رغم مرارة الجرح العراقيّ الّذي ينزف دماً كلّ يوم، إلّا أنّ ذلك لا يعني أن لا نتعاطف مع النبل و الاستقامة في أيّ مكانٍ في العالم، و خصوصاً في لبنان، و مع حساسيّتي المفرطة تجاه من تعامل مع البعث العراقيّ و مع شخصيّاتٍ قذرة كالقذّافي ، و مع بعدي عن الفكر اليساريّ الّذي كان منبع الديكتاتوريّات في العالم، إلّا أنّني أجد استثناءً نادراً في شخص "جورج حاوي"، الّذي كان من القلّة الّذين يعترفون بالخطأ..

هذا الشخص قُتِلَ لأنّه آخر السياسيّين المحترمين في لبنان ، قُتِلَ جورج حاوي لأنّه لم يدخل في لعبة أمراء الطوائف، قُتِلَ جورج حاوي لأنّه أعلن أنّه سيقاوم أي قوّة أجنبيّة تدخل لبنان، قُتِلَ لأنّه فضح عملاء الطوائف و فساد الطبقة السياسيّة اللبنانيّة، قُتل لأنّه لم يدخل في اللعبة، قُتل لأنّه قاد أكثر من ألف شهيد في مقاومة الإحتلال الإسرائيلي للبنان...

قُتل جورج و من قبله سمير، و تُركت الساحة للطبقة السياسيّة الإقطاعيّة الفاسدة، تُركت لآل الجميّل و شمعون و الحريري و برّي و جنبلاط و جعجع و فرنجيّة و المرّ و من دار في فلكهم..

و صدق الأمين العامّ للحزب الشيوعي اللبناني خالد حدّادة حين لم يتّهم جهةً واحدةً فقط باغتياله، فاتّهم الاستخبارات و عملاء الطوائف و إسرائيل،هذه الاتّهامات قلّما نجد من يتّهم بمثلها، و قلّما نجد من يفهمها...