نصب تذكاري لشهداء الكورد الفيليين




دعوة الى تأسيس مؤتمر عام لكل التنظيمات والجمعيات الكوردية الفيلية

نجاح محمد علي



(نص الكلمة التي ألقيت في حفل تأبين شهداء الكورد الفيلية في مدينة يوتيبوري السويد)



الأخوة والأخوات المحتفلون حزنا على رحيل الشهداء من الكورد الفيليين وكل من قضى في العراق الجريح



السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته



كم كنتُ أتمنى أن أكون بينكم لأساهم ولو بالكلمات، في رد جزء من كرم وجميل الكورد الفيليين اللذين طوقا عنقي وأنقذاه من حبل المشنقة في نهاية السبعينيات من القرن الماضي.



نعم من دون مقدمات أقول إنني كنت أتمنى أن أكون معكم لأشارك في البكاء وفي النحيب، ولأستذكر بحرقة الحب الأبدي الذي لن تنطفيء جذوتُه ماحييتُ، كلَّ أولئك الذين رحلوا عنا بلا وداع، ولن أستثني أحدا...



كان أخي عبد الكريم شابا واعدا ، واحدا منهم...

وكان منهم أخوةُ زوجتي الثلاثة عبد الأمير وحسن وأحمد ذلك الفتي الصبي الذي لم يبلغ الحلم...



ومنهم أبناء خالي الثلاثة وأبنا خالتي الاثنين، وزوجا أختيَّّ الاثنتين، والقافلة تطول وتطول فالعراق بات يا أحبتي مقبرة الخيرين ، وليخسأ كلُ من يقول غير ذلك ، في اعلامنا العربي وفي هذا الزمن الرديء...



أيها الأحبة...



هناك في حي جميلة ...في مدينة الثورة التي أصبحت بفخر مدينة الصدرين الأول الذي اعتقلتُ في منزله، والثاني الذي كسر معادلة أن تكون المعارضة دائما ..........في الخارج.



نعم في ذلك الحي الذي حرصتُ على زيارته حين دخلتُ العراق أول مرة بُعيد سقوط الصنم، وبعد هجرتنا الأولى التي استغرقت ربع قرن كامل ،يقع منزل المناضل الكوردي ابراهيم الفيلي ، وكان سُجن لمشاركته في اغتيال وزير كوردي عميل شارك في السبعينيات في حكومة النظام السابق، ثم أفرج عنه كما أفرج عني بالعفو المسرحية إثر تسلم صدام رايته المشروخة من البكر المقبور..



أقولُ: العفوَ المسرحية لأن النظام سارع كما تعلمون الى إعادة اعتقالنا مرة أخرى وتمكنتُ بفضل الله من الافلات من قبضتهم، وسُحتُ في المدن والقصبات العراقية الى أن ضاقت على بما رحُبت ، ولم أجد نفسي الا وأنا أطرق باب منزل ذلك الفيلي الشجاع الذي ضمني الى اسرته وصرتُ واحدا منهم، أتعلم منهم أبجديات الحب الأزلي، ومعنى ذلك العشق الخرافي للوطن.



لن أتحدث بأكثر من هذا فالقائمة تطول، ولو سردتُ أسماء الشجعان من الكورد الفيليين، ممن عملوا معي ، حتى حين كنا في حزب الدعوة الاسلامية،لما وفيتهم حقوقهم، لكنني أذكر فقط هنا في هذه العجالة أن الكورد الفيليين،كانوا العمود الفقري لكل التنظيمات السياسية الاسلامية والعلمانية وحتى اليسارية، التي عملت في العراق وخارجه لاسقاط الصنم، وسأشير الى أهميتهم بذكرى عابرة، حين كُلفتُ من قبل الراحل الحبيب عزالدين سليم(أبوياسين) رئيس مجلس الحكم المنحل والذي اغتيل مع رفيقه و نائبه الشهيد الاستاذ طالب العامري، بعد هجرتنا القسرية الأولى الى الجمهورية الاسلامية، (كُلفتُ) لكي أتصل باسر الكورد الفيليين المهجرين ظلما وعدوانا،والاسهام في تنظيم صفوفهم ضد النظام السابق، وبالفعل قمتُ بالمهمة، بل وكنتُ أول من دخل تلك الشقق الضيقة الجديدة في حي دولت آباد بطهران، لألقي المحاضرات، ولقيتُ من تلك الأسر المناضلة الحبيبة صدورا رحبة وعطاء لاينضب.



أحبتي

لن أستغرق في التأريخ رغم أنه يُعيد لي حيوتي والصفاء المفقود هذه الأيام ولكن، تأكدوا(أحبتي) أنني حين أستذكر تلك الأيام، وما رافقها من سجال وصراع على خطب ود الكورد الفيليين، أخرج بنتيجة منطقية مفادها أن الكورد الفيليين، كانت لهم الكلمة الفصل في تعزيز دور المعارضة(آنذاك) اقليميا ودوليا، الا أن مايؤسف له أنهم ظلوا على الدوام بسبب طيبتهم الزائدة، واخلاصهم المنقطع النظير، معبرا للآخرين ....ومايزالون..



يا اخوتي وأخواتي



متى تنظمون صفوكم لتكونوا أنتم أنتم ...كما يجب أن تكونوا وكما يجب أن يعترفَ بكم الآخرون؟؟..



صحيح أن الاختلاف سُنّة، بل ورحمة، لكن تذكروا دائما أن وحدتكم ككورد فيليين بعيدا عن أي مفهوم ومنطلق آخر، هو ما يجعل الآخرين يُعيدون لكم حقوقكم ولايفرطون بها.



ومن هنا وأنا بعيد عن جمعكم الكريم ..أتنفس معكم نفس الهواء، وأستنشق نفس النسائم التي يحُفّّكم بها الشهداء الأبرار الراحلون بلا وداع، أدعوكم الى المبادرة لتأسيس مؤتمر عام لكل التنظيمات والجمعيات الكوردية الفيلية، لمناقشة آفاق المرحلة المقبلة بشأن كتابة الدستور، والانتقال الى العهد الذي سيخلف هذه الحكومة الانتقالية.



إن بقاء مشكلة الكورد الفيليين دون حل جذري يقوم على اساس العودة المشرفة للمهجرين منهم الى الوطن،وتعويضهم الكامل على مالحق بهم من اضرار لحقت بهم، و تثبيت حقوقهم الكاملة و المشروعة لهم في المواطنة، يعني أن العراق الجديد يشارك في ظلمهم.



أطالبُ أن يخرج جمعكم الكريم هذا بتوجيه رسالة معبرة الى الأخ الدكتور ابراهيم الجعفري رئيس الحكومة العراقية، لكي يقدم اقتراحا الى الجمعية الوطنية بتكريم شهداء الكورد الفيليين الذين قضوا صبرا في السجون والمعتقلات ولم يُعثر لهم على قبور أو رفات..



أدعو الحكومة التي أعرف اخلاص معظم رجالها خصوصا الجعفري ، الى تشييد نصب تذكاري لشهداء الكورد الفيليين، وأن يُعترف بحجمهم ودورهم الكبير السابق في المعارضة، ليكونوا شركاء في الحكم من أجل تعزيز استقلال العراق ووحدته الوطنية.



وأخيرا أسأل معكم ساسة العهد الجديد، وأستعير هنا عنوان مقال رائع كتبه القاضي زهير كاظم عبود:

هل تذكرتم معاناة الكورد الفيلية ؟.

زمن مضى لاتتركوه الى زمن آخر .



وتقبلوا حبي الأبدي

نجاح محمد علي

دبي ....الهجرة القسرية الثانية وما أزال ابحث عن وطن يأويني فساهموا بوحدتكم في إعادته اليّ.