صلابة الائتلاف تفتت مرام: علاوي فوق، علاوي تحت!


رياض الحسيني

كاتب صحفي وناشط سياسي عراقي مستقل

www.riyad.bravehost.com





لااظن ان احدا لايعرف الرجل الاكثر اثارة للجدل الدكتور اياد علاوي رئيس حركة الوفاق العراقية. في بداية الاحتلال الامريكي للعراق لم يكن الرجل معروفا على مستوى الداخل العراقي الا بعدما اتت به الظروف الاستثنائية للبلد وبمساعدة الادارة الامريكية الى رئاسة الوزراء (ايام بريمر)! وقتها لم يكن له اي تأييد فكانت رئاسته للوزراء فاتحة خير له وبداية انطلاق نحو الشهرة والمجلس النيابي من بعد. بيد ان اعترافه العلني (حسبما اشيع) من على شاشة الفضائيات العربية انه قد عمل ولازال كموظف للمخابرات الامريكية (السي اي ايه) قد اثار حفيظة البعض بينما كان سببا قويا للبعض الاخر للالتفاف حوله واعتباره "قيادة قوية" يحتاجها العراق والعراقيين خصوصا وان زمن الصراحة قد بدى نادرا تلك الايام فالاخيرة بحاجة الى شجاعة الشجعان. فضلا عن ذلك تعامله الشديد مع حالتي النجف والفلوجة من بعد واللتان كانتا بمثابة اختبار لقدرة الرجل لادارة دفة البلاد وقد نجح حسب رأي هؤلاء!

الهدوء الذي يغلب على شخصية الدكتور اياد علاوي وان بدى مصطنعا امام الشاشة الفضية الا انه قد اضاف الى شخصيته نوعا من الكاريزما التي يجب ان يتحلى بها كل سياسي لديه مشروع وهدف. يقابل هذا الهدوء الاعلامي صخب وهيجان في العلاقات مع "الكبار" وثورة على الاخر قد وصلت في احايين كثيرة الى درجة الشطب عليه بالقلم العريض! فرئاسة الرجل للوزراء غيرت منه الكثير لدرجة انه قد توهم ان العراق لم ينجب غيره وان ليس بمقدور احد ان يراس الوزراء وهو موجود! حالة من عبادة الذات او لنقل "داء العظمة" قد اصاب الرجل وهو معذور طبعا، فهي حالة يمكن ان يصاب بها اي انسان يجد نفسه ومن دون مقدمات رئيسا للوزراء في بلد مثل العراق! ومن هنا بدات خلافات الرجل مع الاخرين خصوصا بعد رفضه المشاركة في حكومة الدكتور ابراهيم الجعفري الاولى بعد ان رفض الائتلاف الحاحه لاعتلاء رئاسة الوزراء مرة اخرى! وقتها كان لاياد علاوي اربعين مقعدا في البرلمان؟! الحق يقال ان شعبية الدكتور اياد علاوي قد بدات بالتناقص يوم اختلس وزراءه مليارات الدولارات من خزينة الدولة العراقية ومن اموال الدول المانحة لاعمار العراق فضلا عن يوم قراره بحشر بعض البعثيين في مرافق الدولة وبالاخص وزارة الداخلية قبيل مغادرته لرئاسة الوزراء وهو ماقرأه البعض على انها محاولة منه لاحراج الحكومة القادمة من جهة وخلق مشاكل لها من جهة اخرى! بل ذهب البعض الى ابعد من ذلك فحمّلوه تدهور الوضع الامني في البلد نتيجة "زرعه" عناصر بعثية في مرافق الدولة؟! ووفقا لقول الشاعر العربي: اذا تم شئ بدا نقصه ترقب زوالا اذا قيل تم

فان نجم الدكتور اياد علاوي قد بدأ يأفل ويصعد نجم لاعب اخر فيما هو الدكتور ابراهيم الجعفري. وقتها ورغم العمليات التجميلية لقائمة الدكتور علاوي العراقية التي حوت على اسماء كبيرة ولها شهرة الا ان ذلك لم يكن ليمنع من تدني شعبيتة الى النصف تقريبا فحصلت قائمته على خمسا وعشرين مقعدا فقط في الانتخابات الثانية! بيد ان ذلك لم يكن ليجد طريقه الى الدكتور اياد ومن حوله الا بطريقة خاطئة فقرروا وردا على هذا التدني ان يتحالفوا مع قوى ليس لها ادنى تأييد على الاقل في الاوساط الشيعية والكردية! وكما هو معروف فان قاعدة الدكتور اياد علاوي في الاوساط العلمانية الشيعية فقط! الانكى من ذلك ان الدكتور علاوي ومستشاريه لم يكونوا قد حسبوها جيدا وذلك وفقا للحقل والبيدر كما يقولون فتوقعوا ان تحالفا هشا كتحالف "مرام" يمكن ان يهشم وحدة الائتلاف العراقي ويجعل من الائتلاف اقلية في البرلمان ليصعد نجم الدكتور اياد علاوي من جديد وتفتح رئاسة الوزراء ذراعيها وتحتظنه بعد طول فراق؟!

الشئ الذي لم يشأ ان يراه الدكتور ولا مستشاريه رغم علمهم به وهم بذلك قد بدوا كالنعامات، ان تهشيم الائتلاف لو حصل لايعني تنازل الاطراف السنية عن مقعد كهذا يسيل له لعاب الجميع من دون استثناء! شخصيا وقتها كتبت مقالين كان الاول بعنوان "اياد علاوي اتهزم يارجالة" اما الثاني فكان "التوليفة الحكومية الجديدة" ولكن يبدو ان المقالين لم يجدا طريقهما الى السيد علاوي ولو من باب الاطلاع على رأي المساكين امثالي ممن يريدون للعراق والعراقيين كل خير! فمضى في تحالفه الجديد في مغامرة قد كلّفت صاحبها الكثير بينما لم يخسر الاخرون ولاقشة، بل حصدوا من ذلك تنازلات في مفاوضاتهم مع اطراف اخرى بينما راوح الدكتور اياد علاوي وقائمته في ذات المكان ان لم يكونوا قد تراجعوا كثيرا وتخلفوا عن الركب فراسخ عديدة. وقد جاء اليوم الذي يعلن الائتلاف تمسكهم بمرشحهم الدكتور ابراهيم الجعفري لرئاسة الوزراء في قرار لارجعة فيه ابدا في وقت رفضت القوى السنية ترشيح الدكتور اياد علاوي لمنصب نائب رئيس الجمهورية بحجة ان المنصب من حق السنة وان الدكتور "شيعي"؟! لاادري كيف استقبل الدكتور اياد هذا الخبر ممن تحالف معهم ضد "القائمة الشيعية" كما يسميها! كما لاادري كيف سيتصرف المستشارون في رجعة الامور الى نصابها وتنصل اطراف "حركة مرام" من التزاماتهم وتعهداتهم! وبذلك فقد رجع الدكتور اياد علاوي الى نقطة البداية ولكن هذه المرة بخسائر جسيمة ستكلفه الكثير سواء من خلال توزيع المناصب السيادية التي بدا انه سيخرج منها "بخفي حنين" او من خلال تشتيت الخط العلماني الذي راهن عليه الكثيرون سواء في العراق اوخارجه والذين تركوه للدكتور اياد علاوي ليمثله ويجني ثماره. مايؤكد ماذهبنا اليه من ان تأسيس حركة مرام انما هو اصلا محاولة لتفتيت الائتلاف العراقي الموحد هو رفض الدكتور اياد علاوي التحالف والائتلاف مع "القائمة الشيعية" باعتبارها قائمة لاحزاب دينية بينما ارتضى لنفسه ان يكون الحلقة الاضعف في تشكيل حركة مرام التي يمثل اركانها الرئيسية القوى السنية الدينية؟! فكيف يستقيم امر كهذا الا اذا كان في الامر حنق من الاخر؟!