النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: دلال القهوة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2003
    المشاركات
    817

    افتراضي دلال القهوة

    دلال القهوة بين مزارع قرية ” البستان “
    المضايف صورة من صور الطبيعة القروية الزاهية بالبساطة والعفوية

    شذى الجنابي

    منذ بداية حضارتهم المبكرة فتح العرب عيونهم على مجالس الضيافة والتي توارثتها الاجيال فبقيت دواوينهم مفتوحة اربعا وعشرين ساعة وامتدت نارها على نار قديمة تقتدي من حطب الليل لتكون دليل الضيف او الطارق الذي يجسد عند اهل الدار ما يجده عند اهله من الترحاب وسعة الطعام والشراب، مما يذكرنا بضيف الشاعر العربي الحطيئة الذي كادت حيرته تدفعه الى ذبح ابنه ليقدمه طعاما لضيفه لولا منة السماء عليه بغزارة واردة قد اكتنزت لحما وطبقت شحما افتدى بها ابنه واقام حق ضيفه وهو المعروف ببخله، فكيف بالطائي واجواد العرب وكرامهم!!
    والضيافة تستوجب رعاية متطلبات الضيف ولكنهم يقولون ان القهوة اول مراحل الكرم، والقهوة مفردة قديمة وردت في شعر العرب الاقدمين ولكن ليس بالمعنى المتعارف عليه اليوم وانما وردت بمعنى” الخمرة “، اما ما نعرفه عن معناها اليوم فلم نستطع العثور على مصدر يحدد هذا المعنى تاريخيا وهو دلالتها على البن المحمص الذي يطحن ويخدر ليحتسي منه الضيوف وغير الضيوف ممن يضمهم المجلس.
    وارتباط القهوة بالمجالس يعني ارتباطها بطقوس وحكايا يمكن الالمام ببعض تفاصيلها من ناسها الذين يتعاملون معها يوميا ويحترمون تقاليدها كجزء من تقاليد تاريخية واجتماعية متوارثة، ليس من السهل اهمالها والا فان من يفعل ذلك يكون عرضة للثلب والانتقاص.. ومثل هذه المجالس ما تزال معمورة ومفتوحة لزائريها وضيوفها وقد اتيح لنا ان نكون ضيوفا في احد الدواوين دون اذن مسبق فوجب علينا ان ندخل الدار، ووجب على اهل الدار ان يطعمونا ويسقونا دون كلفة سوى العمل بالمثل القائل:
    يا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا
    نحن الضيوف وانت رب المنزل
    مضيف متطور
    كان لنا ذلك بعد ان سألنا احد الفلاحين في احدى مزارع قرية البستان في ناحية خان بني سعد عن مضيف قريب، فدلنا على مضيف الشيخ حاتم الفياض واولاده وقد توقعنا في البداية انه خيمة من الشعر وبدلا منها وجدنا صالة ممتدة ومفروشة بانواع البسط والسجاد والادوات الملونة تلوينا زاهيا يوحي بالبساطة وانفتاح النفس على السجية والتألف بين الطبائع فالانسان في هذه القرية الخضراء صورة من صور الطبيعة القروية بعفويته وبصدق احساسه وبتعامله مع الالوان ولكن مع كل ما وجدناه من عفوية وبساطة يبقى ما رأيناه هو الديوان او المضيف” المتطور “.. والاهم من ذلك فان المكان مفعم بالروائح المختلفة، حتى اصوات الطير لها رائحة خاصة ولكن تكاد تكون رائحة القهوة هي الطاغية على روائح عداها.. وقد خصص لها ركن من اركان المضيف قريب من المدخل.
    واستطعنا ان نستدرج الشيخ حاتم عن تفاصيل القهوة واسرارها وحكاياتها متلذذا في سرد يومياتها.. الركن المخصص للقهوة” الوجاغ “ قريب الشبه بالفرن والنار في داخله عبارة عن جمر ملتهب تخدر القهوة عليه فيحمص البن اولا” بالحماس “ والحماس عبارة عن اداة معدنية مخصصة لتحميص البن على النار بعد ذلك تدق وتطحن بالهاون ثم تتلجن” والتلجين معناه تفوير القهوة “ ثم تخدر وتصب لارتشافها وتخدر القهوة عادة في آوان نحاسية او فضية تدعى الدلال، واعتقد ان هناك علاقة بين دلة القهوة وبين دلو الماء، فكلاهما يستسقى منه والدلة النحاسية افضل من الفضية والدلال تختلف في احجامها واكبرها هو” القمقم “ وتوزع منه القهوة الى الدلال المتوسطة والصغيرة وثم تصب في الفناجين.
    حومة الطير
    العرب يفضلون شرب القهوة عند الضحى العالي او ما يسمونها” حومة الطير “ وهو” اعز “ وقت لارتشافها والقهوة اللذيذة هي التي لا تتعدى” الزردوم “ ويدعونها” الشفة “ بمعنى الرشفة اما ما كثر منها فغير مستحب بالنسبة لمتذوقيها وقد عرفت القهوة بعد الاسلام بعد حوالي” 60 ـ 100 “ سنة تقريبا واول زراعتها كان في اليمن من بلاد العرب وكانت تنقل كتجارة مهمة في زمن المراكب وقوافل الابل.
    وهناك نكتة شعبية فالذي قلبه ابيض يتذوق القهوة البيضاء، اما من قلبه اسود فيتذوق القهوة السوداء وفي الحقيقة ليست هناك قهوة بيضاء ولا سوداء وانما هناك قهوة خفيفة وقهوة ثقيلة وفي بعض الاقطار العربية يحبونها خفيفة باضافة كمية من الهيل لها. اما في العراق فانهم يحبونها ثقيلة، وبعضهم يضيف لها جوزة البوة ليشتد تركيزها.
    وللقهوة طقوس ومراسيم يجب التقيد بها فيتوجب على شارب القهوة ان يتناول الفنجان باليد اليمنى وينبه عليه ان مد يده اليسرى لتناولها وذلك ما تقتضيه العادات العربية المتبعة..
    كذلك تدار القهوة لمن لا يستحقها في هذه الحالة يتقدم صاحب القهوة من هذا الشخص ويصبها له، وحينما يمد يده لتناولها يبادره صاحب القهوة فيسكبها اشارة له بانه لا يستحق قهوة الديوان.
    والديوان هو المكان الذي يجتمع فيه القوم وتشرب فيه القهوة وقد يسمى بالمضيف وبعضهم يسميه” الربعة “ وهي مأخوذة من الفعل” تربع “ والتربع نوع من الجلوس على الارض وسمي بالربعة لان معظم الجالسين فيه يتربعون على الارض.
    اما ما علاقة القهوة بالبخت وبقراءة المستقبل فذلك امر من اختصاص النساء فقط والنساء لهن مجالسهن الخاصة بهن. اذ لا مكان لهن في مضيف الرجال واكرامهن كضيفات يقع على عاتق النساء، والعرافة او قارئة البخت هي محور الجالسات ومحط اهتمامهن لانها تجمع مفاتيح الاسرار، وتعرف ما لا تعرفه الاخريات عن فارس الاحلام.. كما انها على علم بالمشاكل وخطوات حلها وزمن انقشاعها، لان الغيوم الثقيلة المتلبدة في سماء الفنجان ان لم تحمل صورة طائر فان حلها سيتعقد ولا شك وفي خضم هذا الجو يكون للقهوة طعم غير اعتيادي ويكون شغف المستمعة لا يقل عن شغفها بأكبر قضية كونية ان لم يزد عن ذلك.
    [align=center][/align]

  2. #2
    الحسيني غير متواجد حالياً مشرف واحة المضيف والتراث الشعبي
    تاريخ التسجيل
    Oct 2003
    الدولة
    خير البلآد ما حملك
    المشاركات
    1,868

    افتراضي

    يامية هله ومرحبه بمراقبنا العزيز
    والله ياأخي نورت الواحة ... ومشكور على هالموضوع الشيق ..
    تحياتي


    [blink]أللهمَ أحيينا حياةَ محمدٍ وألِ محمدٍ وأمتنا مماتهم[/blink]

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني