المشاركة الأصلية كتبت بواسطة iraqcenter_net
الفائز الحقيقي عادل عبد المهدي وليس الجعفري، وفوز الأخير حسم الداخلية للمجلس الأعلى!
بقلم: سمير عبيد *
لقد أنتهى الجدل العقيم حول موضوع رئاسة الحكومة المقبلة في العراق، وذلك بإختيار السيد إبراهيم الجعفري بدلا من السيد عادل عبد المهدي، وبممارسة نجحت بعدم تشظي الأئتلاف الموحد، حيث ظهر الدخان الأبيض ليكون بشارة إيجابية لمحبي الأئتلاف الموحد وللسيد الجعفري، ولحزب الدعوة الإسلامية، وهي نقطة تحسب لصالح الأئتلاف الموحد ،ولسماحة السيد عبد العزيز الحكيم الذي كان وراء مقود سفينة الأئتلاف، وهذا يحتّم على الأطياف المعارضة للعملية السياسية القبول بالنتائج والعمل ضمن المتغيرات الجديدة،لذا لابد من نهج العقلنة والحكمة ، والإبتعاد عن صنف المعارضة للأشخاص أو المعارضة التي أساسها البغض بالمذهب أو بالشخص أو بالحزب، فيجب أن تكون المعارضة لها برنامج وطني واضح ، وشرط إقراره بمبدأ الحوار، ونبذ القتل والعنف الأهوج الذي يحصد أرواح الأبرياء، ويحدد المقاومة التي تقرها الأديان والدساتير الوضعية وهي ضد المحتل وليست ضد أبناء الوطن، ويكون برنامجها لصالح الوطن والمواطن، وسببه وجود الإحتلال والعمل على رحيله، وليس هدفه ترجل الخصم ليأخذ مكانه وإنتهى الأمر، فهنا تكون إنتهازية وليست معارضة.
فالعقل والمنطق يحتّم على الأطياف المعارضة وضع نقطة في نهاية السطر السابق وغلق الصفحة للشروع بصفحة أخرى تلائم المرحلة، و التي هي أولى المراحل الجديّة في الحكم والعملية السياسية، وهي الشوط الحقيقي الذي سيفرز الطيف الفائز من الطيف المتقاعس، وسيفرز الطيف المتخاذل من الطيف الشجاع، وسيفرز الطيف الوطني من الطيف غير الوطني، وكذلك بهذا الشوط ستتوضح المسافات بين جميع الشخصيات والإحتلال في العراق، لذا فاللغة المعارضة يجب أن تتبدل هي الاخرى و حسب التبدل الجديد، والذي هو ليس بفترة مؤقتة، ولا حتى بفترة إنتقالية ،بل هي فترة حكم حقيقية مدتها (4 سنوات) حيث هي المحك الحقيقي لإختبار الطاقات والرجال والولاء.
لهذا نعتقد أن الفائز الحقيقي هو السيد ( عادل عبد المهدي) الذي تخلص من عبء شديد وثقيل، وتخلص من مسؤولية ضخمة أقل ما يقال عنها (فترة السنوات العجاف)، لذا فالسيد الجعفري أمام مسؤولية كبرى، ومسؤولية لا يُحسد عليها إطلاقا، خصوصا والرجل مر بفترة حرجة، بحيث إعتبرها كثير من المتابعين والمحللين ( الفترة الأكثر حرجا في تاريخ العراق الحديث) حيث دخل العراق في نفق مخيف، وذلك لأسباب كثيرة، أولها الإحتلال البغيض، وثانيها نظام المحاصصات، وثالثها الفساد والمحسوبية، ورابعها التدخل في شؤون العراق من قبل الدول الكبرى والإقليمية وبعض الدول العربية، وغيرها من الأسباب الكثيرة، ولكن بنفس الوقت نعتقد إن السيد ( الجعفري) كانت له رغبة بالإستمرار ربما كي يُثبت للعراقيين وللمنتقدين وللمتابعين وللمحللين وللمتحاملين أنه رجل دولة ولكنه فقد المقود في مرحلة من المراحل ويريد إثبات أنه رجل دولة من خلال المرحلة المقبلة ولهذا أعطى إشارات واضحة لبرنامجه المقبل من خلال المؤتمر الصحفي الأول بعد تكليفه برئاسة الحكومة المقبلة، والذي من أهم ركائزه:
أولا:
( قضية الدستور ومراعاتها) فيبدو أن الرجل يحبذ النقاش حول هذا الموضوع، وعلى عكس طروحات السيد الحكيم والذي إعتبر قضية الدستور شبه مقدسة، والتي كانت لأسباب تكتيكية على ما يبدو.
ثانيا :
(الإعتماد على الكفاءة والتكنوقراط) أكد الجعفري على توسيع التمثيل الحكومي ليجسد مفهوم الوحدة الوطنية، وهي خطوة تطمينية للأطراف الأخرى.
ثالثا:
( الإستحقاق الإنتخابي) أي أكد السيد الجعفري على الإستحقاق الإنتخابي، وهذا يعني أن الجعفري لايريد فتح جبهات مع الكتل الفائزة، وهي مناغات لطروحات المجلس الأعلى على لسان سماحة السيد عبد العزيز الحكيم، الذي أكد على الإستحقاق الإنتخابي.
رابعا:
( موضوع الأمن) أكد السيد الجعفري على موضوع الأمن والإستمرار بنفس الخطوات لتحقيق الأمن، وهنا يحتاج الأمر الى أكثر توضيحا كي تطمئن الأطراف الأخرى، لأن قضية الأمن تعتبر من القضايا الحساسة، وأن نجاحها يقود لنجاح العملية السياسية.
خامسا:
( نحتاج كل الطاقات) أكد السيد الجعفري على هذه النقطة التي أختفت من برامج حكومة علاوي وبرامج حكومة الجعفري الإنتقالية ، فالتأكيد عليها شيء جيد، ولكن تحتاج الى برنامج ( تنظيف) فوري يُباشر به في الوزارات والمؤسسات والمديريات والسفارات والملحقيات من أجل طرد الكساد البشري والتخلف الوظيفي الذي فُرض نتيجة نظام المحاصصات، ومن هنا ينجح السيد الجعفري بطروحاته التي قالها وهي ( العملية تحتاج الى جميع أعضاء البرلمان، والعملية السياسية تحتاج لجميع الطاقات، لابد من العمل على الإعمار والخدمات والنضج السياسي من الداخل والخارج، والكل معنيون ببناء العراق الجديد).
فهذه هي ركائز إستراتيجية السيد الجعفري للمرحلة القادمة، وهي ركائز بحاجة الى ورش عمل ومن جميع الكفاءات، ولكننا لم نلحظ تأكيده على موضوع ( إجتثاث البعث) وموضوع ( محاكمة صدام) وهما الموضوعان اللذان أكد عليهما السيد الجعفري كثيرا في فترة الإنتخابات وبعدها، والتي من خلالها كسب الجعفري دعم و ود التيار الصدري الذي ينادي بنفس المطاليب، فهل هناك إستراتيجية جديدة لهذين الموضوعين ، وهل هناك ميل الى إستراتيجية ( ميزان حق) والذي سيدين المجرمين والمتعاونين، ويعطي براءة مواطنة الى الذين لم تلطخ أياديهم بالجرائم والدماء؟.. وهل هناك نيّة لإحياء برنامج ( العدالة الإنتقالية) الذي صُرف عليه ملايين الدولارات قبل سقوط النظام السابق؟.
طروحات وطنية طيبة!
أما سماحة السيد الحكيم فأكد على نقطة مهمة هو والسيد عادل عبد المهدي عندما قال الأول والثاني ( ستكون هناك لجان فاعلة للحوار) وهذا مبدأ طيب وسوف يذلل كثير من الصعاب خصوصا إذا توفرت النية وعند جميع الأطراف، ولقد سمعنا في الفترة الأخيرة هناك طروحات طيبة تجسدت من خلال أحاديث سماحة السيد ( عمار الحكيم) ومن خلال خطب الجمعة التي قالها سماحة السيد ( الحيدري) من جامع الخلاني في بغداد، حيث أكد الرجل على الوحدة الوطنية ووحدة العراق فهل هذا مؤشر يوحي بإنتهاء المناورات السياسية، والشروع بالسياسة الحقيقية التي يقرها الإسلام والمنطق، وهي وحدة العراق ووحدة الشعب العراقي، فإن كان كذلك فهذا فخر سياسي ودهاء سياسي يكحّل عيون العراقيين، وستبقى الإحتمالات واردة والأمور عادة تؤخذ بخواتيمها.
فوز الجعفري حسم الداخلية للمجلس الأعلى!
ولكن هناك نقطة مهمة جسدها فوز السيد الجعفري الذي يمثل جناح حزب الدعوة في الأئتلاف الموحد، وهي حسم قضية وزارة الداخلية الى (المجلس الأعلى ) للثورة الإسلامية، ويبدو أنه هناك مؤشر أن وزارة الدفاع ستكون من حصة (جبهة التوافق)، وحتما ستكون من حصة السيد طارق الهاشمي أو السيد خلف العليان، خاصة وأن خلفية الأول والثاني عسكرية وأكاديمية، ومن هنا ننصح أن يكون هناك مجلسا إستشاريا يتكون من الكتل الفائزة هو الذي يشرف على سياسات وزارة الدفاع والداخلية، كي لا تكون هناك منافسات أو تجاوزات تحكمها ظروف ما، وفي الطرف سين أو الطرف صاد، وكي يتم طمر الأحاديث عن الطائفية ومبدأ القتل على الهوية.
وكذلك نتوقع أن يعود السيد عادل عبد المهدي الى وزارة المالية، وليس الى موقع نائب رئيس الجمهورية حيث إن المجلس الأعلى يحرص أن تكون هناك علاقة جدلية محكمة بين حزب الدعوة الذي يمثله الجعفري برئاسة الحكومة وهو صاحب القرارات وبين المجلس الأعلى الذي يمثله عادل عبد المهدي بوزارة المالية، وهي الوزارة المهمة في عملية التنمية والإعمار والإرشاد، وهي سر نجاح رئيس الحكومة والوزراء .
وتبقى النصيحة الأخيرة للسيد الجعفري وللأئتلاف الموحد العمل بجهد ودون كلل على إستحداث ( مجلس إستشاري لرسم السياسة الخارجية للعراق) حيث ان السياسة الخارجية ضعفت كثيرا في الفترة الأخيرة، ولقد تلاشت في مواقع معينة ، وحدث ضعف شديد في عملية ترسيخ وجود الدولة العراقية في المحافل الدولية والإقليمية والعربية، وحصلت تجاوزات كثيرة على إسم العراق وعلم العراق وعروبة العراق وعلى الجاليات العراقية والسبب نظام المحاصصات وصعود الجزء على أكتاف وقيمة الكل.
نتمنى للسيد الجعفري النجاح في إختيار الوزراء الأكفاء، والإبتعاد عن نظام المحاصصات، والشروع في برنامج وطني يجسد الوحدة الوطنية والعراق الموحد، كما نتمنى أن يكون هناك عملا ينهي الإحتلال في العراق، حيث لم يبق عذر متبقي للأطراف التي تشبثت وستتشبث بالإحتلال.
كاتب عراقي
13/2/2006
samiroff@hotmail.com