[align=right]
(بغداديات)

بتوقيع : بهلول الكظماوي


( اللي يدري يدري, والّلي ما يدري كمشة عدس )




قبل البدء بالبغدادية انوّه الى انّ في العنوان الاصل في اللهجة العراقية ( كضبة عدس , بدل من كمشة عدس) , ولغرض التقريب لغير العراقيين جعلتها ( كمشة ) عدس بدل كضبة عدس , وكلاهما يؤدّي نفس المدلول و نفس الغرض , ولوجود نفس المثل في المجتمعات الشامية و ما جاورها0

و بما اني اكتب على صفحات الانترنت , وهي عالمية و غير محصورة بالمحطّات العراقية, ولوجود الكثير من العراقيين الذين ( يدرون ) يعلمون جيداً بخفايا ما يدور بالعراق, بل احسن منّي بكثير , امّا الآخرين من غير العراقيين فهم يسمعون ما يدور بالعراق على شكل مشوّه عبر اجهزة اعلام عالمية متطوّرة , مأجورة ومدفوع لها من اجل تحوير الحقائق , بل تزوير الكثير من الوثائق , مّما يتوجّب على كل واحد منا ان يستنفر كل طاقاته و يستثمر كل امكاناته ليسدّ النقص و يملأ الفراغ الحاصل في اعلامنا العراقي للخارج , بل ويجرف عكس التيّار القوي ليوصل الحقيقة الى الآخرين0

:قصّة المثل

كان احد ابناء الاقطاعيين مغروراً, متغطرس, متكبّر , يحسب ان الدنيا وما فيها طوع امره, وانه سيحصل على كل ما يريده باشارة بسيطة منه0

كان دائماً يأتي الى الحقول التابعة لوالده في مواسم الزرع او الحصاد ( يستصرم) يتبختر على الفلاحات الصبايا و يتحارش بهن0

و كانت ضمن البنات بنت صبية في مقتبل العمر جلبها فقرها و سوء طالعها الى العمل بأجور زهيدة في مزرعة هذا الشاب الفاسق0

ولمّا كانت الفتاة منصبّ همها كلّه الى قوت يومها , ولا تعير اهتماماً , بل تتحاشى هذا الفاسق, لذلك ارتأى هذا الشاب طريقة يحصل منها على مراده , اذ نقلها من مهنة ( الحوّاشة ) الى ( طوّاشه ) تلتقط ما ( يطوش ) من ايادي الحصادين او الحصادات , ولتبقى بعد الحصاد و بعد ان ينهي الحصادون عملهم , تبقى لتنظيف المكان مّما تبقّى من الحبوب او الثمار او

الخضار الساقطة على الارض , وكان ذلك اليوم يوم حصاد للعدس0

و بذلك تسنّى له بعد انتهاء الجميع و خروجهم لتغسيل ايديهم من النهر و تبديل ملابسهم , فبقيت لوحدها لينقضّ عليها قاصداً اغتصابها 0

وهي تحاول ان تخلّص نفسها منه مادّة يدها قابضة على حفنات من سيقان العدس الخضراء لتضربه بها , واذا بالناس تلتم امام صرخاتها لتشهد هذا المشهد البغيض0

عند ذاك تحجّج ذلك الشاب الفاسق المغرور بانها كمشت ( قبضة ) من العدس بغية سرقتها0

وامام كذبة هذا ( ابن الاقطاعي ) و بهتانه للبنت الصبية لم يجد المزارعون مناص من مجاراته ببهتانه للفتاة والقول بمقولته بانها سرقت ( كمشة عدس ) ولاجل استرجاع المسروق منها ركض ورائها فسقطت على الارض وانحنى فوقها ليخلّص العدس المسروق من قبضات يدها0

وامام حيرة البنت وتصديق مقولة الشاب الفاسق و عدم تصديق الفتاة المجني عليها اخذت الفتاة تولول قائلة ( اللي يدري يدري ... واللي ما يدري كضبة عدس )0

والآن عزيزي القارئ الكريم:0

الكثير من العراقيين ( يدرون ) يعلمون بما يدور , ولهذا تجد الكثيرين منهم منقسمين الى من شمّر سواعد الجد واخذ يتعامل مع الازمة بجدّية و بعمل دؤوب بغية الخروج منها , وقسم آخر وامام حالات الشدّة و وطأة و مصيبة ما يدور اخذ به اليأس فتنحّى جانباًً تاركاً امره الى الله , عسى و لعلّ الزمان يأتيه بالفرج0

و لكنّ الكثيرين من الآخرين , (هؤلاء الآخرين ) اخصّ بهم غير العراقيين من الذين لا يدرون و على غير علم و دراية بما يدور و يجري في العراق من الذين يستقون معلوماتهم من بعض الاعلام المحلّي المتمثّل ببقايا النظام البائد و بفلول مرتزقة ذلك النظام ( واقصد به نظام هدام ) او يستقون معلوماتهم من الاعلام الاقليمي و العالمي المرتزق و المدعوم من قبل كل اعداء الشعب العراقي المظلوم , سواء المستفيدين من فلول النظام الصدامي المنهار والهارب الى الخارج مع موارد مالية لميزانية دولة نفطية لمدة خمسة و ثلاثين عاما , او المهدّدة عروشهم برياح التغيير الجديدة على المنطقة او من المستعمرين الجدد المستفيدين من حالة الفوضى و الارباك و القتل العشوائي و التخريب و الدمار المنظّم الذي يطال الشعب العراقي0

عزيزي القاري الكريم : 0

0 اذا كنت لا تدري فتلك مصيبة...... وان كنت تدري فالمصيبة اعظم؟




هل تدري عزيزي القارئ : ان وزير الدفاع الامريكي الجنرال رامسفيلد عندما زار العراق بعد سقوط نظام صدام مباشرة اخذ يتجوّل بالقصر الجمهوري ببغداد وكأنّه يتجول في بيته حيث يعرفه تماماً , اذ كان قد زار صدام و لعدة مرات ايام ما كانت امريكا تدعم صدام في حربها على ايران وحلّ ضيفاً على نظام صدام وبقي في احدى هذه المرات بضيافته لمدة واحد و عشرين يوماً متتالية لذلك فهو ( الجنرال رامسفيلد ) يعرف القصر الجمهوري تماماً , فهو

يعرف كل غرفه و اروقته و ممراته و مرافقاته؟0




هل تعلم عزيزي القارئ: بان ازمة المحروقات ( النفط و الغاز والبانزين ) يفتعلها اصحاب محطات تعبئة الوقود لان هذه المحطات كانت سابقاً مملوكه للدوله العراقية, ثم باعها الطاغية صدام الى اركان حزبه و اعوانهم و مؤيديهم و لعوائلهم؟0




هل تعلم : ان الذين خربوا شبكات تحلية المياه و شبكات توليد و توزيع الطاقه الكهربائية , ان الذين خربوها لم يقدموا على هذا العمل عشوائياً, بل بتوجيه من الفنيين الذين كانوا خبراء داخل هذه المؤسسات , ولذلك اتى التخريب المتعمّد باماكن حساسة يصعب اصلاحها؟0




هل تعلم ان الذين فجّروا و خرّبوا مقاسم و بدّالات ( سنترالات ) الاتصالات الهاتفية في جميع انحاء العراق من الفنيين ( البعثيين ) الذين كانوا يعملون بتلك الدوائر, فهم اعلم باماكن الاهمية و يعرفون ماذا يخربون و يدمرون من الداخل الذي كانوا يشتغلون فيه؟0




هل تعلم ان انابيب ضخ النفط الخام العراقي الى الخارج بدون عدادات قياس لقياس ما تحمله البواخر العملاقة من النفط العراقي , وبذلك لا يمكن السيطره على كميات النفط ( المنهوب ) التي تصدّر الى الخارج؟0




هل تعلم ان التكاليف الباهضة لتدريب الشرطة العراقية التي يقولون عنها انها شرطة جديدة, في حال وجود كوادر تعليمية و خبرات محلية عراقية باستطاعتها التدريب افضل في العراق , ولكن ماذا نقول امام الامر المفروض؟0




هل تعلم ان انشاء مطار على الاراضي العراقية المغتصبة لصالح الاردن , هل تعلم كل ذلك له ثمن مدفوع سلفاً لقاء دعم الاردن لحركة الوفاق العراقية التي كانت هي الحركة الوحيدة العاملة بالاردن معارضة لنظام صدام حسين؟0




عزيزي القارئ الكريم : هذا غيض من فيض ما ندريه و نعلمه نحن ابناء الشعب العراقي , المظلوم , وهو مالا يدريه او يعلمه الكثيرون من ابناء الشعوب الاخرى0

اسأل الله ان نتمكّن من ايضاح المزيد في حلقات من بغداديات قادمة , حتى لا نضل نلف و ندور خلف الاعلام المعادي لشعبنا العراقي مردّدين المثل القائل:0

( اللي يدري ... واللي ما يدري كضبة عدس )

ودمتم لاخيكم : بهلول الكظماوي

امستردام في 7/3/ 2005

e-mail : [email protected][/align]