[align=center]


توجه الهيئة العليا للدعم والإسناد ضد الإرهاب في العراق تعازيها القلبية إلى ذوي الشهداء الذين سقطوا في منطقة الكاظمية جراء تعرضهم لعملية إرهابية غاشمة. ومع هذه التعازي فإن الهيئة تسجل أن الكلمات لا تستطيع التعبير عما يختلج من حزن واسى جراء سقوط هذا العدد الكبير من أحبائنا وأعزائنا شهداء.

إن هذه العملية الإرهابية الجبانة التي أوقعت أكثر من 1400 شهيد، كلهم من المدنيين الأبرياء الذين كانوا يمارسون حقهم الطبيعي في التعبير عما يعتقدون به في وطنهم العراق الذي إحتضن مقدساتهم، تأتي في وقت لا يمكن أن يكون محض صدفة. هذه العملية الغادرة التي تضاف إلى سجل الإرهاب الوحشي الذي يستهدف الضعفاء من العراقيين تأتي على خلفية دخول العملية السياسية في العراق الجديد منعطفاً حضارياً مهماً من خلال إتمام إنجاز أول دستور ممثل للشعب العراقي بعد زمن طويل من الدكتاتورية وإرهاب الدولة، يعيد للمواطن الإحساس ببناء الدولة ودولة المؤسسات. ويبدو أن بناء دولة على أسس ديمقراطية دستورية أمر لا تتقبله فئات إعتادت على حكم الفرد، والتسلط والدكتاتورية، وعلى حكم الحزب الواحد والإضطهاد. ومن هذه الفئات على سبيل المثال لا الحصر بقايا حزب البعث الإرهابي، وقوى التكفير الطائفي الإرهابية.

هذه العملية تمت بشكل نستطيع ربطه بالأقسام المختصة بالحرب النفسية في المخابرات والأمن البعثي المنهارة. ومن خلال الوثائق التي أمكن الإطلاع عليها فإن أقسام الحرب النفسية، والتوجيه المعنوي، وأقسام التفجير والإغتيال كانت تعد خبراء متخصصين في وضع خطط واساليب التحكم بالمسيرات الجماعية، أو التجمهر، أو التظاهرات التي كانت تحدث بسبب مناسبات دينية إلى العتبات المقدسة، أو بسبب الإعتراض على ممارسات معينة، أو لمجرد الإحتفال بمناسبات مفرحة أو حزينة أو لعادات عشائرية خاصة. وكان هؤلاء الضباط يستعملون اساليب مميزة لسلطة البعث للتحكم في مسير المسيرات المدنية الراجلة، وتوجيهها من خلال إستخدام مسارات معينة، بواسطة أفراد الأمن والمخابرات القساة، أو الكلاب، أو إطلاق الإشاعة، أو إغلاق الطرق والمعابر، أوالضرب والعنف وإطلاق الطائرات السمتية أحياناً أخرى. حيث لم يكن الهدف المطلوب لهذه الأساليب تفريق المسيرات كما هو متعارف عليه في أغلب دول العالم، بل كان الهدف هو تحشيد أكبر عدد ممكن من المشاركين في المسيرات في أماكن ضيقة ومغلقة كي يمكن إعتقال من يمكن إعتقاله وزجه في السجون، أو ساحات الإعدام المبرمج لآلة الإرهاب البعثية التي حكمت العراق، أو الإجهاز عليهم لقتلهم في نفس المكان.

الذي حصل اليوم في الكاظمية هو تنفيذ حرفي للخطط تلك، يذكرنا بالأساليب نفسها التي كانت تستخدمها أقسام الحرب النفسية والتفجير والإغتيال. حيث بدأت عمليتهم الإرهابية كمرحلة أولية بإطلاق قنابر هاون من على قاعدة متحركة بإتجاه حشود الزوار الأبرياء في المنطقة المجاورة لضريح الإمام الكاظم عيه السلام ، مما أدى إلى إستشهاد عدد من الزوار الأبرياء في الحال. أما المرحلة الثانية فقد كانت تحريك إرهابيين قتلة يرتدون أحزمة ناسفة يندسون بين الجموع ويفجرون أنفسهم، إضافة إلى إستخدام سيارات مفخخة كانت معدة للتفجير في مكان ليس بعيد عن مراكز تجمع الزوار. هذا كله جرى جنباً إلى جنب مع إطلاق إشاعات كان هدفها إشاعة البلبلة والهلع بين الزوار المسالمين من أن إرهابيين إنتحاريين قد إندسوا بين صفوف الناس. هذا الإستهداف كان المقصود منه خلق حالة فزع وبلبة أولية لدى الزوار وتحشيد الجموع القادمة إلى الضريح في المنطقة التي تفصل بين جسر الأئمة والضريح، ومن ثم خلق مناطق يحتشد بها اكبر عدد ممكن من الناس في عدة نقاط تمهيداً لإيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا بينهم من خلال المفجرين الإنتحاريين أو قصفهم بقنابر الهاون أو خلق حالة هلع يموت الناس خلالها بسبب الدهس والهرج والمرج. وفيما فشلت مهمة السيارات المفخخة والإنتحاريين، فإن الخطة هدفت إلى إحداث تدافع ، وحشد الناس في جسر الأئمة بالذات، نظراً لضيقه، وعدم صلاحيته لإستقبال عدد هائل من الناس، ولصعوبة إيصال المساعدات والإغاثة والإسعاف للضحايا عليه.

إن الذي حصل اليوم يدل بوضوح على تنسيق بيّن ودقيق بين قوى التكفير التي تبنّت إطلاق قذائف الهاون على الزوار العزّل، وبين أيتام صدام من البعثيين وأصحاب الفكر البعثي، وهذا الإستهداف الإرهابي الجبان إنما يستهدف العملية السياسية، والإنسان العراقي الذي يشارك لأول مرة في صناعة القرار، وبناء المستقبل لوطنه، من خلال الدستور الواعد للدولة العراقية. إن الهدف للإرهابيين كان ومايزال هو الإنسان المدني البريئ الذي لا حول له ولا قوة، ممن يمارس معتقداته، وحياته اليومية دون أن يضر أحداً، أو ينوي الإضرار بأحد. والهدف هو ضرب الإرادة لدى العراقيين البواسل الذين تحدوا إرهاب الدولة البعثي على مدى عقود ، و ومازالوا يتحدون إرهاب عصابات البعث والتكقير خلال هذه الفترة.

إن الهيئة العليا للدعم الإسناد ضد الإرهاب في العراق إذ تشارك أهل وذوي الضحايا الأعزاء حزنهم وألمهم، فإن الهيئة تدعو شعبنا العراقي البطل إلى ما يلي:

- الوقوف بصلابة الفولاذ في وجه التحالف الإرهابي البعثي التكفيري ، من خلال الإصرار الشجاع على ممارسة الحرية التي تكفلها قيم السماء والإنسانية في مجالات العقيدة، والرأي، والإنتقاد، وعدم الخوف من ممارسات البعثيين والتكفيريين الجبانة.

- الإصرار على دعم العملية السياسية في عراقنا الجديد ودفعها إلى الأمام من خلال تثبيت الدستور الذي إكتملت مسودته، لأن بناء الدولة على اسس سليمة وصحيحة يعتبر هو الضربة القاصمة التي توجه ضد قوى البعث والتكفير الإرهابية والتي تريد إعادة العراق إلى عصر الدكتاتورية والإضطهاد.

- التعاون بحزم ضد أية حركات مشبوهة تقوم بها عناصر بعثية أو تكفيرية في كافة مناطق العراق.

- متابعة التصريحات والدعايات التي تقولها أو تنشرها بعض الشخصيات والقوى المشبوهة، والتي تتلبس بلباس الدين تارة والوطنية تارة أخرى، لغرض خلق الفتنة والبلبلة وإضعاف جبهة مقاومة الإرهاب.

- الحذر وإتباع إجراءات السلامة الضرورية، وخلق بيئة مدن ومناطق تجعل من الصعب على الإرهابيين إستهداف الناس الأبرياء فيها بهذا الشكل المروع.

- إيصال رسالة شعبية رافضة إلى القنوات الإعلامية التي تساهم في تخريب الوضع الأمني في العراق مثل قناة الشرقية البعثية، التي يجب ألا يسمح لها بالعمل في العراق.

إن الهيئة العليا للدعم والإسناد ضد الإرهاب في العراق تود لفت نظر الحكومة العراقية إلى ما يلي:

- تطهير المؤسسات الرسمية العراقية من العناصر الفاسدة والمندسة من بعثيين وتكفيريين ومجرمين والتي أصبحت تقدم دعماً لوجستياً ومادياً ومعنوياً إلى قوى الإرهاب. ونذكر على سبيل المثال لا الحصر المدعو جمال الكربولي الأمين العام للهلال الأحمر العراقي، حيث إن الهيئة تمتلك معلومات دقيقة وموثقة على أن هذا الشخص يدعم الإرهابيين من خلال إخفائهم في مستشفيات الهلال الأحمر، وتقديم العلاج لهم، بل وتقديمه سيارات إسعاف الهلال الأحمر التي لا تفتش لهم كي يستخدموها في تنفيذ مخططاتهم الجبانة ضد أهلنا في العراق.

- لقد حذرت الهيئة في بيانات سابقة من أن التلكؤ في الإقتصاص من الجناة سيشجع رفاقهم البعثيين والتكفيريين والمجرمين على الإستمرار في إستهدافهم لأهلنا المسالمين. إن الهيئة تعيد التحذير مرة اخرى، إذ يجب على الحكومة والهيئات المختصة تفعيل الجهاز القضائي بأسرع وقت ممكن، واستحداث محاكم مختصة بقضايا الإرهاب، تجري الأحكام الجزائية اللازمة على الذين تثبت عليهم جرائم تستهدف المدنيين، وعناصر حفظ الأمن والنظام، وكل ما يختص بزعزعة أمن البلد من جميع جوانبه.

- كما إن التلكؤ في الإقتصاص من المجرمين هو تشجيع غير مباشر لهم، فإن فتح المجال لشخصيات ومواقع إعلامية معروفة بتحريكها للفتن وتشجيعها للإرهاب تتحرك بشكل مشجع وواضح لهذه الأعمال الجبانة هو تشجيع للإرهاب. وهنا تشير الهيئة إلى عدم تفهمها لعمل بعض المحطات الإعلامية العربية في العراق، بحرية كاملة وبلا متابعة، ومن هذه المحطات محطة المجد التلفزيونية التي تمتلك مراسلين في العراق وتدعو للفكر الوهابي بشكل صريح وواضح، وتدق على الوتر الطائفي التحريضي. كما أن هنالك عدداً من المحطات التلفزيونية مثل قناة الشرقية البعثية الذي يثير الفتنة والدعاية الرخيصة للبعثيين بلا حسيب وا رقيب في العراق.

- تدعو الهيئة الحكومة العراقية – مع تقديرها للمهام الصعب والجليلة التي يقوم بها رجال الأمن العراقيون- إلى الإهتمام أكثر بجوانب حفظ النظام، وتنظيم المدن، والتعامل بحزم أكثر في الجانب الأمني على وجه الخصوص.

- تدعو الهيئة الحكومة العراقية إلى تقديم الدعم المادي والصحي والمعنوي اللازم لذوي الضحايا، مما يحفظ لهم كرامتهم، والعيش الكريم ، مع تأكيد الهيئة أن لا شيئ يعوض عن فقدان فلذات الأكباد، والأزواج والزوجات والأمهات والآباء والأخوات والإخوة.

- وأخيراً تدعو الهيئة مؤسسات المجتمع لمدني، ورجال الدين، والأخصائيين الإجتماعيين والنفسيين إلى التعاون في سبيل مساعدة من صدموا بهذه الجرائم المروعة كي يبدأوا حياتهم من جديد، مع تأكيد الهيئة على أن الأمل بالله كبير أن يهزم البعث والتكفير وإرهابهم الموجه ضد الأبرياء.

إن الهيئة العليا للدعم والإسناد ضد الإرهاب في العراق تدعو العراقيين جميعاً شعباً وحكومة أن يكونوا صفاً واحداً كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً في مواجهة هجمة جبانة وشرسة يقوم بها أزلام البعث والتكفير تستهدف الإنسان وقيم الإنسان في العراق.

[align=center]"وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون". [/align]

بغداد 31 آب 2005

[/align]