لايمكن للفرد ان يكون ديمقراطياً اذا لم يتعلم احترام الرأي الاخر، مثلما ليس بوسعه ان يطالب بحقوقه اذا ما استلب وصادر حقوق الاخرين، وهنا هو ذات الموقف الذي وضع صدام حسين نفسه فيه، حين صادر آراء الاخرين وحقوقهم وبات يتباكى على حقوقه السليبة في عدم استطاعته الاستحمام ليوم واحد ولم يستبدل قميصه لليلة واحدة.
هذا الموقف هو الذي جعلني استعيد ايام حبسي في معتقل (الفضيلية) قبل اكثر من عشرين عاماً، حين اتهمت بأني ضد النظام وكدت افقد رقبتي حينها ، واستذكرت كيف كانت معاملة سجاني النظام من افراد الامن العام لي وللمعتقلين ، كيف كنا نحلم ان نحصل على نصف كاشية(بلاطة) كي نهجع عليها ولو ساعة واحدة ،وكيف كانت القاعة مكتضة بأكثر من ستين فرداً وهي لاتتجاوز ابعادها اربعة امتار في ثلاثة امتار، وحين حل الصيف كانت نتانة اجسادنا تزكم الأنوف الى درجة اننا فقدنا التمييز بين الروائح وما عاد لها تأثير ،ويوم نمنح فرصة للاستحمام كل اسبوع نكتفي بنصف سطلة ماء وهو حلم عسير الحصول،اما غذاؤنا فكان مجرد ماء التمن(الفوح) الذي لايضم منها الا حبيبات قليلة من تكون من نصيبه في الاغتراف يكون من سعيدي الحظ، حتى ان السجانين كانوا يرأفون لحالنا فيضيفون الى الفوح بقايا قشور البرتقال بعد ان يأكلوا الثمر وهكذا دواليك.
اما حين يجيء الليل وتبدأ الضيافات واقصد ان يستدعي المحقق احدنا ، تصفر وجوهنا رهقا، وكان واحدنا بالقدر الذي يتمنى الا يكون هو المستقدم يتمنى ايضا ان يكون القدر رحيما بمن يستدعى لذلك ، لأنه سيجلب الينا اول الصباح اما جثة هامدة او بقايا انسان مدماة.
تذكرت هذا وانا اتابع صلف هؤلاء الذين يحاولون تشويه حقيقتهم وتلميع صورتهم بالباطل.
باسم الشيخ