تختلف الظروف المناخية في المرتفعات والجبال عن نظيراتها التي تسود عند مستوى سطح البحر حيث تتميز المرتفعات بنقص كمية الاوكسجين وتناقص اشباع الهيموكلوبين بالدم، وهذه الاختلافات تؤدي الى تغيرات بيوكيميائية عند الاشخاص الذين ليسوا من سكنة المناطق الجبلية اثناء تسلقهم المرتفعات العالية وممارستهم الانشطة المتنوعة.


إن الظروف المناخية في المرتفعات تؤثر في جميع المتسلقين وذلك لأنخفاض الضغط الجوي الذي يؤدي الى انخفاض النبض وضخ القلب للدم، وبهذا تقل كفاءة نقل الاوكسجين من الشعيرات الدموية الى الأنسجة وكذلك انخفاض سرعة عمليات الاكسدة فضلا عن انخفاض درجة الحرارة وارتفاع نسبة الاشعة فوق البنفسجية التي تؤثر هي الاخرى في حيوية الجسم.
ويستطيع الجسم مقاومة التغيرات التي تنجم عن الارتفاع عن مستوى سطح البحر لغاية ”1600م“ اما اذا زاد عن ذلك فسوف يؤدي الى نقص الاوكسجين بنسبة 5% وبالتالي يزداد جهد الجهاز الدوري التنفسي وكذلك العصبي. ولهذا يختلف التوافق الحركي الذي يتطلب زيادة في انتاج الطاقة والحاجة للاوكسجين.
ان التاثيرات السلبية للعوامل الجوية نتيجة الصعود المفاجئ الى المناطق العالية يؤدي الى احتمال حدوث نزف في الانف والصداع والخمول وفقدان الشهية والغثيان وغير ذلك لهذا على المتسلقين الصعود التدريجي والاكثار من تناول الاطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الكاربوهيدرات والتقليل من الدهون والاكتفاء بتمارين خفيفة.
ومن الحالات النادرة حدوث تجمع للسوائل في الرئتين وتحدث هذه عند الارتفاعات التي تزيد عن 1300م ومن اعراضها ضيق التنفس والشعور بالتعب المستمر والسعال، وكذلك يمكن ان يحدث تجمع للسوائل في الدماغ وهذه حالة قد تسبب الوفاة ومن اعراضها التشويش الفكري وفقدان الوعي ثم الوفاة، وتحدث في الارتفاعات العالية جدا التي قد تصل الى”4500م“ وعلاج هاتين الحالتين هو انزال المصاب الى مستوى سطح البحر لتلقي العلاج اللازم.
وتحدث أخطر التغيرات التي يتعرض لها جسم الانسان في المرتفعات خلال اليوم الثالث، حيث تبدأ عملية التمزق والتشنج والاغماء بعد ذلك يحدث تغير معاكس في الجسم يؤدي الى زيادة النبض والضغط وقلة الوزن ونقصان السعة الحيوية وبعد اكثر من ستة اسابيع فسوف تظهر زيادة في عدد الكريات الحمراء ونسبة الهيموكلوبين لهذا فأن عملية التكيف للمرتفعات يجب ان تحصل بالتدريج وترتبط سرعة التأقلم بحالة الشخص والارتفاع عن سطح البحر ونوعية النشاط الذي يمارسه.
ان عملية التدريب بالمرتفعات تؤدي الى رفع كفاءة الانسان نتيجة زيادة التهوية الرئوية لمحاولة تعويض عدم كفاية الاوكسجين من الهواء الجوي وزيادة فرق الاوكسجين الشرياني والوريدي بغرض استهلاك كمية اكثر من الاوكسجين للعضلة. ان زيادة امكانية الجسم الوظيفية من حيث درجة الاقتصاد والفاعلية لاستخدام الاوكسجين يستطيع ان يحتفظ بمستوى الكفاءة العالية لبعض الوقت حتى بعد عودته من المرتفعات.
مما تقدم ينبغي للجميع معرفة تأثير العوامل الجوية في المرتفعات في جسم الانسان وخاصة اثناء ممارستهم للانشطة المختلفة وذلك من اجل الحفاظ على صحتهم ولياقتهم البدنية.

إ.د محمود داود الربيعي
جامعة بابل
كلية التربية الرياضية