السجين السياسي بين عذابات الماضي والتهميش


ازهر الموسوي



حتماً ان السجين السياسي ياتي بعد قافلة الشهداء ويمثل المرتبة الثانية من ناحية المظلومية والاضطهاد الذي لقيه من النظام الدكتاتوري البائد الذي عاث في الارض فساداً في عراقنا الحبيب والذي لم يراع لأي حرمة الا وانتهكها، ان السجناء السياسيين هذه الشريحة المظلومة التي أفنت أغلى واحلى ايام عمرها في ظلمات سجون الطاغية [صدام] دفعت الضريبة باهظة الثمن جداً، حتى ان اغلبهم وصلت احكامهم الى حد [الاعدام] الا ان الله عزوجل من عليهم بالخلاص من مقصلة النظام وثراماته المشهورة وخفف عنهم الحكم الى السجن المؤبد ومن ثم بعد ذلك بالافراج. وكانت تلك السنين العجاف المظلمة لما احتوته من عذابات مباشرة وغير مباشرة وما شاهدوه من تلك السنين من اساليب التعذيب وبأخوانهم وبشاعتها التي تدل ان هؤلاء لا يملكون ذرة من الرحمة والانسانية بل كانوا يرقصون ويتراقصون في لياليهم الحمراء التعذيبية كالوحوش الكاسرة، ذنب هؤلاء السجناء انهم عبروا عن ارائهم وتوجهاتهم بحرية ومارسوا ابسط حقوق الديمقراطية، الا ان ازلام [صدام] لا يعرفون هذه المعاني فضلاً عن رفضها. وبعد ان مّن الله عزوجل علينا بسقوط هذا النظام وانهياره وذهاب جميع افكاره المنحرفة والبعيدة عن الانسانية وضد حقوق الفرد والمجتمع، لكن الغريب ان هذا النظام فاجأنا برموزه المنهارة من على شاشة التلفاز بأنه يريد الدفاع عن نفسه وتوكيل محام للدفاع عنه وخصوصاً على لسان طاغيته الذي رفض التوقيع على لائحة الاتهام الذي وجه له، والذي كان يحرم المتهمين من كل تلك الحقوق، ان هذه مفارقة عجيبة تصدر من هكذا نظام ينظر الى الحقوق بصورة مبتورة ومتناقضة.

لكن بعد هذا الانفراج والانهيار للنظام وانطواء صفحته السوداء والاحساس بالحرية وخصوصاً السجين السياسي ماذا حصل؟ ان الذي حصل وللأسف بعد كل هذا، اضحى مهمشاً وغير مقبول من الناحية الفنية والاختصاص [التكنوقراط] بذرائع واسباب ليس هو السبب فيها بل القدر، اي انه خرج من السجن وهو لا يملك تحصيلا دراسيا او شهادة اوغير ذلك .

لماذا هذا التعامل مع هكذا شريحة رفضت النظام [الصدامي] المقبور جملتاً وتفصيلاً ووقفت بوجهه بشدة ولم تبال عندما واجهته بما ستخسره وبذلت نفسها بل بذلت ا لغالي والنفيس، الا يجدر بالحكومة الجديدة ان تعني بهذه الشريحة المخلصة؟ وزجها بعد تأهيلها بأجهزة الدولة وخصوصاً بالأجهزة الأمنية لاخلاصها ولانها اعطت كل شيء من اجل وطنها كما فعلت في زمن النظام البائد بل على الحكومة ان تقدم لهؤلاء على طبق من ذهب كل الخيارات والتعويضات ،اننا نعجز عن تفسير عزوف كثر الوزارات عن اقل ما يصرحون به وهي الوظيفة، ان تهميش هذه الشريحة المميزة من قبل اجهزة الدولة وعدم النظر لها بعين الاعتبار والانسانية والوفاء لمواقفهم الوطنية بوجه النظام البائد سوف يؤدي بهم ان يصبحوا [معارضة] من جديد بوجه الحكومة مما يخلق ارباكا لها وهي في غنى عنه في مرحلتها الانتقالية وخصوصاً نحن في مرحلة صعبة تتطلب ان تتظافر الجهود من ابناء هذا الوطن للتخلص من مظاهر العنف والارهاب.


http://www.idp-baghdad.org/bayan/AL-BAYAN%20News.html