الطالباني- هبة الاكراد للعراق == فاروق يوسف

25-03-2006





كان من الممكن أن يبقى الجزءان الأوسط والجنوبي من العراق من غير رئيس، لولا اللفتة الكريمة والمشفقة التي قام بها الأكراد، فقدموا جلال طالباني لتقر به عيون العراقيين
جلال الطالباني الذي لو رشح نفسه رئيسا ل(إقليم كردستان) لما استطاع الفوز،أصبح الآن رئيسا، لكن خارج كردستان. آما كردستان التي كان يدعو إلى تحريرها فقد بصم بكل أصابعه على رئاسة سواه عليها. لقد ذهب بصفته رئيسا لـ (العراق) المحتل ليشهد بنفسه مراسيم تنصيب رئيس على منطقة لطالما كان حلمه التاريخي أن يكون زعيمها.
لقد فعل الطالباني المستحيل من أجل أن يكون زعيما معاصرا للأكراد، يكون بديلا للزعامة العشائرية التي مثلها الملا مصطفى البرزاني ومن بعد خلفه مسعود. غير أن الأقدار كتبت نهاية لحياته السياسية في مكان آخر، مكان قد لا يذكر به ولا يذكره تاريخيا، كما هو حال عشرات السلاطين الأجانب الذين حكموا بغداد بعد أن داهمها الليل المغولي.
وجود شخص مثل الطالباني في المنصب الوظيفي الأول في العراق يكشف عن حالة العجز التي تمر بها الحياة السياسية، في بلد عطلت حياته السياسية منذ أكثر من خمسين سنة. فلا أحزاب سياسية ولا منظمات للمجتمع المدني ولا تنظيمات مدنية. كان العراق هو أول ابن الصدفة التاريخية التي كانت ترتجل رجالها. غير أن الطالباني لن ينظم إلى تلك السلسلة بالرغم من ضعف عدد لا يستهان من حلقاتها. ذلك لأنه هبط فيما العراق يعيش حالة نادرة من انعدام الوزن. وبالرغم من هذه الحالة الاستثنائية فان الطالباني هو آخر شخص من الممكن ان يقع عليه الاختيار ليكون رئيسا. لا بسبب عنصريته ومقته للعرب الذين هم مادة العراق البشرية ولا بسبب تاريخه الدموي الذي راح الأكراد ضحيته، ولا بسبب تقلباته وتحالفاته المتناقضة، حسب بل وأيضا لانه عبر وبشكل صريح عن عدم احترامه لاخلاق المهنة التي تمليها عليه وظيفته القيادية. فاثناء فضيحة سجن أبو غريب كان الطالباني هو الشخص الوحيد في العالم الذي عبر عن عدم اكتراثه بما حدث، وحاول التقليل من شأنها أمام الشعبين الأمريكي والبريطاني.
الأكراد اكثر من سواهم يعرفون من هو جلال الطالباني لذلك قدموه هدية مسمومة للعرب. فشكرا لهم.