هذا المقال لصديق كتبه وانا استعرته منه ولا استطيع ذكر اسمه لاسباب وهو عزيز عليه بنزاهته وصدقه لو انه ايضا خرج من العراق حفاظا على حياته ....... اترك المقال للمناقشه والمقارنه بين وزراء اليوم والعهد البائد والجمهوري
الرصيد المالي لنوري السعيد ..وعبد الكريم قاسم
انا هنا لا أسيس المقال ، ولا اريد المقارنة بين وزير طاغية ولكنه مفلس، وتاجر وديع ولكنه مليء بالذهب، فقد يكون الطاغية يحب الأذى اكثر من النقود، وقد تكون وداعة التاجر غطاء لرغبته بجني الذهب. ولكن للتاريخ الف لسان في الصفحة الواحدة. وقبل أن تطل علينا ستينيات القرن الماضي والمتميزة تقنياً بكفاءة قادتها على الجمع والقمع ، كان العالم منشغلاً بفرضية معالجة البناء المتوارث من عهود الانتداب والاستعمارالتي اخذت ما يكفي منذ أن دار ماجلان حول العالم، وعلم فاسكو دي كاما اوروبا اضافة التوابل الى اللحم كي يستساغ أكله. ويبدو ان الاستعمارية الغربية في كهولتها المتأخرة، ارادت أن تصنع جميلاً لتلك الامم ، ففتحت لشبابها معاهدها ليتعلموا نظم الفلسفة والرياضيات والطب والادب. وكان للجمعيات القومية السرية في عهد العصملي دور في ايقاظ الحس الوطني، ليخلق نوعاً من الترفع في الذات اتجاه كل مغريات السلطة، ومن هؤلاء مع تكوين ثقافتهم وافكارهم التي لم تمس ثوب اليسار والتقدمية، رجال رخصوا الدم والروح والمال من اجل ايمانهم بوطنية التراب والدين، ليهربوا وهم ضباط كبار من فيالقهم المرابطة في البلقان ليلتحقوا بالثورة العربية مع الشريف علي بن الحسين ، يوم لبس الخدعة التي صاغها لورنس العرب في دهاليز المكتب الاقليمي البريطاني في القاهرة وحمل وعداً ملكيا بدولة العرب الكبرى التي لو تحققت لما كنا كما نحن عليه الآن، ولايضطر ساستنا الهاربون لتأجير شقق مفروشة في دول الجوار او ينزوي بكوفية وعقال في قبو حفروه في بيت الطاعة الذي بنوه دون الحاجة الى اقساط العقاري. واحد من اولئك الذين التحق بجيش الحسين بن علي شريف مكة هو الفريق المشاة نوري السعيد، والذي لعب دورا في تشكيل المنظومة الوزارية للحكم الملكي منذ تأسيس الدولة العراقية وحتى الامساك به متنكراً بزي امرأة في الايام الفائرة الاولى لثورة 14 تموز. ولا ادري لماذا هذا الخذلان الذي أصاب رجلاً مثل نوري السعيد كان في شبابه يمتلك وعياً ثورياً لقضية يؤمن بها وقاتل من اجلها وتحدى الف مخاطرة للموت ، واجتاز عصامية الف معارضة بين شيوعية وجادرجية واستقلالية وقومية، وفجأة يرتدي زياً ليس له ويقع في مصيدة الجماهير ويُسحلَ في الشوارع؟
لايهمنا الآن الحديث عن التاريخ السياسي لنوري السعيد بقدر ما نريد أن نكتشف لمن كان يسعى ، لمال أم لخلود أم هو مدرب لخدمة استعمار ما؟ ولأن الاجابة واضحة ، فالرجل كان لايخفي اراءه انه بريطاني من الرأس حتى القدم، ولكن هل كان يهوى الارصدة وقلائد الماس والسيارات البورش؟ الجواب كلا. فلا رصيد لدى نوري ولاخاتم ماسٍ في اصابعه، ويقال أن كل ما يكسبه ينفقه على أناقته وشراء سدارة جديدة. اذن ثمة غرابة: تخدم جلالة الملكة عشرات السنين وتموت دون ثراء ولاعمارة في ساحة الخلاني ولا حتى رصيد متواضع في حساب مصرفي!؟
في ذلك حسنة تحسب لك يانوري، لانك لم تمنح كابوناً نفطياً لا لنفسك ولا لمادحك على حد علمي. كل صلاحية المكأفاة التي منحك اياها الدستور لمن تريد أن تكرمه هي خمسة دنانير لاغير، ويقال انه لم يكن يمنح حتى هذه المكافاة إلا في ضرورات قصوى.
ما ينطبق على نوري في مسألة الارث بعد الرحيل ينطبق على الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم، عاش بوطنية الراتب والعسكر، خدم الملك ولم يخدم أسياد الملك، وقاد ثورته لفهم أن المفلس نوري خرج عن طوره والملك ربما لايعلم! ويبدو أن حلف بغداد كان هو رصاصة الرحمة لملكية العراق. مكتبهُ في وزارة الدفاع، وفطوره يأتي اليه من البيت بسفرطاس، وعندما قتل في مبنى الاذاعة كان جيبه فارغاً إلا من هويته العسكرية، وعندما ذهبوا الى رصيده في المصرف ليروا كم من الملايين يملك الزعيم. كان رد امين الصندوق :أن رصيد الزعيم اربعون دينارا فقط..!
أقول : عاش الزعيم ...............