تصطدم أحياناً الأم بحقيقة مفزعة بعد أن تكتشف أن طفلها سارق صغير، دون معرفة ما الدافع وراء ذلك، كما أنها تشعر بالحرج الشديد ولا تفصح عن هذا الأمر لأحد، وفي المقابل تلجأ الى عقاب ابنها بقسوة شديدة أملا في ردعه عن تكرار هذا السلوك.ويوضح دكتور اسماعيل يوسف استاذ ورئيس قسم الطب النفسي بجامعة قناة السويس بمصر أن الطفل يسرق احيانا دون قصد منه. ودون ان يدرك ان ما يفعله سرقة، خاصة في السنوات التمهيدية للمدرسة، والتي اصطلح على تسميتها بمرحلة الحضانة، فالطفل يأخذ ما يريده أو يثير اعجابه دون ان يكون هدفه السرقة.اما الطفل الذي يسرق بعد ان يتجاوز عمره تلك المرحلة، فهو حالة من اثنتين: اما انه سارق صغير منحرف السلوك تدفعه ظروفه البيئية والتربوية للسرقة، أو انه مريض بما نسميه «هوس السرقة»، والانسان المصاب بهوس السرقة يعجز عن مقاومة نزعات السرقة لأشياء لا يحتاجها، وقد لا يكون لها أي قيمة.

وعادة لا يكون هذا النوع من السرقة ناتج عن أي تخطيط مسبق، على عكس السرقات الاخرى التي تحدث لدى منحرفي السلوك.

اما عن اسباب هذا الاضطراب كما اوردها موقع «محيط» فيقول دكتور اسماعيل يوسف: «يبدأ هذا الاضطراب في سن الطفولة وتعود اسبابه الى نزعات عدوانية، أو إلى كون الشيء المسروق يمثل للطفل رمزا أو معنى يفتقده. وتظهر اعراض مرض هوس السرقة في فترات الضغوط النفسية مثل موت احد الوالدين، أو الانفصال أو الطلاق بين الوالدين، مع ازدياد اعراض الاكتئاب والقلق والشعور بالذنب لدى المصابين بهذا الهوس».

ويؤكد الدكتور اسماعيل ان هذا الطفل غالبا ما يفتقد للحنان والاهتمام الاسري، خاصة من جانب الام، وبالتالي قد تظهر اعراض السرقة المرضية كمحاولة منه لإعادة العلاقة المفقودة مع الام وجذب انتباهها، ويحدث هذا في بعض الحالات عندما تنجب الام طفلا جديدا، أو تتزوج من شخص آخر عقب وفاة الاب أو انفصالها عنه، فيشعر الطفل انه بات مواطنا درجة ثانية في حياة والدته، كما جاء بالشرق الأوسط.

ولهذا تلعب الام دورا كبيرا في توازن شخصية طفلها، وحمايته من أي انحراف، وكل ما عليها هي أن تمنحه الاحساس بالأمان والحب، وتشعره بأنه فرد مهم داخل الاسرة.والأهم من كل هذا عليها أن تراجع طبيعة علاقتها بطفلها اذا طرأت عليه أي بوادر انحراف أو اعراض غير طبيعية، وأن تناقشه بهدوء لمعرفة اسباب سلوكه المنحرف ودوافعه، وأن تشرح له خطأه في هدوء دون انفعال أو اهانات قد تجرح شعوره.

اما اذا كرر السلوك نفسه، فعليها ان تعرضه على طبيب نفسي في أقرب فرصة: لأن الأسباب قد تكون أكبر مما تستطيع أن تستوعبه وحدها.