عن العربية



الشيعة يواصلون الاستعداد للانتخابات بكثافة والسنة يتجهون للمقاطعة

شرم الشيخ (مصر)- (اف ب)

تخشى الدول العربية وهي سنية في غالبيتها انبثاق سلطة شيعية في العراق بعد الانتخابات المقبلة في الثلاثين من يناير/كانون الثاني التي هدد السنة بمقاطعتها ما يمكن ان يزيد من النفوذ الاقليمي لايران.

وقال مسؤول عربي رفيع المستوى طالبا عدم الكشف عن هويته "حتى تكون الامور واضحة .. ان الدول العربية تضاعف من تصريحاتها بشان ضرورة تنظيم انتخابات عامة لكنها تعني في الواقع تسهيل وضمان مشاركة السنة الذين تأمل ان يفوزوا في هذه الانتخابات".

هذا القلق الذي عبر عنه المسؤول العربي هو المظهر الاساسي للمخاوف التي بدت واضحة في مؤتمر شرم الشيخ حول العراق الذي أنهى أعماله اليوم الثلاثاء 23-11-2004م في هذا المنتجع المصري على البحر الاحمر.

ويرى المراقبون ان الدول العربية وهي سنية في غالبها تخشى, في مواجهة تحالف شيعي ترتسم معالمه في العراق وتشتت للسنة في مجموعات صغيرة, قيام حلف شيعي يمتد من ايران الى العراق ويحظى بتعاطف من سوريا الحليف الرئيسي لطهران ومن لبنان حيث بات حزب الله الشيعي حزبا سياسيا نافذا.

ويقول المسؤول العربي نفسه "هذا الحلف اذا ما قام سيكون حلفا مضادا لاميركا يقف في مواجه اي تفاوض مع اسرائيل من اجل السلام ويتعارض مع الرؤية الاميركية الخاصة بالشرق الاوسط الكبير والديمقراطي .. لذلك فان واشنطن ستبذل كل ما تستطيع لاجهاض مثل هذا الحلف".

ويضيف "ان الاميركيين عندما يدفعون الامور باتجاه تنظيم انتخابات سريعة في وقت ما زال فيه السنة يتعرضون للقصف في مثلث الفلوجة انما يجازفون بالوصول الى عكس ما يريدون من نتائج" على الارض.

وهددت بعض الجماعات السنية العربية بمقاطعة الانتخابات بسبب معارضتها للاحتلال الاجنبي. وهون مسؤولون عراقيون من هذا التهديد الذي قد يضعف شرعية الحكومة التي ستتولى السلطة بعد الانتخابات.

وتشاطر رأي الدول العربية السنية بعض الدول غربية ومن بينها فرنسا التي تخشى هيمنة النفوذ الايراني في العراق وفق العديد من المحللين.

الى ذلك تخشى الدول العربية السنية في الخليج حيث يعيش الكثير من الايرانيين ان يؤدي قيام سلطة شيعية في العراق الى اثار بالغة السلبية على الاستقرار فيها وفق ما اكد مسؤول عربي اخر. ويرى المسؤول نفسه أن "إصرار وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل على شمولية العملية الانتخابية بدلا من التركيز على موعد هذه الانتخابات فقط الذي لا يجب ان يكون موعدا (مقدسا) انما يعبر عن قلق دول الخليج التي تريد ابعاد الشبح الشيعي عن طريق ضمان المشاركة السنية في هذه الانتخابات".

وقد اكد وزير الخارجية السعودي خلال اجتماع دول الجوار العراقي في شرم الشيخ مساء الاثنين ان الالتزام بموعد محدد للانتخابات العراقية اقل اهمية من تأمين أوسع مشاركة ممكنة فيها, حسبما نقل عنه مسؤولون شاركوا في الاجتماع.

وعبر الاردن المجاور للعراق الذي يستضيف العديد من العراقيين عن اهتمام كبير هو الاخر بان يشارك ويفوز السنة في الانتخابات العراقية. وقد اقترحت عمان قبل شهرين استقبال لقاء لمختلف المجموعات السنية بموافقة من رئيس الحكومة العراقية الموقتة اياد علاوي من اجل مساعدة هذه المجموعات على بناء جبهة موحدة في الانتخابات, وفق ما اكد عدد من المسؤولين العرب لوكالة الأنباء الفرنسية. لكن فكرة هذا اللقاء الذي بدا سنيا اكثر مما يجب لم تصمد كثيرا ولم تحظ بالقبول اللازم لتحقيقها.

واكد وزير الخارجية الاردني هاني الملقي في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية بشان هذه الانتخابات ان "المواعيد ليست مقدسة .. الشي المقدس هو العملية الديمقراطية نفسها". وكرر الوزير موقف الاردن الذي عبر عنه العاهل الاردني الملك عبدالله مرارا بان الامن يجب ان يسود في العراق لكي نضمن مشاركة جميع العراقيين في الانتخابات.

وحتى الدول العربية التي لا تشاطر العراق حدودا برية مالت إلى إبداء نفس المخاوف فخلال المؤتمر قال وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط ان خلاص العراق يكمن في انجاح الانتخابات وضمان أن تشارك فيها كل "القوى الرشيدة تحقيقا لاهداف الشعب العراقي في تقرير مستقبله السياسي وتأسيسا على قاعدة صلبة من الاجماع الوطني".

وأضاف "وهو اجماع... لن يتحقق الا بتوسعة دائرة الحوار بين القوى الوطنية وجسر الهوة التي تفصل بين الاطراف المختلفة ونبذ سياسة العنف والترهيب والاستخدام المفرط للقوة والتي لم ولن تؤدي الا الى زيادة الفرقة والانقسام والخراب والدمار".

وبصورة عامة يثير غياب السنة عن المشاركة في العملية الانتخابية بالعراق خوفا عالميا عاما، فقد قال كوفي عنان الامين العام للامم المتحدة في الجلس الافتتاحية "مع اقتراب الانتخابات يجب أن يبذل كل جهد ممكن لتوفير حوافز لمختلف الجماعات العراقية للمشاركة في عملية مصالحة وطنية".

ووجه وزير الخارجية السوري فاروق الشرع والالماني يوشكا فيشر والمفوضة الاوروبية بينيتا فيريرو فالدنر مناشدات مماثلة، وقالت فيريرو فالدنر "من الضروري أن تجرى الانتخابات في يناير دون تأجيل وقبل اي شيء أن تجرى في كل أرجاء البلاد. امل أن يشارك فيها كل العراقيين من مختلف الطوائف والاعراق".

وفي المؤتمر نصح بيان معد سلفا الحكومة العراقية بالدعوة لعقد اجتماع يضم أكبر قدر ممكن من الجماعات السياسية قبل الانتخابات لتشجيع المشاركة الكاملة فيها.

وقال ميشيل بارنييه وزير خارجية فرنسا أحد أقوى معارضي الغزو ان جميع العراقيين يجب "ان يكون لديهم شعور بالملكية"، واضاف "حن عازمون على انجاح الانتخابات العامة... يجب أن تجرى في كل أرجاء البلاد بكل نزاهة وأن تكون مفتوحة أمام كل القوى المكونة للمجتمع العراقي التي تقبل قواعد الديمقراطية"

ويكرر نص البيان الراهن صياغات قرار الامم المتحدة الذي سمح فعليا لحكومة عراقية مستقبلية بأن تدعو القوات الامريكية والبريطانية للبقاء الى اجل غير مسمى. وعاد بارنييه للموضوع ذاته اليوم الثلاثاء قائلا انه من أجل أن يتحقق السلام يجب أن يدرك العراقيون ان القوات سترحل. وقال ان قرار الامم المتحدة الذي اقره مجلس الامن في يونيو/حزيران الماضي يعني ان التفويض للقوات ينتهي في 31 ديسمبر/ كانون الاول عام 2005.

وقال بارنييه "العداء للقوات الاجنبية يدفع العديد من العراقيين لان ينأوا بأنفسهم عن العملية. لذلك من المهم أن نذكر بهذا الموعد النهائي وأن نعلن بوضوح أن العراقيين سيكون لديهم سيطرة كاملة على شؤون بلادهم بما في ذلك الشؤون الامنية والعسكرية".