الفضائيات العربية ... السعي الحثيث في الدرب الخبيث


في قصيدة للشاعر العربي الكبير ( بدوي الجبل ) عنوانها ( من وحي الهزيمة ) قالها بعد هزيمة حزيران 1967 ورد البيت التالي :
والإذاعاتُ ، هل تخلعت ِ العاهــرُ أمْ هـــــل تقيـــأ السكـِّـيرُ ؟
واصفاً حال الإذاعات العربية التي تدنى مستواها الأخلاقي والإنساني بوقوفها الى جانب الطغاة من حكام العرب ، وترويجها لسياساتهم ، وتبنيها لسلوكياتهم ، وتطبيلها وتزميرها لهم برغم إضطهادهم لشعوبهم ومصادرتهم لحرياتها ونهبهم لثرواتها ومتاجرتها بقضاياهم المصيرية ومستقبلهم ...
إن الشاعر يُـشـَبـِّـهُ الإنحطاط الذي وصلت اليه تلك الإذاعات وإسفارها الصريح عن ( سمسرتها ) لأولئك الحكام وأنظمتهم الإرهابية بأرذل الحالات التي يمكن أن ينحدر اليها الفرد وهي عندما تــُعلن العاهرُ عهرها وتتخلع على رؤوس الأشهاد ، وعندما تصل الثمالة بالسكير الى أن يتقيأ علناً وأمام الناس دون إستحياء ...
وهذا بالضبط هو ما تمارسه الفضائيات العربية اليوم ، وهي تتاجر بدماء العراقيين وتنخرط في مزاد علني لتبيع وتشتري أسلاب ضحاياهم ، متجاوزة كل ما يمكن أن يحدد سلوك الإنسان من ضوابط أخلاقية وإنسانية ، ومن إستحقاقات يفرضها الضمير والعرف والواجب ، ولا أقول الدين ، لأن هؤلاء الأوغاد لا يزالون بلا دين ...
قد لا نتجاوز الواقع إذا ما إدعينا إن الفضائيات العربية وفي مقدمتها قناة ( الجزيرة ) الصهيونية و ( الشرقية ) الصدامية ومن خلال مناهج وبرامج وخطط الأخطبوط الصهيوني ( روبرت مردوخ ) صاحب شركة ( فوكس ) الإعلامية الأوربية ، كانتا في طليعة المحرضين على تخريب العراق من خلال ما تمارسانه من دعارة سياسية لترويج العنف والإرهاب وبوسائل رخيصة ومكشوفة غايتها إفشال العملية السياسية ووضع العصي في دواليب المسيرة الديمقراطية التي من شأنها إنقاذ الوطن والمواطنين وبناء دولة الحرية والعدالة وتعويض الشعب العراقي عما تعرض له من مصائب وويلات على يد النظام المقبور ..
فقد دأبت تلك القنوات على الإستخفاف بالدم العراقي ، ووصف الشهداء من الأطفال والنساء والأبرياء بالقتلى أو بالملاقين حتفهم في حين تقوم بتعليق أوسمة ( الجهاد ) و ( المقاومة ) على صدور القتلة والجزارين من السوقة وشذاذ الآفاق ، معتمدة على إسناد بعض الهيئات المتسترة ببرقع الإسلامك وهو منها براء ومن وعاظ السلاطين ودلالي الدماء والمرتزقة الذين لفوا العمائم وأطالوا اللحى ولبسوا الجبب ...
إن المتتبع لسياقات نقل الأخبار وللندوات التي تعقدها تلك القنوات ، والملاحظ لاغلبية (الخبراء والمحللين والسياسيين ) !! الذين تستضيفهم للتحدث عن الشآن العراقي – وما هم سوى نكرات وسقط متاع من الموتورين والحاقدين والمتضررين الذين لا يرون
ابعد من انوفهم ومن مصالحهم الشخصيه .. يرى بوضوح سوء النيه التي تبيتها والاتجاه المريض الذي تسعى الى ترسيخه كيدا ونكاية بالمواطن العراقي وتلاعبـــا باعصابـــه وتماديا في قتل معنوياته ...
ولعلنا نجد اليوم في انفسنا -ــ وعلى ضوء معرفتنا الدقيقة بهؤلاء الناس ـــ القدره على الجزم والتاكيد بانهم لا يتباكون على وطن مُحتل ؛ ولا على دين د ُنـِّس ؛ ولا على امراة أ ُسرت ؛ ولا على مسجد هـُدم ؛ ولا على أي قضيه يفخر انسانٌ بالانتماء اليها والدفاع عنها .. انما يتباكون على كرسي قد ضاع ؛ وعلى سلطة قد فــُقدت ؛وعلى عمليات نهب وسلب واضطهاد للشعب لم يعودوا قادرين عليها ..
لذالك؛ فاننا ننصحهم ان يوفروا على انفسهم عناء البكاء والعويل وان يقتنعوا بان العراقين لا ولن يفرطوا با لمستقبل المشرق الذي طال انتظارهم له ؛ وسيدافعون بالغالي والنفيس لكي لا تعود ايام الضيم والمعاناة ..واذا كانت تلك الفضائيات ومن يقف خلفها قادرين
الان على الكلام ؛ فان الغد سيخرسهم الى الابد ؛ وان غدا لناظره قريب ...