عباس جيجان..من أجل حفنة من الدولارات
بتاريخ 29-12-1427 هـ الموضوع: مقالات

عباس جيجان..من أجل حفنة من الدولارات -
علي شايع
للشعر درّ القائل، و يالها من كلمة: "والله لو ترك القطا لغفا"..
حقا.. لن يغفو ماداموا يتقافزون بين أعشاش صغاره بضوضائهم وجلبتهم،حتى أورثوه الفزع مع كل نأمة وصوت..وصاروا يخرجون على خلواتنا برداءاتهم عبر مئات الفضائيات والصحف والمواقع وغرف المحادثات..والإعلانات..
وجوه طالما تقززت النفس لسماع كلماتها..
بالأمس وعلى حين غرّة طفح في نفسي كيلها ووصل السيل الزبى.. دفعة واحدة وانا اسمع قصيدة شاعر عراقي في مديح أمير دولة خليجية!..كتمتها في نفسي وانا أضع شريط الفيديو لأسجل القصيدة كاملا..وضحكت،قائلا: كم علينا ان نجمع من أسماء هؤلاء وكم علينا ان نسجل لهم.. ولم نوثق لهم أصلا؟.
مشهد مضحك ومقاطع مديح مقززة..



عباس جيجان.. شاعر البلاط الشعبي ،رضيها لنفسه تصاغرا في زمن صدام وها هو يرضاها الآن تقربا ومحاباة ومديحا متراخصاً لأمير قطر..
خرج على الفضائية يستجدي عطف الأمير..وأني لأعجب من هذه الطباع الممعنة في الملق والكدية والنفاق..فلا اعلم عن فاقة عراقي في هولندا حدا تدفعه لإذلال نفسه بمديح من أجل حفنة من الريالات..
أعلم عن أعداد كثيرة من المثقفين المعوزين في هولندا لأنهم لا يتاجرون بالصحف والمجلات الكاذبة،ولا بالمهرجانات المزورة لتوقيع ضيوفها على البياض.. من اجل سرقة حفنة من الدولارات باسمهم..
وأعلم عن كتّاب وكاتبات فقراء حد الألم.. واعلم عن شعراء "يحسبهم الناس أغنياء من شدة التعفف"..


قيل ان صدام حسين أراد أيضا تصنيف المداحين الى قطعان وحظائر ودرجات،فكان إذا نهض بعد قراءة قصيدة احدهم في مجلسه فمعنى هذا ان الشاعر له بيت وسيارة ومسدس ( مسدس يهدى الى الشاعر..!!!!!!!!!!!!!!!) أما إذا بقي جالسا فنصيب المداح كباقي القطيع(مسدس ومبلغ 25 الف دينار.. في زمن كان فيه راتب العملاق الجواهري التقاعدي 65 دينارا فقط" ..
و صادف ان كان عباس جيجيان حاضرا في احد حفلات "الريس" وقرر أن لا يخرج من المولد بالحمص وحده،بل فكّر بطريقة لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها؛ فكّر بخطّة يجعل نفسه يقبـّـل صدام حسين الذي سيستقبله واقفا..فقرأ له قصيدته الشهيرة"جايبلك ثلاث بوسات"..وكانت هذه البوسات الجيجانية؛ واحدة منه، وأخرى من أخته،والثالثة من مسئوله الحزبي. نهض صدام ليطبع عباس جيجان هذه البوسات على خد قائده الضرورة وينال مرامه.
ضحكتُ من القلب وانا اسمع قصيدة بوسات أخرى تبثها الفضائية مهداة الى الأمير بوسات لا يمكن ان تنقل عبر الأثير بل تستوجب حضورا واستلاما وتسليما..
اضحكُ وأتعجبُ من جرأة مثل هؤلاء الناس،وأكثر من ذلك ان تصف صحيفة الشرق القطرية هذا الشويعر بالشاعر العراقي الكبير...
http://www.al-sharq.com/site/topics/...&parent_id=259

الشاعر العراقي الكبير عباس جيجان!!!!!!!!!!!.. هكذا صار أسمه على غفلة من الشعر والثقافة العربية.. وحاله في هذا حال السياب والجواهري..
لا أدري بما أوتي تلك العظمة؟ بالبوسات الثلاثة؟ أم ببوسات جديدة للأمير؟
هل تبدو هذه الأسئلة بليدة؟ أنا أتجاهل إذن..
ولمّا رأيت الجهل في الناس فاشياً تجاهلت حتى قيل إني جاهــل
فو اعجبا كم يدعي الفضل ناقص و وأسفا كم يظهر النقص فاضل
فكم من شاعر عراقي "كبير الشعر" لا يعلمه أهل قطر،ولا صحفهم؟. وكم من متعفف لن يقرب من اسمه أحد حتى يطوي الشعر سيرة العرب كلّها؟..
لنتجاهل أذن ونتجاوز..ونحتسب في ذمة الشعر.. وجوائزه..ولتدعو قطر من تشاء..لتكرمه..لتدعو عباس جيجان في مؤتمر النخب العربية للمهرجان الثقافي في الدوحة.. لتفعل ما تشاء ولكن دون ان تعتبر ان من تنتقيهم يمثلون الثقافة العراقية..
لنحثي الرماد على رأس الشعر العربي وثقافته،وصحفه الهزيلة المشتراة المباعة..
و على مهرجاناته..
فيا موت زر ان الحياة ذميمة ______ ويا نفس جدّي ان دهرك هازل
و لازال الدهر هزيلا أيها المعري العظيم..