مقال وردني من أحد الأصدقاء طلب مني نشره له هنا.
عرف سابقاً بالمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، و هو واجهة أسستها و مازالت تديرها أجهزة المخابرات الأيرانية، في مسعى إيراني للسيطرة على الوضع السياسي في العراق و جعله أداة لتنفيذ السياسات الإيرانية في المنطقة و العالم. و دون الدخول في تفاصيل التأسيس و النشأة التي لا تخفى على أحد، إلا أنه من المؤكد أن الدعم اللوجستي و السياسي و المالي الإيراني، أقحم المجلس إقحاماً للاستحواذ على واقع المعارضة العراقية- الشيعية التي تحمل الإسلام كعنوان سياسي لوجودها و تحركها في الفترة التي سبقت سقوط نظام صدام حسين. و يروي كل من عاصر حقبة إنشاء هذا المجلس في إيران في ثمانينيات القرن الماضي تفاصيل كثيرة لا عد لها و لاحصر عن الممارسات التي كان يقوم بها المجلس، و من فوقه السلطات الإيرانية في قمع، و اضطهاد، و تعريض العراقيين الذين أجبرتهم الظروف للجوء إلى إيران إلى شتى ظروف الضغط و الحرمان، لايقاعهم تحت سيطرة هذا المجلس و أجهزته المرتبطة بالسلطات الإيرانية، و امتد هذا النشاط إلى كافة المناطق التي تواجد بها العراقيون-الشيعة في مهجرهم. إذن فقد تحركت إيران في خلق كيان سياسي عراقي-شيعي تابع لها بالكامل لتجعله في الصدارة، موال لها، و يرعى مصالحها في العراق و العالم.
يمكننا أن نحدد ثلاثة معالم رئيسية تحدد سياسة المجلس عند مراجعة سلوك المجلس السياسي في مراحله السابقة و الحالية أن نصيغ عدة معالم رئيسية لسياسة المجلس يسير عليها و فق نهج ثابت.
1. سياسة مركزية العائلة-الفرد
لا يمكن الفصل بأي حال من الأحوال بين المجلس كتنظيم سياسي و بين عائلة الحكيم، حيث يتمحور وضع المجلس حول العائلة-الشخص، حيث يلاحظ وجود طموح سياسي لهذه العائلة مستغلة الجانب الديني، و المشاعر التي يحملها بعض الناس للعمامة. حيث يتحرك عبدالعزيز الحكيم، بأسلوب متطابق مع أسلوب النظام السابق في سيطرة العائلة على حزب البعث، و تحويله إلى شركة خاصة لصدام حسين و عشيرته. و لهذا بدأ المراقبون يلاحظون أن المجلس يدار عملياً بشكل واضح من قبل عائلة الحكيم، محاطاً بعدد كبير من الأتباع الذين يتحركون فقط لخدمة هذه العائلة و ترسيخ أقدامها أكثر فأكثر في داخل المجلس. و يعمل المجلس على التأسيس لخلق ظروف تسمح للإنتقال في مرحلة أخرى إلى ترسيخ وضع هذه العائلة لتتحول إلى كيان عائلي متوارث يتحكم في مصير و ثروات الملايين من الشيعة في وسط و جنوب العراق، و خدمة للجارة الكبرى إيران.
2. سياسة الاستحواذ
نستطيع أن نقول إذن أن سياسة المجلس التي تبناها و التي حكمت كافة ممارساته منذ نشأته إلى يومنا هذا، كانت سياسة الاستحواذ على القرار السياسي الشيعي-العراقي، و إلغاء و إقصاء أي وجود سياسي آخر يتحرك في دائرة صناعة القرار الشيعي- العراقي. الاستحواذ على موارد الثروة و المال خدمة للأهداف السياسية، و الاستحواذ على المواقع الأمنية و العسكرية. و هنا لابد أن نشير إلى أن سياسة الاستحواذ هذه ما هي إلا انعكاس لسياسة تمارسها إيران مع الواقع الشيعي ككل، فهي تمارس هذه السياسة بلا هوادة و بشكل اقتحامي في كل موقع في العالم يتواجد فيه الشيعة، لتقوية موقعها السياسي دولياً.
3. إيران
و مع وجود تلازم بين المجلس و عائلة الحكيم، فإنه يوجد تلازم عضوي بين إيران و المجلس، فالمجلس من حيث النشأة، و صياغة السياسة، و التمويل و الثقافة يمثل امتداداً إيرانياً في العراق. و لا يتمكن المجلس و التنظيمات المرتبطة به من التملص من هذا الارتباط مهما حاول، و يمكن ملاحظة هذا التأثير من خلال تصريحات أهم المسؤولين في المجلس و التي يدعون فيها لمراعاة المصالح الإيرانية تارة، أو من خلال قيادة بعض عناصره القيادية المجاميع الخاصة المرتبطة بإيران، أو أساليب الممارسة الإعلامية، و السيطرة على التجارة البينية بين العراق و إيران، بل و حتى نشر الثقافة الإيرانية في المجتمع العراقي بصور شتى.
4. الإستغلال السياسي للمشاعر المذهبية
يحاول المجلس أن يسوق نفسه الشيعي- الأكثر شيعية مقارنة بالآخرين، العقائدي الملتزم بالقيم الشيعية. و هو يتحرك بأسلوب استثارة عواطف الشيعة و مشاعرهم الجياشة تجاه دينهم و مذهبهم و تجييرها لصالحه سياسياً. و هو في مسعاه هذا يستخدم جيشاً كبيراً من المعممين لتركيز هذا الطرح و الدعوة السياسية، كما يستغل إسم المرجعية الدينية للشيعة و السيد السيستاني على وجه الخصوص لتحقيق مبتغاه هذا، رغم تسجيل المرجعية اعتراضاتها الشديدة على هذه الممارسة، و رغم تحرك المجلس الخفي الذي بدأ يظهر للعيان في في الآونة الأخيرة لضرب مرجعية السيستاني و الالتفاف عليها باتجاه مرجعية سعيد الحكيم الذي بدأ يبرز كالمرجع البديل الذي يطرحه المجلس في موارد الفتيا المختلفة، و تركيز التسويق الإعلامي عليه. ذلك لأن المجلس يراهن على طرح الحكيم كمرجع بديل للشيعة حال وفاة السيستاني.
5. الفساد المالي و الإداري
يتضح من خلال التجربة السياسية التي مارسها المجلس بعد سقوط صدام في المواقع التي تحكم وجود استشراء فاحش للفساد المالي و الإداري. حيث تمدد المجلس بشكل خطير مستفيداً من الموارد العامة و موارد الدولة في سبيل المصالح الشخصية لأعضائه، و تثبيت وضعه السياسي. و عند متابعة المناطق التي سيطر عليها المجلس فإننا نلاحظ أن المجلس لم يقم باي شيئ لها، حيث تعاني من البؤس و الحرمان و التخلف رغم مضي 5 سنوات على سيطرة المجلس على تلك المناطق، مع ملاحظة أن المجلس يسيطر على 9 محافظات في العراق. و يعلم الجميع أن الشركات التابعة لعائلة الحكيم هي التي تحصل على الإمتيازات و العقود لتنفيذ المشاريع، كما أن أغلب المحافظين و المدراء الذين عينوا من قبل المجلس لا يتمتعون بأية قابليات أو كفاءات سوى قابليات السرقة من المال العام. حيث يلاحظ حجم الثروة التي كونها المجلس من خلال الميزانيات الضخمة التي يرصدها لأنشطته المختلفة.