النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2005
    المشاركات
    77

    افتراضي طالب علم سعودي يوجه نقداً لاذعاً لقراءة نصوص الصفات بعيداً عن سياقها

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله وصلى الله وسلم على سيدنا محمد

    أقدم لكم ايها الإخوة برهاناً على وجود تغير حقيقي في الثقافة الدينية لدى إخوتنا و أحبابنا في المملكة العربية السعودية

    نعم بدأ الشباب السعودي الأبي بالنظر في عقيدته خارج نطاق السجن الذي اراد حبسه فيه بعض الغلاة من ورثة النهج الظاهري المتشدد المتطرف والذي يتخفى تحت شعرات التمسلف
    ولكن لم أنقلها إلى هذى المنتدى العراقي ؟
    وما شأنه بها ؟

    الجواب : إنني أحب أن يطلع إخوتنا العراقيون على صورة مختلفة للتفكير بدأت تنتشر ( ولو كان ذلك بداية حتى الآن ) بين أشقائنا من شباب السعودية
    وهذا ينطوي على بشرى سارة لجميع المسلمين
    ثمة شباب شجاع في بلاد الحرمين الشريفين يتحررون من القوالب الجامدة للفكر المتطرف الذي أراد البعض فرضه على تلك البضعة الغالية من أمتنا
    فإليكم الآن ما سطرته يد ذلك الطالب الشجاع :


    أصحاب العقائد وسياقات النصوص




    بقلم: الشيخ أبي حزم عبدالرحمن بن محمد الحكمي
    [1

    مشكلة كتب العقيدة أنها جردت شواهدها من سياقاتها تلك السياقات التي وردت في الآيات الكريمة ضمن نسق خاص ونظم متناسق.

    فجاءت كتب العقيدة وانتزعتها من بين تلك السياقات وجردتها منها ثم ألقت منها عقيدة (الوجه، اليد، النزول،000) لذا أصبحت عندنا عقيدة مجموعة من عدة ألفاظ.

    ولا شك أن هذا الاقتطاع لها من سياقاتها التي جاءت ضمن موضوع مترابط أو معانٍ متراكبة لا شك أن هذا جعلها تشكل جسداً واحداً حتى أخرجها من الفاعلية التي تخاطب العواطف والمشاعر إلى نظام مركب لا يخاطب إلا العقول المحضة التي تذهب في تفسيرها كل مذهب.

    وأكثر ما نجد هذا عند أصحاب العقيدة السلفية فإنهم يقتطعون الشواهد من السياقات ويبطلون مفعول السياق ولا يحترمون ذلك الأسلوب وذلك الموضوع التي وردت ضمنه ويجعلونها مشبعة لاتجاهاتهم في تفسيرها ولا شك أن هذا أوقعهم في معضلات جسيمة منها:

    - أنهم أُلزموا أن تكون هذه الشواهد المقتطعة ضمن تركيب واحد أي حين يقتطعون قوله عز وجل (تجري بأعيننا) مفصولة عما قبلها وبعدها من الآيات، وقوله عز وجل (ولتصنع على عيني) مفصولة عما قبلها وبعدها من الآيات ويأتون بها بعيدة عن كل ما وردت ضمنه حتى يتخيل بل حتى يجزم القارئ أن الغرض من الآية ليس إلا إثبات أن لله عيناً أو أعيناً وليس هناك غرض آخر البتة!!00

    ثم تجتمع هذه مع ما يوردونها بعدها من إثبات الوجه كما في قوله تعالى: (ويبقى وجه ربك ...) و (كل شيء هالك إلا وجهه) كلتا الآيتين يوردونها مجردتين عما قبلها وبعدها من الآيات فصار القارئ بهذا يعتقد أن العين في الوجه وهذا لم يرد به شيء!!.

    وما جاءهم هذا إلا من قبل تجريدها عن سياقاتها واستخراجها بالمناقيش من نصوصها.

    وخذ مثل هذا إثباتهم للساعد لله عز وجل من النص الذي ورد فيه (وساعد الله أشد من ساعدك) ضمن نص طويل لا يوردونه كاملاً لأنهم لو أوردوه كاملاً لتضعضعت حجتهم وحينما يثبتون اليد لله عز وجل على الظاهر فإنهم يستدلون بقوله عز وجل (يد الله فوق أيديهم) مجردة عن سياقها الذي لا يومئ بشيء مما ذهبوا إليه فيثبتون يداً حقيقية وإذا جاءوا إلى إثبات الأصابع جاءوا بالحديث المشهور[2].

    والعجيب أنها خمسة أصابع كل هذا يأتي مجرداً من سياقاته التي لا ينبغي أن يحدد معاني هذه الألفاظ غير تلك السياقات.

    وهنا يتغافلون تماماً عما يعتقده القارئ في كتبهم من أن الساعد ملاصق لليد التي هي الكف وهذه الكف فيها خمسة أصابع وهذا يأتي كله ضمن ذراع عظيمة!! هي التي أثبتوها واختطفوها من النص الذي هو أولى بها (سبعون ذراعاً بذراع الجبار[3])!!.

    وهم وإن كانوا لا يقولون بهذا التركيب إلا أنه المتبادر لذهن القارئ الذي يريد أن يعرف معتقده الذي قد حرصوا بأنه من اعتراه الشك في حرف من ذلك فلا يدين الله بدين.

    والعجيب أنهم إذا أورد عليهم هذا استنكروه وقالوا أنتم مشككون وتلوا علينا قوله عز وجل (آمنا به كل من عند ربنا) وينسون أن هذه الآية كما يجب أن يدخل فيها غيرهم فإنهم مـأمورون بالدخول فيها دخولاً أولياً لأنهم أول من ألزم أنفسهم بذلك.
    وحينئذٍ يتأتى عليهم إشكال وهو: أخبرونا أنؤمن بها متفرقة أي أن العين في الوجه والأصابع في غير الكف والساعد في غير الذراع وهكذا أو مجتمعة.

    فإن قلتم أنها متفرقة فقد أثبتم وجود شيء عجيب عيناه في غير وجهه وأصابعه ليست في يده وساعده ليس في ذراعه وهذا لا يقوله عاقل ولا يمكن أن يكون الكمال عليه ويحتاج إلى نصوص كثيرة لإثبات ذلك ودون ذلك خرط القتاد.

    وإن قالوا: بل نؤمن بها مركبة أي أن العين في الوجه والأصابع في اليد واليد في الساعد والساعد في الذراع فهذا هو التشبيه بعينه ويحتاج إلى نصوص كثيرة في إثباته ولا يوجد نص.

    وإن قالوا: نسكت فهذا قول المفوضة الذين قالوا نسكت من بادئ الأمر ونؤمن بها كل من عند ربنا وأراحوا أنفسهم والمسلمين من هذا العنت
    ومن أجل هذا فإن مبالغتهم في الإثبات جعلت الطوائف تظن بهم التشبيه والتجسيم على أحسن الأحوال إن لم يكونوا فعلاً مجسمة ومشبهة.

    لذلك قال الذهبي في ابن مندة (بالغ في الإثبات حتى ظن به التجسيم).

    وأقرها ابن عماد الحنبلي.

    ومع هذا فإن مما يستدعي الوقوف والعجب إلحاحهم على مشابهة الخلق للمخلوق أو أنه لا توجد صفة في المخلوق إلا وجدت في الخالق على حد قولهم (وعلى وجه الكمال على ما يليق به00)!! وإلا فما معنى إثبات العينين لله عز وجل مع أنها لم ترد في القرآن ولا في السنة الصحيحة وإنما ورد الجمع أو الإفراد لا التثنية.

    هل يكون الجواب يا ترى أنهم لما رأوا للآدمي عينين جعلوا لله عينين والذي ينبغي ألا يتعجل في الحكم عليهم حتى يثبتوا ما لديهم مع العلم بأن الاستدلال مع التشبيه بما ورد في الحديث (إن ربكم ليس بأعور) لا يستقيم لأنه محتمل وليس بنص ظاهر.

    والمحتمل عند الأصوليين هو أضعف الأدلة ومثل هذا لا تؤخذ منه عقيدة وهناك بعض الدواب من الحشرات والدواب أثبت المكتشفون بأن لها أربعة أعين أو أكثر فإذا فقئت واحدة صار أعور بالإجماع.

    هذا الجواب ما زالت الطوائف تطالبهم به منذ 1200 سنة ولم يجيبوا عليه.

    وخذ مثل هذا -وإن كان أخف منه- إثباتهم لليدين وإرجاع لفظ الجمع والإفراد إليها مع أنه يحتاج لدليل.

    هل لأن الأدمي له يدان، وهذه تحتاج إلى إجابة أخرى، وهم احتجوا على هذا بأن العرب قد تطلق على الاثنين جمعاً ولكن لا شك أن النظر في سياقات الآيات التي جاءت فيها هذه الألفاظ والتأمل في تلك النصوص التي اختطفوا منها هذا يدل على أن هناك أسراراً أخرى غير ما ذهبوا إليه.

    ومن إلحاحهم على التجسيم إثباتهم الصوت وأن الله يتكلم بصوت مع أن الحديث الذي ورد في ذلك فيه نزاع.

    ولا يكاد يوجد نص يمكن منه لمح عود الصفة فيه إلى الله أو إلى شيء آخر غيره وهو الذي يقتضيه السياق إلا جعلوا عوده إلى الله تعالى يثبت له صفة أخرى ولو كان المحمل ضعيفاً وأنظر لأمثلة:

    - أثبتوا لله ظلاً لأنه ورد نص (يظلهم الله في ظله) مع أنه قد ورد في بعض الروايات أنه ظل العرش وورد في روايات أنه ظل من خلقه كبيت الله وناقة الله00

    ومع ذلك غلبوا ذلك المحمل الضعيف فاثبت بعضهم أن لله ظلاً وهم يقرءون قوله (ليس كمثله شيء) والظل لا بد أن يشبه صاحبه!! أو أن هذا –بزعمهم- ظل على وجه الكمال خاص به على ما يليق بجلاله.

    والذي يظهر أن التفاهم مع هذه الطائفة صعب المنال لأنه يقتضي بناء قاموس لغوي آخر واختراع لغة جديدة ثم نتعلمها سنوات طويلة ثم نتفاهم معهم.

    والعجيب أن بعضهم يرى أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) ليس له ظل لأنه منزه عن ذلك وفي المقابل يرى أن لله ظلاً!!.

    فيالله العجب كيف أصبحت العقيدة لا تملأ العقل إلا شكاً ولا القلب إلا ظناً.

    ومثل هذا إثباتهم للسكوت وأن الله يسكت والعجيب أن هذه الصفة لم ترد في القرآن ولا في صحيح السنة وإنما اختطفوها من حديث (وما سكت فاسكتوا عنه000)!! فأسروها في كتب العقيدة واثبتوا بها صفة السكوت على ما يليق به عز وجل!! ولم يحققوا الروايات في ذلك000 ولم يحققوا معانيها في كتب اللغة العربية بل ولا في القرآن الكريم ولفظ السكوت لفظ يحتمل عدة معان فقوله عز وجل (ولما سكت عن موسى الغضب) ليس السكوت المعروف.

    ورغم ذلك ألحوا عليها لتكون صفة لله عز وجل رغم أنفها وهي تبرأ وتصيح وتجأر إلى الله من ذلك اللبوس الذي ألبسوها إياه.

    ومن هذا إثباتهم لله عز وجل الصورة وأنها ليست كأية صورة أنها صورة آدم!! ولما ورد في بعض الأخبار الإسرائيلية أن آدم ليست له لحية إنما هو أمرد أثبتوا أن الله في صورة شاب أمرد!!.

    وهم يعرفون أن هناك أحتمالاً كبيراً من رجوع الضمير إلى آدم في قوله (خلق الله آدم على صورته) أي أن آدم خلق على صورته التي خلقه الله عليها أول مرة ولم يتحول من صورة إلى صورة.

    أو على الأقل يكون هذا من المتشابه خاصة وأن بقية الحديث تأبى ما يذهبون إليه فبقية الحديث (طوله ستون ذراعاً..) كافية لنفي ما توهموه[4].
    كما أن السياق يدل على أن هناك مضروباً لطم على وجهه وهذا المضروب بين (صلى الله عليه وسلم) أن الله خلق آدم على صورته التي خلقه الله عليها أول مرة وهي صورة يجب إكرامها وعدم التعرض لضربها لذلك نهي عن الضرب في الوجه وهذا إن دلنا على شيء فإنما يقودنا إلى دهليز من دهاليزهم في استغلال كثير من النصوص التي لا تدل على ما ذكروه ولكنهم يلحون عليها لتدل رغم آنافها على ما يعتقدونه.

    فهم إن أرادوا التأويل أولوا كما فعلوا في القرآن الكريم أنه صفة من صفات الله عز وجل (صفة ذاتية كاليد والسمع والبصر) ثم قرءوا قوله (صلى الله عليه وسلم) (إن القرآن يأتي في صورة شاب شاحب) فقالوا: يمر على ظاهره فيالله!! كيف تتشكل صفة لله ذاتية في صورة شاب!! وكيف يقال الرجل ألف كتاباً أنه من صفاته، فالله عز وجل خالق وخلق المخلوق ولا يقال أن المخلوق من صفة الخالق.

    كذلك يقال أن الله تكلم بكلام ولا يقال إن مجموع تلك الكلمات التي تكلم بها صفة من صفاته.

    فلذلك افتضحوا واتضحوا عندما جبهوا بالحديث الصحيح عن أبي هريرة (رضي الله عنه) (يأتي القرآن يوم القيامة فيقول يا رب00)!!

    قالوا: لا هذا ليس القرآن ذلك الشاب الشاحب ولكنه ثواب تلاوة القرآن!!.

    وليت شعري: إذا كان القرآن هنا هو الثواب فما تكون الحلية التي حلي بها ذلك الرجل وماذا يكون تاج الكرامة أليست هي الثواب، وهل من المعقول أن الثواب يطلب عنه الله ثواباً آخر؟! وهذا لا يقوله عاقل.

    وعندما أتوا إلى قوله عز وجل (وهو الذي يرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته).

    قيل لهم: فهذه آية من آيات الصفات فأجروها على ظاهرها كما تدعون وكما تقتضيه أصولكم فكاعوا وتزعزعوا عن مواقفهم وقالوا: إن (يدي) هنا بمعنى (أمام) وقد ورد بلغة العرب!!.

    وكذلك في قوله عز وجل (وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه00) قالوا: يديه هنا بمعنى أمام!!0

    فيا سبحان الله: حين علموا أنه سيلزمهم أنه تكون لرحمة الله يدان حقيقيتان على ظاهرهما وكذلك للقرآن يدان حقيقيتان، فأما الرحمة فإننا لا نستطيع أن نحكم هل لها يدان أم لا لأننا لا نشاهد إلا آثارها.

    ولكن القرآن نشاهده فأين يداه؟!

    فلما عرفوا أنه سيلزمهم هذا ذهبوا إلى وجه في العربية ونسوا أنهم في يوم من الأيام قد قالوا: إننا نرجع لفظ الأيدي واليد إلى يدين فنثبت أن لله يدين حقيقيتين لأن التثنية نص لا يقبل التأويل ولأن العرب لا تطلق التثنية إلا وهي تريد الحقيقة!!.

    ثم لما أتوا هنا نسوا أنهم قالوا ذلك وقالوا: إن اليدين هنا قابلة التأويل وليست حقيقة وهي بمعنى أمام!! فأصبحت أصولهم يلعن بعضها بعضاً وهذا مصير من لم يحقق وإنما همه أن ينصر المسألة التي بين يديه وتحت يمينه حتى لو كلفه ذلك هدم ألف مسألة له أسسها من قبل ثم لا يستحي من الله ولا من رسوله (صلى الله عليه وسلم) ولا من عباد الله المؤمنين أن يؤسس ما هدمه من أجل أن يهدم هذه المسألة التي كان في بنائها من قبل0 (فتلك مساكنهم خاوية بما ظلموا000).

    وعندما أتوا إلى قوله عز وجل (وأنزلنا الحديد000) و (أنزلنا من السماء ماء طهوراً) و00 الخ من الآيات قالوا: هذا نزول لأشياء مخلوقة أي أنها نزلت مع الرحمة وبالامتنان بالنعمة00

    ولما أتوا إلى أن القرآن غير مخلوق ما كان حجتهم التي يحاجون بها خصومهم إلا أن قالوا: إن الله قد في القرآن إنه (مُنزل) ولم يقل أنه (مخلوق) وكأن كلمة (أنزل) أصبحت مضادة لكلمة (خلق) في قاموسهم!! وسبق أن قلنا أنه يجب بناء قاموس لغوي جديد نجمع فيه شوارد وكلمات هؤلاء القوم لينشأ لنا معجم لغوي ونستطيع به التخاطب معهم.

    أو لم يقولوا قبل قليل أن الإنزال يكون للمخلوق كالماء والحديد والأنعام ثم أصبحت الآن –في مسألة القرآن- صار معناها: عدم الخلق.

    وهذا يدل على أن التركيب المعرفي في العقيدة السلفية مهلهل.

    ومن المشاكل التي واجهت قراء كتب العقيدة لا سيما العقيدة السلفية أن الاقتطاع للنصوص من سياقها أصبح سمة عامة لها وذلك أدى إلى إبطال مفعولها النفسي وأثرها الروحي على المتلقين، فأصبح المتلقي حين يتلقاها وقد اجتثت من سياقها الذي ورد في الترغيب أو الترهيب ضمن معانٍ سامية لا يمكن أن تتوطد في النفس ولا أن تؤثر في القلب إلا بورود هذه الألفاظ فيها.

    فعمد السلفيون إليها واستخرجوها من ذلك الإطار الكلامي الرائع حتى أصبحت عندهم لا تؤدي معنى إلا معنى واحداً فقط وهو أن لله يداً أو وجهاً000

    ويكون السياق الذي وردت فيه قد بطل من أوله إلى آخره.

    وقد أخبرني بعض العارفين أنهم قبل تلبسهم بالنظر في كتب العقائد السلفية كانوا يقرءون القرآن وتلك الأحاديث بسياقاتها فتحدث طاقة نفسية ومفعولاً في نفوسهم قد يستدعي بعضهم إلى البكاء ثم لما نظروا في كتب العقائد وأوردوها مجتثة من سياقاتها قالوا: صرنا نقرأها في تلك الكتب على غير المعاني التي كنا نقرأها في القرآن الكريم صارت تحدث في نفوسنا غبشاً وشبهات!!.

    والأدهى من هذا أن هذه الفكرة أصبحت لا تفارق عقولهم ونفوسهم فصاروا إذا قرءوا القرآن نفسه ورأوا هذه الألفاظ في سياقاتها عاد إليهم ذلك التصور التي كتبوه في كتب العقائد!! ولذا أصبحت المسألة خطيرة لأن كتب العقيدة إن كانت بهذا الشكل لا نقول إنها أبطلت المفعول النفسي في كتبها بل حتى في القرآن الكريم.

    اقرأ مثلاً قوله عز وجل (وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء... الآية).

    انظر إلى لفظة (بل يداه مبسوطتان) في هذا الكلام المفعم بهذا البيان وهذا الإعجاز في بسطه يديه وقدرته التامة في إعطائه من يشاءَ وهذا الغضب الإلهي الذي انصب في اليهود فصاروا أبخل من في العالم.

    انظر كيف تملأ الآية نفسك رغبة في كرم الله عز وجل وطمعاً فيما عنده وما ينحلل فيك من الأريحية والسرور في طلب ما عند الله00 إلى آخر هذه المعاني.

    ثم خذها مجردة في كتب أهل العقيدة تجدهم يقولون:

    -وفي إثبات اليدين قوله تعالى: (بل يداه مبسوطتان) بل يبخلون في إكمال قوله تعالى: (ينفق كيف يشاء)!! ألا ترى أنك تشعر بقشعريرة تناقض تلك المعاني التي شعرت بها وأنت تقرأها في ضمن سياقها في القرآن الكريم فكيف بك إذا رزقك الله مطالعة في القرآن الكريم فقط دون هذه الكتب.

    وفوق هذا تأمل ألا ترى أن قول اليهود: (يد الله مغلولة) لا يقصدون أنها مغلولة إلى عنقه وإنما يقصدون البخل بالاتفاق فهم أرادوا المجاز وبالتالي فينبغي أن يكون الرد عليهم مشاكلاً لشبهتهم فتكون اليد المغلولة واليدان اللتان ردَّ بهما عليهم كذلك لا حقيقة لهما.

    سياق الآية يدل على ذلك لأن الرد ينبغي أن يكون من مخرج الشبهة وإلا لعدم التفاهم بين الطرفين.

    وزد على هذا حينما قال عنهم عز وجل (غلت أيديهم) هل أراد الحقيقة فإن أيديهم مغلولة إلى أعناقهم؟! إن هذا المراد لو صحَّ يأباه الواقع لأن اليهود ليست مغلولة أيديهم إلى أعناقهم وإنما دعا عليهم بالبخل وبالفعل هم أبخل الناس ألا ترى أن هذا مناقض للكرم لا لحقيقة أن له يدين عز وجل، فقوله: (غلت أيديهم) مقابل لـ (يداه مبسوطتان) والأول مجاز بالاتفاق وكذلك ينبغي أن يكون الآخر مجازاً.

    وفوق هذا زد في قوله عز وجل: (بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء) بدون واو وهذا يسمى عند أهل المعاني (كمال اتصال) أي أن قوله عز وجل (ينفق كيف يشاء) هو نفس قوله عز وجل (بل يداه مبسوطتان) وعلى هذا فيكون (ينفق كيف يشاء) مبيناً أو مؤكداً أو بدلاً لقوله تعالى: (بل يدان مبسوطتان) وعلى هذا فلا يتأتى وجود حقيقة اليدين وإنما معنى بسط يديه أي الإنفاق والكرم وهذا يعارض قولهم وفهمهم.

    ولذلك اضطروا إلى اقتطاعها من سياقها ظلماً وعدواناً وأسروها في كتبهم مع قريناتها ليتأتى لهم تكفير المسلمين.

    ألا ترى أن السياق الذي أجتثوها منه ذهب كل مفعوله النفسي (الروحي) والإيماني وجعل الكلمة التي استشهدوا بها من وادٍ ومعناها في سياقها من وادٍ آخر.

    ألا ترى فيه ما يشعر به الإنسان وهو يقرأها في سياقها وسوء ما يشعر به وهو يقرأها حبيسة في أقفاصهم التي يقولون أنها عقيدة سلفية.

    وفوق هذا زد قوله عز وجل (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً) ألا ترى أنها مشابهة للآية السابقة، هناك يد مغلولة نهي عنها، ويد مبسوطة كل البسط نهي عنها، وكل هذا لا حقيقة له باتفاق فليس هناك يد مغلولة ولا مبسوطة وإنما معناه (الذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً) وارجع بهذه الآية إلى قوله: (وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم00) ألا يظهر لك أن مخرجهما واحد وأنهما يؤيدان غرضاً واحداً؟!.

    وهذا مثال واحد فقط عرفنا من خلاله كيف أصبحت العقيدة بهذه الأمور مصدر شقاق وحسرة وغبش في القلوب وصدأ في العقول لا يزيد النفس المؤمنة إلا شكا ويبطل مفعول السياق ويجرد الآيات المقتطعة من كل ما حمّلها الله عز وجل من المعاني والتأثير ولهذا فشتان بين تلقينا لهذه العقيدة من هذه الكتب وتلقي الصحابة رضي الله عنهم والسلف -الذين هم السلف- من القرآن والسنة بسياقاتها.
    ولعلنا أشرنا فيما مضى إلى شيء من تقليباتهم لمعاجمهم اللغوية وتغيير معاني جذور كلماتها كما وقع لهم في (أنزل) إذ أصبحت مضادة لـ (خلق) أي أصبح معناها (لم يخلق) ولا شك أن هذا المعنى الجديد الذي صبغوها به قد جعلها نابية عن العربية.
    ووقع لهم مثل هذا في (اللقاء) فاصبح اللقاء يقتضي عندهم الرؤية والمشاهدة وبذلك فسروا قوله عز وجل (وتحيتهم يوم يلقونه سلام00) وغيرها، أن هذا يقتضي إثبات الرؤية وحين فوجئوا بقوله تعالى: (فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه) رأوا أن هذه الآية على أصلهم تقتضي أن المنافقين سيرون ربهم، فأحجموا عن هذا الاستدلال قرناً من الزمان حتى نشأت فيهم ناشئة غرست بغرسهم أصبحت تقرر في كتب عقائدهم أن الناس كلهم يرون ربهم ولكن المؤمنين يرونه رؤية ثواب والكافرون رؤية عذاب!! وهكذا أصبحت المصطلحات الشرعية لعبة في أيدي هؤلاء فرأوا أن من اليسير عليهم إثبات رؤيتين للباري عز وجل بدلاً من أن يعودوا للمراجع قليلاً ويتبينوا أن اللقاء لا يقتضي الرؤية.
    وهنا صرنا في مشكلة أخرى وهي أن الرؤية التي تكون للكافرين كيف تكون عذاباً والمشاهد واحد؟! فهل يريدون التجويز على الباري أن يكون بصورة قبيحة إن رآه الكافرون وبصورة حسنة إذا رآه المؤمنون؟!.
    ثم جعلوا أعظم ثواب للمؤمنين في الدار الآخرة هو الرؤية وأعظم عذاب على الكافرين هو الرؤية أيضاً؟! وهكذا امتدت العقيدة فأخذت رقعة أخرى وزادت صفحاتها صفحات، فبدلاً من رؤية أصبحت عندنا رؤيتان، وصارت الرؤية عذاباً وثواباً بدلاً من كونها ثواباً[5] والأمثلة كثيرة فنكتفي بهذا.
    1] طالب علم سعودي، يواصل الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية- الرياض.

    [2] حديث اليهودي الذي حدث النبي (صلى الله عليه وسلم) أن الله يجعل الجبال على أصبع والأرضين (الحديث)، واختلف أهلا السنة في هذا الحديث فرأى أن النبي (ص) أنكر عليه ورأت السلفية أن النبي (ص) أقره، أما المعتزلة والزيدية فضعفوا الحديث مباشرة، (المالكي)..

    [3] الحديث لا يصح وهو من الإسرائيليات لكن الشيخ يذكر خلاصة ما في كتب العقائد السلفية على افتراض ثبوته هو أخبرني بذلك، (المالكي).

    [4] إلا إذا أرادوا إثبات لله طولاً يليق –على زعمهم- بجلالته وذراعاً يليق بجلالته00 إلى آخر هذه المزاعم التي ينصبونها على مشجب (كما يليق بجلالته وعظمته)!! وما بقي إلا أن ينسبوا لله كل نقيصة ثم يتبعونها بقاعدة (كما يليق بجلالته وعظمته00) فإنه لا يحول بينهم وبين ذلك شيء فقد نسبوا له رجلاً واحدة فقط وكأنه –في نظرهم- يشبه بعض ما يرونه من طيور الماء تعالى الله عن ذلك.

    ولو أنهم اكتفوا بالآيات والأحاديث الصحيحة المحكمة عن الله عز وجل وآمنوا بالمتشابه منها لأراحوا أنفسهم وأراحوا الآخرين.

    وهذا الخطأ في التجسيم كان ردة فعل للتعطيل الذي بالغ في النفي حتى كادوا أن لا يثبتوا إلهاً موجوداً وهذا لا ريب أنه ضلالة كما أن التجسيم ضلالة أيضاً وكل هذه المبالغات كانت ردود أفعال وخصومات0

    [5] فالعقيدة عند هؤلاء متطورة فمثلما نذم الفرق الأخرى بأن عقائدها متطورة من قرن إلى قرن إذا بنا نقع في الخطأ نفسه، نسأل الله أن يجمع المسلمين على ما ذكره في كتابه الكريم وما صحَّ عن رسوله (صلى الله عليه وسلم).



    المصدر: ملحق في كتاب "قراءة في كتب العقائد"
    المؤلف: حسن فرحان المالكي


    منقول

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2005
    المشاركات
    1,948

    افتراضي

    طالب وليس طلاب اكو فرق

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    المشاركات
    714

    افتراضي

    قد يوجد طالب متضرر من الوضع القائم ويتوق إلى التغيير و لكن أغلب السعوديين السنة ذوي عقول متحجرة و مختوم على قلوبهم فهم لا ........

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني