أيها السيد الجعفري أنت بين أمرين .. فأيهما تختار ؟

أصبح أمر تشكيل الحكومة العراقية من رابع المستحيلات .. الغول و العنقاء و الخل الوفي و أضيف إليهما تشكيل الحكومة العراقية .. و لا ندري على من نضع لومنا , على السيد الجعفري وقائمة الائتلاف في إصرارهم على تطبيق مفهوم الوحدة الوطنية , أم على قائمة أياد علاوي و تعمدهم إفشال العملية السياسية كي يتسنى لأياد علاوي تمديد فترة حكمه , أم على الأخوة السنة العرب و تمسكهم بمبدأ ( لو ريّس لو ما عرّس ) , أم يقع اللوم على الأخوة الكرد و تخبطهم يمنة يسرة .. أم يقع اللوم على تلك الجماهير المليونية التي خرجت يوم 30 كانون الثاني و وضعت ثقتها بمن كانت تعتقدهم خير ممثلين لهم و مترجمين لتطلعاتهم و مدافعين عن حقوقهم التي سلبها الطغاة منهم منذ عشرات السنين .
تمر علينا هذه الأيام ثقيلة أليمة حزينة كئيبة تعيسة ترافقها الحسرة و تكتنفها الغصة و تتخللها المأساة .. حيث نرى ذلك الحلم الجميل الذي انتظرناه منذ سنين طويلة كيف يتبدد أمام أعيننا .. حينما كنّا نحلم بيوم انتصاف المظلوم من الظالم و استرجاع كل حق مغتصب .. حينما كنا نحلم بيوم انتصار المقهورين المعذبين و غلبتهم على ظالميهم .. و لكن , ما الذي حصل ؟
حصل أننا نرى من وضعنا ثقتنا بهم كيف أنهم تنكروا لنا و أخذوا يبحثون لهم عن مناصب لأيام معدودة لن تنفعم ماداموا قد فقدوا المرتكز الذي يرتكزون عليه .. و أعني به مرتكز تربعهم على عرش قلوب الملايين .
حصل أننا نرى كيف بدأ البعض يناور و يحيك المؤامرات بتخليص طاغية العصر من حبل المشنقة و قصاص الشعب .. بحجج نراها أقبح من ذنب قتل شعب آمن بأكمله .
حصل أننا نرى البعض بدأ يقدم مصلحته الشخصية على مصلحة البلاد و العباد , حتى تناسى من أوصلوه الى مقاعد البرلمان , البرلمان الذي شيدته الملايين من الشهداء , ولو لاهم لما شمخ بأنفه الآن مدعيا أنه البطل المغوار .
حصل أننا نرى البعض ابتعد منزويا في أقصى الشمال يحيك المؤامرات مع من لا يريدون الخير بالعراق و أهله .. و يعود بين الحين و الآخر يذرف دموع التماسيح على ما يحصل , متناسيا أننا ما زلنا نتذكر ما جرى عام واحد و تسعين و عام ست و تسعين من القرن الماضي .. و سيكشف النقاب عن كل ما جرى يوما من الأيام .. و لا أراه بعيدا .
هل أزيد ؟ أرى أن ذلك يكفي , فالقلب كلما يرى و يسمع تعداد ما حصل ينزف دما .
لم يبق سوى سويعات قليلة على إنعقاد جلسة الجمعية المنتظرة , و التي من المحتمل أن تعلن فيها تشكيلة الحكومة المرتقبة .. و لابد من توجيه نداء عاجل الى السيد رئيس الوزراء المكلف إبراهيم الجعفري .. نداء لا يعبر عن وجهة نظري كفرد يعيش في بلاد بعيدة في أقصى الشمال من أوربا , بل هو نداء موجه من قلب كل عراقي أصيل في داخل الوطن الحبيب و خارجه , نداء ممزوج بالألم و اللوعة .. نوجهه الى من نتوسم فيه الغيرة و الحمية على الوطن و شعبه .. و نأمل أي يصل و يبلغ المسامع .
السيد الجعفري الموقر .. أمامك خياران ( هذه الليلة ) لا ثالث لهما ... و عليك اختيار أحدهما .. فلا يمكن أن يجتمع النقيضان في زمن واحد و مكان واحد ... إما أن تختار مبدأ اجتثاث الشيعة , و إما أن تختار مبدأ اجتثاث البعث ... ؟؟؟

أمير علي الساعدي
فجر الأحد 24 _ 4 _ 2005
السويد