طلب تأجيل الانتخابات العراقية يصطدم بمعارضة واسعة من الحكومة والمفوضية العليا والمرجعيات الشيعية وواشنطن

اصطدمت فكرة تأجيل الانتخابات العامة في العراق التي طالب بها 17 حزبا سياسيا ومنظمات مدنية معتدلة اول من امس، برفض الحكومة العراقية والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات والمرجعيات الدينية الشيعية، اضافة الى رفض الولايات المتحدة التي تحتل العراق.
وامام ردود الفعل الرافضة تراجع عدنان الباجه جي رئيس تجمع الديمقراطيين المستقلين الذي اجتمع المطالبون بالتأجيل بناء على مبادرته، خطوة الى الوراء، فاوضح ان بعض الاحزاب الداعية للتأجيل ستشارك في الانتخابات اذا لم يتحقق مطلبها.
وقال الباجه جي في مؤتمر صحافي «ان رفض طلب التأجيل لا يعني ان كل المطالبين به سيقاطعون الانتخابات» اذا جرت في موعدها المقرر.
واضاف «سيتخذ كل حزب قرارا منفردا بالمقاطعة او المشاركة»، رافضا الكشف عما سيكون عليه موقف تجمعه، واكتفى بالقول «ندرس الامر في حينه».
واوضح ان المطالبة بالتأجيل هي «لمرة واحدة» حتى وان لم يتحسن الوضع الامني.
وقال «مطلبنا هو لمرة واحدة حتى لو لم تتغير الظروف التي دعتنا الى طلبه حاليا». واضاف «لسنا مستعدين لطلب تأجيل اخر لان تكرار التأجيل يؤدي الى نتائج سيئة، والشعب لا يريد حكومة مؤقتة لفترة طويلة».
وقد طرحت فكرة ارجاء الانتخابات المقررة في 30 يناير (كانون الثاني) المقبل بسبب تدهور الاوضاع الامنية خصوصا في المناطق السنية حيث تدور مواجهات عسكرية مع المتمردين.
ودعا الجناح السني المتشدد ممثلا بـ«هيئة علماء المسلمين» ابرز هيئة دينية لدى الطائفة السنية، صراحة الى مقاطعة الانتخابات احتجاجا على الهجمات الاميركية الواسعة على معاقل المتمردين في المناطق السنية وخوفا من فقدان السلطة واحتمال سيطرة الشيعة على الدولة سياسيا.
وقد طالبت الاحزاب العلمانية المعتدلة اول من امس بتأجيل الانتخابات ستة اشهر بسبب سوء الاوضاع الامنية ووجود ثغرات اجرائية في النظام الانتخابي. واوضحت الاحزاب في بيان اقرته بالاجماع «ان اضطراب الوضع الامني واشتداد النشاطات الارهابية فضلا عن غياب التحضيرات الكاملة اداريا وفنيا وسياسيا للانتخابات، تتطلب جميعها اعادة النظر في التاريخ المعلن».
اول ردود الفعل صدرت عن الرئيس الاميركي جورج بوش الذي قال من كروفورد (تكساس ـ جنوب) حيث يمضي عطلته «ان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات قررت اجراء الانتخابات في يناير وآمل ان تجرى في يناير».
تلا ذلك استبعاد رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات عبد الحسين الهنداوي احتمال اي تأجيل للانتخابات، نافيا وجود ثغرات اجرائية وامنية ومقاطعة سنية.
وقال الهنداوي اثر اجتماع للمفوضية امس «تأجيل الانتخابات غير مطروح. بالنسبة لنا ستتم الانتخابات في الوقت المقرر بموجب قانون ادارة الدولة»، معتبرا «ان تأجيلها نظريا لا يمكن الا في حال حدوث كارثة سياسية».
ولفت الهندواي الى ان المفوضية لم تتلق اي طلب خطي بهذا الصدد، موضحا ان مهمة المفوضية «واضحة» وتقضي «باجراء الانتخابات في موعدها المقرر لا ارجائها».
واكد ان المرشحين الذين تسجلوا «هم من كل ارجاء العراق ويمثلون كل الطوائف والقوميات». واعرب عن امله في ان هذه الانتخابات «التاريخية» ستجري في كل العراق وقال «لا اعتقد بان المقاطعة ستكون كبيرة».
كما اكدت الحكومة العراقية المؤقتة تصميمها على اجراء الانتخابات في موعدها.
وقال الناطق باسمها ثائر النقيب في مؤتمر صحافي «الحكومة مصممة على اجراء الانتخابات في موعدها، وتعمل جاهدة مع كافة القوى لتجري (الانتخابات) في موعدها المحدد».
واوضح ان رئيس الحكومة اياد علاوي أنه «غير مقتنع بان تأجيل الانتخابات سيؤدي تلقائيا الى تحقيق مشاركة اوسع». واشار الى ان المفوضية اكدت للجنة الوزارية لشؤون الامن القومي «انها على اتم الاستعداد لاجراء الانتخابات في موعدها».
وكانت حركة الوفاق الوطني التي يتزعمها علاوي قد شاركت في اجتماع اول من امس ووقع ممثلها على طلب التأجيل.
ودخل السفير الاميركي لدى العراق جون نيغروبونتي على الخط. وقال امس اثناء زيارة مفاجئة الى مدينة الفلوجة التي سيطرت عليها القوات الاميركية والعراقية بعد هجوم واسع، «نعتقد ان الوضع الامني سيكون ملائما لتنظيم الانتخابات في 30 يناير».
كما رفضت المرجعيات الدينية الشيعية في النجف اي تأجيل للانتخابات. واكد محمد حسين الحكيم، نجل اية الله العظمى محمد سعيد الحكيم احد المرجعيات الرئيسية الشيعية الاربعة، في مؤتمر صحافي ان «موضوع تأجيل الانتخابات خارج عن حيز المناقشات، وهذا امر محسوم لنا».
وردا على سؤال عما اذا كان هذا رأي والده فقط، اكد الحكيم «ان المرجعيات الدينية (الشيعية) كلها لا تتحمل مسؤولية تأخير الانتخابات». واضاف «الامر غير قابل للنقاش. وهو غير مقبول شعبيا».
من جهتها تتجنب حكومة علاوي الذي سيتوجه شخصيا الى عمان لاقناع معارضين بمن فيهم البعثيون غير المرتبطين بصدام حسين، بالمشاركة في الانتخابات، ان تقر تأجيلا للانتخابات يحبط الشيعة. كما ان الحكومة لا تضمن ان يكون الوضع الامني بعد ثمانية اشهر، وفق مطلب الراغبين في التأجيل، افضل مما هو عليه الان خاصة ان العمليات العسكرية في المعاقل السنية تحقق على ما يبدو بعض النجاح.
وتقول مصادر سياسية في بغداد ان علاوي الذي تولى السلطة في ظل الاحتلال الاميركي يخشى ان تعطي موافقته على التأجيل انطباعا بانه يريد البقاء في الحكم
www.iraqshabab.com