الحملة الوطنية لجمع الوطنية
بقلم / علي فاهم
على غرار الحملة الوطنية لجمع السكراب التي أطلقها السيد رئيس الوزراء العراقي مؤخراً و الذي أهتمت حكومته كثيراً بالسكراب المنتشر في كل أرجاء البلاد و الذي حول العراق بأجمعه الى سكراب و على غرار هذه الحملة التي سميت بالوطنية أقترح أن تطلق الحكومة حملة وطنية لجمع الوطنية و طبعاً هذا ليس لأنها منتشرة في كل أرجاء العراق كالسكراب و ليس لكونها تسبب تلوثاً للبيئة أو تشوه منظر الأماكن بل لندرتها و شحتها و تشتتها فنحتاج الى حملة وطنية لجمع الوطنية ذلك الشعور الذي يفتخر به كل مواطن يحب بلده و يعشق هوائه و يتوسد ترابه الا في بلدي فقد تعرضت الوطنية للتشويه و التمزيق على يد المدرسة البعثية سابقاً لأنها كانت تشكل خطراً عليهم و لأكثر من ثلاثين عاماً أصبحت فيها الوطنية تعني الخوف الدائم و الرعب و التعذيب و الخيانة و الأعتداء على الأخرين ، و تعني الطائفية و المحاباة و التسلط على رقاب الضعفاء فوجد جيل لا يعي من الوطنية الا تلك المفاهيم ، و أصبحت هذه الثقافة هي المنتجة لمدركات العقل الجمعي العراقي حتى بات المنادي بالوطنية يصنف على أنه من (البطرانين ) الغائبين عن الوعي الواقعي لأنها ليست شعارات تلقى على جموع الكسالى بل هي ارتباط عضوي بالوطن و رابطة من الحب الفعلي الملموس لهذا يكون من السذاجة أن تطالب شخصاً ما أن يحب وطن لا يملك فيه شبراً و ناله فيه من الجفاء و مازال ما لم يناله غيره ممن لم يسقط رأسهم على أرضه ، و يصنفوا على أنهم عراقيون ، ثم جاء تجار جدد للوطنية يبيعون و يشترون و يستهلكون قيمها و يلوكون الفاظها و يطالبونك بأن تكون وطنياً و أن تقف بصفهم و تهتف لهم حتى و أنت تنزف و تقطع أشلائك و تهجر من مدينتك و عليك العودة حتى إن لم تجد بيتك في مكانه و أن وجدت قاتلك ينتظرك و بيده السكين فان لم تعود فلست بوطني و ربما تكون عميل ،و ان لم تكن معهم فأذن بحرب قذرة تسقط فيها الرقاب لهذا أصبحت الوطنية بدلات تلبس حسب القياس و حسب المناسبة فزاد نفور الشعب المسكين من هذه المصيبة و كأنها أمرأة مشوهة ، و بين الوطنية و المسؤول معادلة رياضية عكسية عجيبة فكلما زاد المسؤول مسؤولية نقصت عنده الوطنية ، و هكذا علينا جمع شتات الوطنية من المواطنين و توزيعها على هذا الوزير و ذاك المدير و أعطاء القدر الأكبر منها للأخوة البرلمانيين و السياسيين و للزعماء المتنفذين و لكني لا أعتقد أن ما تبقى منها يكفي لهم لأنها تحولت الى سكراب .
و دمتم سالمين .