بمناسبة انعقاد المؤتمر العلمي للكفاءات العراقية المغتربة، في بغداد
محمد سعيد التميمي
رئيس مهندسين ـ مقيم في ألمانيا
بسم اللـّه الرحمن الرحيم
وبه نستعين
مقترح مشروع
"الحملة الوطنية لإعادة تأهيل الإنسان في العراق"
الإنسان هو المستخدم الأول لكل ما يُبنى على الأرض والوريث الشرعي له
المقدمة :
إن سياسة نظام الطاغية الطائفية العنصرية التي مارست أبشع أنواع الظلم وامتهان كرامة الإنسان وارتهان فكره ، وتدمير قِيَمهِ النبيلة ، ونشر الجهل والفقر والتخلف ، والقضاء على فرص البناء والتنمية بسبب الحروب والمغامرات الطائشة التي أحرقت الحرثَ والنسل ، رسّخت اختلال ميزان العدل والمساواة في العراق .
في ذات الوقت يعيش السواد الأعظم من أبناء العراق في فقر وجهل وأمّية وتخلّف ، وبطالة وفقدان التأهيل المهني ، وتدنّي مستوى الخدمات الإنسانية في ميادين الصحة والتعليم والمواصلات والسكن . بينهم أجيال من الأميين من المهجرين الذين عادوا الى أحضان الوطن بعد التحرير ، ناهيك عن معاناة الطفولة المشردة وانتشار آفة المخدرات والتدخين .
مواطنٌ أراده الطاغية أن يكون مستعبداً ، عاجزاً عن تقدير شؤونه بنفسه ، فمنعه قسراً من التبصّر في إمور دينه ودنياه . ولكن هيهات ، فجميع هؤلاء صابرون متحسّبون ، يحدوهم الأمل في السلطة التنفيذية المتمثلة بالحكومة الشرعية المنتخبة وأجهزتها الأمنية الوطنية كونها المنقذ الوحيد من هذه المحن .
والدليل الأنصع على أصالة شعب العراق وحيويته الذي أبهر العالم أجمع هو التطور السياسي على المستوى الشعبي في اختيار نهج الديموقراطية ، وانتفاضة الإصابع الزرقاء ، وملحمة الدستور الدائم . ولااستغراب للمراقب المتمحّص الفطن عند قراءة تجارب الشعوب والأمم ، في أن ما حصل في العراق بعد التحرير يقع ضمن المتوقَّع والمحسوب .
الأسباب الموجبة :
نظراً للضرورة الملحّة لملازمة جادة الصواب التي لاسبيل اليها سوى فرض سلطة وسيادة القانون لاستقرار المجتمع وإعادة تأهيله للبدء بالإعمار وتنفيذ خطط التنمية ، التي يمكن تنفيذها بأعلى المستويات العالمية وأرقى الخبرات الدولية (حيث يجب ان تكون كذلك ، بلا ترقيع وكلا لأنصاف الحلول) .
يكفل المشروع (مع ملحقه) ضمان الحياة الكريمة للعائلة العراقية ، وللمواطن العراقي ـ إبتداءً من فترة الحمل وحتى اللحد . كما يضمن تطوير الثروة البشرية ورفع مستواها الثقافي والمهني والمعيشي مما يخفض البطالة ويزيد الإنتاج ويعطي قيمة عليا لعامل الزمن ويدعم التنمية ، ويحفظ كرامة الإنسان العراقي ، ويفسح المجال للوطن لكي يكرّم أبناءه من ذوي الشهداء والمعوقين والأرامل والأيتام والسجناء السياسيين وغيرهم من الذين أستحقوا تكريماً إضافياً خاصاً ، دون أن يكون ذلك عطاءً أو بذلاً يُمنَحُ تفضُّلاً ويُصرف من حينه لسدّ الرَمَق .
وبهذا يتحقق التلاحم المصيري بين المواطن والوطن عبر الإيمان الحقيقي بقيمته ووجوده ، والإستعداد اللامتناهي لحمايته والدفاع عنه والمحافظة على نظامه السياسي الديموقراطي ، وصيانة المكتسبات الوطنية .
فمن الضروري البدء فوراً بحملة وطنية لإعمار الإنسان الذي هو المستخدم الأول لكل ما يُبنى على الأرض والوريث الشرعي له .
أن مشروع "الحملة الوطنية لإعادة تأهيل الإنسان في العراق" يعتمد (مبدأ التعليم المستمر) ويشمل التوعية والإرشاد والتثقيف ، والتعليم والتدريب والتأهيل المهني ورفع كفاءة الأداء ، على قاعدة "علمنى الصيد بدلاً من أن تعطني سمكة" ، حيث تخدم الحملة بمراحلها جميع المواطنين العراقيين من كلا الجنسين بدءاً من سن السادسة عشرة ، من غير الملتحقين بمقاعد الدراسة ، وبكافة مستوياتهم التعليمية والتأهيلية . كما سيرد تفصيله لاحقاً .
الأهــداف :
۞ - تحقيق الإستقرار الأمني ، والقضاء على بؤر الإرهاب ومحاصرة الفساد ، وامتصاص البطالة ، والبدء بأعمال البناء والإعمار والتنمية للإرتقاء بمستوى دخل الفرد العراقي وتحقيق رفاهيتة .
۞ - أن ترتقي السلطات الثلاث بمستوى أداءها ، وأن يتطور أسلوب التعاملات والمخاطبات الرسمية وفق أرقى الطرق الحديثة ، عبر الفاكس والشبكات الالكترونية المغلقة والإنترنت وصولاً الى انجاز منظومة الحكومة الألكترونية وبناء الدولة العصرية التي ستكون مثالاً مشرقاً لدول المنطقة وشعوبها في تحقيق الديموقراطية وحرية الفرد والعدل والمساواة واحترام حقوق الإنسان ، وقادرة على المساهمة الإيجابية الفعّالة في صنع وصيانة الأمن الأقليمي والسلم الدولي .
۞ - أن يكون المواطن العراقي واعياً متعلماً سليماً ، مؤهلاً مهنياً ومنتجاً ، يمتلك ناصية العلم والثقافة والمعرفة ، عارفاً لحقوقه وواجباته مدركاً حدودهما ، يقدّر قيمة الزمن ، مخلصاً في أداء عمله ، لايتجاوز ولا يحابي ، مؤمناً بالدستور مسترشداً ببنوده ، يحترم القانون ويعمل على صيانته ، يساهم بدور فعّال وإيجابي في خدمة الوطن وحماية الممتلكات العامة ومكتسبات النظام السياسي الجديد . المرأة والرجل كلاهما يعرف كيفية استخدام الحاسوب في تنظيم ميزانية الأسرة والتعامل مع النظام الضريبي ، ينقبان عن المعارف والعلوم عبر الإنترنت ، يدركان مخاطر المخدرات والتدخين ، يقدّران أهمية سلامة البيئة ومخاطر التلوث ونظافة الحي ، مطّلعان على القوانين المحلية والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان والمرأة والطفل . وفي العملية السياسية التي لامناص إلاّ أن تكون الإنتخابات القادمة فيها وفق نظام القوائم المفتوحة ، يشاركان بانتخاب مرشحهما وفق معايير واقعية مبنية على أساس إختيار الأمثل ، يملكان القدرة على تحليل البرامج الإنتخابية للأحزاب والتحقق من وطنيتها ونزاهة مصادر تمويلها ، والتمحّص بخلفية مرشحيها وكفاءتهم السياسية والمهنية ومدى التزامهم بالدستور وإيمانهم بالنظام السياسي الجديد واستعدادهم لخدمة المصلحة الوطنية العليا .
۞ - أن يرتقي موظف الخدمة العامة بمستوى كفاءته المهنية ونوعية أداءه الوظيفي وأسلوب تعامله مع المواطنين وحرصه على صيانة حقوقهم ، وتقديم أعلى مستويات الخدمات للمواطن ، الذي سيكون بدوره ممتناً للوطن يحرص على استقراره ويحمي مكتسباته الوطنية ويدافع عن نظامه السياسي . إذ هنا يتحقق المفهوم الصحيح للمواطنة حيث يمنح الوطن أبناءه كل ما يضمن لهم الحياة الكريمة ويحقق الرفاهية ، فيكون المواطن حينها مستعداً لبذل دمه رخيصاً إكراماً لوطنه ، وتعزيز أمنه وسلامة أراضيه . وخير مثال على ذلك المقاومة الكويتية إبّان الغزو الصدامي الهمجي . وليس كما كان يفعل الطاغية بدفع الجياع الى محارق الموت في وطنٍ لايملكون فيه حجر .