ميســان دولــة غــابت عنــها الشمــس ( 8 )
تطرقت في الحلقات السابقة عن الاوضاع المتردية في ميسان وخاصة مدينة العمارة الحبيبة حيث اصبحت العمارة والمدن الميسانية الامنة والهادئة تشهد يوميا حالات الظلم والسرقة والخطف والقتل والتخلف والظلام واصبح المواطن العماري يعيش في وادي الموت الرمادي ورمال الخديعة التي ابتلعت هذه المدينة الجميلة والتي كانت عامرة بالبساتين والحدائق والمنتزهات ونهر دجلة الذي كان ينبض بالجمال .
ورغم انني اجد دوما محاولات اعاقتي لنشر مقالاتي او الاستمرار في الكتابه وهو ليس بالجديد على الكثيرين ممن يكتبون عن عشقهم لبلدهم ومدينة ولادتهم ولناسهم الطيبين في زمن التصفية والعنف الطائفي والقتل على الهوية والارهاب الذهني وثقافة اللطم والبكاء والعويل والتصفية والتهميش وهدر الكرامات والظلم..الا انني جندت نفسي ووطنتها على حب العراق المقدس :
" وطني لوشغلت بالخلد عنه نازعتني إليه في الخلد نفسي " .. ومدينتي العمارة الحبيبة :
" كم منزل في الارض يألفه الفتى وحنينه أبداً لأول منزل " ..ولاقاوم بالكلمة لكشف الزيف وفضح مخططات الاعداء والدخلاء والخونة وسأواصل مايمليه علي ضميري.
ففي ظل العراق الجديد وزمن الديمقراطية نلقي الضوء على مايجري بحق اهل العمارة ومثقفيها من قبل شلة من الدخلاء و الطارئين ومجموعة صغيرة من السياسيين الفاشلين والقتله والمجرمين ممن تلطخت ايديهم بدماء الابرياء .
نتيجة استفحال ظاهرة الخطف والقتل والتخريب بسبب غياب الأمن والقانون في المحافظة بلغ عدد الذين خرجوا من العمارة الى دول عربية اخرى 50 منهم 20 طبيبا و15 استاذا جامعيا و12 مدرسا و3 عوائل اخرى عدا الذين تركوا وضائفهم خوفا من القتل بعد ورورد تهديدات.
اما عدد الذين تم اغتيالهم من مختلف الشرائح بلغ45 شخصا لهذا العام فقط .. ومنهم من قتل في محافظات اخرى من ابناء العمارة عدا الذين نجوا باعجوبة من محاولات الاغتيال..
وهناك عدد من العوائل التي هوجمت في دارها وعلى مراى ومسمع اجهزة الشرطة ضمن مناطق 28 و30 وحي الحسين والماجدية فضلا عن مئات البمبات التي تنفجر يوميا امام الدور السكنية .. والبمبات هي عبوات صوتية ناسفة تصنع محليا باستخدام قذائف الهاون وصواريخ الكاتيوشا بعد ان تربط بسلك وعجينة ملغمة وصاعق وتوضع فيها مجموعة من المسامير والرمانات اليدوية الدفاعية خاصة لكي يكون تاثيرها كبيرا وبصوت ارتجاجي.
اما عمليات القتل والاغتيالات فهي تنفذ من خلال سيارة يطلق عليها اصطلاحا البطـــــــــة ..وهي سيارة خصوصي بيضاء –تويوتا سوبر آخر موديل – تنفذ جريمة الاغتيالات في العمارة لاتظهر فيها لوحة تسجيل حسب مايذكره شهود عيان وذلك للتغطية على الجرائم ..
سالت تلفونيا احد عناصر منظمة بدر(وهو صديق قديم ) وقلت له يقولون ان البطة تعود اليكم.. فهل تعرفون ماذا قال لي؟ لقد قال : ان كل حزب هنا له بطة ويقصد ان كل حزب له اجندته الخاصة بتصفية من يقف في طريقهم.
كذلك ظهرت في العمارة فئه تسمى السيافة .. اي الاشخاص الذين يخفون اسيافهم وقاماتهم في ظهورهم وتحت الدشاديش ويسرحون ويمرحون في احياء وشوارع العمارة والمدن الميسانية ..ينشرون الرعب والخوف في قلوب الناس و يمشون فوق اجساد العماريين ظلما وعدوانا.
وفي ظل التخلف الاقتصادي الذي تشهده محافظة ميسان جاء قرار الحكومة المركزيه الظالم والذي لايختلف عن قرارات حكومات الانظمة المقبورة حيث قررت مؤخرا إنشاء مصفى في محافظة النجف علما انها منطقة صحراوية وليس لها أية علاقة بالنفط وهكذا مارست الحكومة المركزية الديمقراطية سياسة التهميش بحق محافظتنا التي تعتبر اغنى المحافظات في خزينها النفطي " والتي تطفو على بحيرة نفطية يمكنها ان تمد العراق باحتياطي كبير من النفط لكثرة الآبار المكتشفة فيها فضلا انها تمتلك مخزونا نفطيا آخر غير مكتشف وهذا مايجعلها في موقع الصدارة بالنسبة للخدمات العمرانية والمشاريع الاستثمارية ".
ونتيجة للاضطهاد الفكري والذهني وثقافة القتل والارهاب ومصادرة الرأي الاخرمن قبل بعض الاشخاص الذين يملكون انحطاط حضاري وفكري وثقافي ( طناطله : "الطنطل" وهو كائن خرافي لا يعرف له شكل معين بل يحول نفسه الى اي شكل يريد والى كل كائن يرغب بذلك بلمح البصر! ويؤذي الانسان اذا ظفر به وحيداً) .. والذين ليسوا بالمستوى المطلوب من حيث الفهم الاداري والفكري ولكنهم تربعوا على كراسي السلطة في العمارة اي مجلس المحافظة وبقية المواقع الوظيفية الحساسة ونتيجة لذلك غادر وسيغادر اغلب المثقفين المبدعين الميسانيين الى منافي الغربة والالم.
هذا وفي ظل التخلف العلمي تشهد مدارس ميسان استعمال العصا كطريقة تربوية متحضرة ومنهج دراسي معاصر لايمكن الاستغناء عنه وخاصة في المدارس الابتدائية للبنين وكمثال على ذلك احدى المدارس الابتدائية للبنين في منطقة عواشة في مدينة العمارة حيث توجد في هذه المدرسة مشكلة هي ان معظم الكادر التعليمي ومدير المدرسة يحملون العصا لضرب الطلبة (طريقة للتفاهم وحل المشاكل) .
واود ان اقول لهذا الكادر التعليمي ومدير المدرسة .. العصا لاتربي إلا الحمير .. وعلى رأس الضارب تعود الضربه.
وإن غدا لناظره قريب ...
صــباح ســـعيد الزبـــيدي
بلغراد
[email protected]
********************************