الطب يسبر غور أسرار الفكاهة

الضحك وسيلة علاجية تزيد من إفراز مادة في الدماغ الباعثة على النشوة وتقلل إفرازات هرمونات الضغط النفسي والجسدي
الشرق الأوسط

د. حسن محمد صندقجي
نحتاج أن نفرح ونحتاج أن نضحك كي ننشغل عن همومنا اليومية، لكن هل هذه هي كل القصة وهل هذه وحدها الغاية من الدعابة وروح الفكاهة والضحك؟، أم أننا نحتاج بشكل شديد ومُلح أن نكون سعداء ونضحك ونتبادل الفكاهة كي نكون بصحة جيدة وكي نعالج ما يُلم بنا من أمراض؟
الجواب يقارب اليوم أن يكون نعمز نحن نحتاج الضحك وروح الدعابة أن تُبث بين المرضى للعلاج وكذلك بين الأصحاء للوقاية من الأمراض. فبالرغم من أن الدراسات الطبية حول الآثار الصحية للضحك محدودة حتى اليوم وأمامها مشوار طويل، إلا أن ما ظهر حتى اليوم منها وخاصة هذا العام تتحدث كما لم يسبق من قبل تتحدث عن أهمية الشعور بالسعادة والرضا في التحلي بالصحة وقلة الإصابة بالأمراض، والدور المفيد لعملية الضحك بدرجاتها من التبسم وحتى القهقهة في تقليل الإصابة بأمراض القلب وخفض مقدار ضغط الدم ومنح القوة لعضلة القلب وزيادة تدفق الدم في الشرايين، وفي رفع مناعة الجسم وقلة الإصابة بالميكروبات، وفي كسر حدة التوتر النفسي والاكتئاب وتنشيط الجهاز العصبي بشقيه المركزي والطرفي وزيادة القدرة على التفكير وقوة الذاكرة.

و في يوم العيد هذا الذي يعيشه الناس فإن أجمل ما يُقال هو أن الفرح أفضل هدية يقدمها كل منا لنفسه ولغيره كي نتمتع بالصحة ونسلم من الأمراض.

الضحك يستحق اليوم بحثاً متعمقاً فهو نشاط فطري غريزي جُبل عليه البشر، ودعونا نرى ما الذي يتحدث عنه الطب حول فوائد الضحك بذاته بعيداً عن كل الدراسات الطبية المستفيضة التي قالت بصريح العبارة لنا إن القلق والتوتر والاكتئاب هي أمور ضارة بالصحة وتزيد من الوفيات لدى المرضى تلك التي لا يوجد حتى اليوم ما يريح الإنسان منها سوى الضحك والتحلي بروح الدعابة.

وكان الأطباء والباحثون قد لاحظوا وجود مؤشرات قوية على أن الدعابة والضحك ذات مفعول إيجابي يقلل من الإحساس بالألم ويرفع من مستوى الصحة خاصة لدى الأطفال، ولذا تستمر هذه الأيام دراسة واسعة في مركز جونسن للسرطان التابع لجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس لبحث تأثير الضحك بشكل دقيق على رفع مستوى المناعة المتدني لدى الأطفال المصابين بالسرطان وفي تقليل شعورهم بالألم والقلق منه. وتعلق الدكتورة مارغريت ستيبر الباحثة الرئيسة قائلة إننا نعتقد أن الضحك ومشاهدة أفلام الفيديو المضحكة تساعد الأطفال كثيراً على تحمل ألم العلاج وعدم الخوف منه. وإحدى المؤشرات كما تقول الباحثة هو أن الطفل يستطيع تحمل وضع يده في ماء بارد لمدة تتجاوز 3 دقائق حينما يشاهد أمراً مضحكاً.

و في إبريل هذا العام نشرت مجلة التطورات للأكاديمية القومية للعلوم بالولايات المتحدة دراسة قام فريق من الباحثين بها من جامعة لندن تقول ان الشعور بالسعادة يقلل من نسبة المواد الكيميائية الناتجة عن التوتر وكذلك تأثيرها على الجسم، كمادة «فايبرونجين» plasma fibrinogen في بلازما الدم التي تزيد بالعادة من نشوء مسببات أمراض القلب، ونسبة المادة الهرمونية التي ترتفع عند التوتر والمرتبطة بالسمنة ومرض السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض اضطرابات المناعة الذاتية autoimmune disorders و هي مادة كورتيسول Cortisol وهي أيضاً تقل بنسبة 32% دائماً لدى السعداء من الناس مقارنة بغيرهم، وأن مقدار نبض القلب في آخر النهار وبعد الانتهاء من يوم العمل هو أقل لدى السعداء أيضاً. الدراسة شملت حوالي 220 شخصا من الجنسين ممن يعملون في مجال الخدمة المدنية وتتراوح أعمارهم ما بين 35 إلى 55 سنة وابتدأت عام 1985. وكان تعليق البروفسورة أندروي ستبتو الباحثة الرئيسة في الدراسة قولها: كان من المتوقع منذ سنوات أن السعداء من الناس هم أصح من غيرهم لكن هذه الدراسة بينت الأساس البيولوجي الحيوي لهذا الاختلاف وهو أن المواد الكيميائية الضارة يقل إفرازها لدى السعداء مقارنة بغيرهم. وقالت البروفسور بيتر وايزبيرغ رئيس مؤسسة القلب البريطانية معلقة على البحث: مؤشرات تأثير الحالة العاطفية على صحة القلب متزايدة اليوم، والدراسة تظهر أن السعداء أقل عرضة للتأثر بالمواد الكيميائية الضارة على الجسم والمصاحبة لحالات التوتر النفسي.

و في نفس الشهر من هذا العام أشارت دراسة من جامعة بنسلفانيا أن الطلاب ممن يتحلون بصفة التفاؤل والسعادة هم أقل عرضة للإصابة بالتعب والإرهاق والتهابات الجهاز التنفسي في آخر شهر من الفصل الدراسي الواحد. وإحدى الدراسات اليابانية تقول أن مشاهدة أفلام فيديو الفكاهة لمدة ساعة ونصف تقريباً من قبل المصابين بالحساسية الجلدية تؤدي إلى نقص واضح من التأثر بالمثيرات المنزلية للحساسية ولفراء القطط، وأن التأثير هذا يدوم أربع ساعات!.

الضحك عبارة عن صمام أمان بالنسبة للجسم، فيزداد إفراز مادة إندروفين endorphin في الدماغ الباعثة على النشوة والراحة والرضا النفسي كما تقل أثناءه إفرازات هرمونات الضغط النفسي والجسدي stress hormones كالأدرينالين وغيرها تلك التي تعلو نسبتها في حالات الخوف أو الغضب أو الكراهية والعدوانية مما تسبب مشاكل في جهاز المناعة والقلب والغدد والدماغ. فهي التي ترفع ضغط الدم وتزيد من نبضات القلب وتسهل ظهور اضطرابات إيقاع النبض وتجهد انقباض عضلة القلب وترفع من نسبة السكر في الدم وتقلل من قدرة خلايا مناعة الجسم أي خلايا الدم البيضاء على أداء دورها كما أنها تزيد من إمكانية ترسب الصفائح الدموية بعضها على بعض مما يعيق مرور الدم في الشرايين وتزيد من انقباض الشرايين وغيرها من الآثار الضارة على الجسم التي لا تحصى. الذي يفعله الضحك هو كسر التدفق المتواصل لإفراز هذه الهرمونات، ولذا ينخفض مقدار ضغط الدم ويزداد تدفقه في شرايين القلب والدماغ وتقل إمكانية ترسب الصفائح الدموية وتزداد مناعة الجسم من عدة جوانب منها أن خلايا المناعة القاتلة للميكروبات أو الخلايا السرطانية تزداد عددا وقوة، وتزداد كمية غاما إنترفيرون Gamma-interferon و هي مادة طبيعية تقضي على الفيروسات وغيرها من جوانب مناعة الجسم، ولعل من أطرفها أن الضحك يرفع معدل إفراز بروتينات المناعة من نوع إيه* في اللعاب مما يرفع مناعة الجهاز التنفسي العلوي في الحلق ويقلل من احتمالات حصول الالتهابات الميكروبية.

و في يونيو الماضي أعلن فريق من الباحثين في جامعة فاندربلت بولاية تنستي الأميركية ضمن فعاليات المؤتمر السنوي للمجلس الأوروبي للسمنة نتائج دراسة حول تأثير الضحك على وزن الجسم وفيه قالوا ان الضحك لمدة تتراوح ما بين 10 و 15 دقيقة يؤدي إلى خفض وزن الجسم بمقدار 2 كيلوغرام سنوياً. وعبر الباحثون بلغة مقاربة حينما قالوا إن الضحك للمدة المذكورة يحرق الطاقة الموجودة في لوح شوكولاتة من الحجم المتوسط أو في تفاحة كاملة، واستخدم الباحثون معايير دقيقة في تحديد مؤشرات حرق الطاقة كقياس نسبة الأوكسجين وثاني أكسيد الكربون داخل الغرفة التي عرضت فيها أفلام فيديو كوميدية وطلب من المشارك عدم القيام بأي حركة غير فعل الضحك إن كان هناك شعور به.

و الحقيقة أن الضحك بما يشمل من حركات العضلات أو الجهاز التنفسي تزيد من توفر الأوكسجين في الدم وكذلك من تدفق الدم إلى الأعضاء المختلفة. وحركة العضلات أثناء الضحك تحرق كميات من الطاقة كما تقدم، ففي الضحك تتحرك عضلات الحجاب الحاجز في البطن وعضلات جدار البطن والجهاز التنفسي في القفص الصدري وعضلات الوجه والعنق والظهر والأطراف السفلية أي أشبه ما تكون بتمارين إيروبيك التي تحدثت عنها في الصفحة الأخيرة من ملحق الصحة هذا في {الشرق الأوسط}. ومع شدة الضحك ربما يفيض الدمع من العين نظراً لتفاعل عضلات الوجه أو زيادة إثارة الغدد الدمعية أو قلة تصريف الدمع عبر القناة التي تربط بين العين والأنف. وهناك العديد من الهيئات تتبنى الاهتمام وإجراء البحوث حول الضحك منها الرابطة الأميركية للعلاج بالفكاهة American Association for Therapeutic Humor و المجمع الدولي لدراسات الفكاهة International Society for Humor Studies كانت قد ظهرت دراسة عام 2002 تقول ان الضحك يثير نوبات الربو، حيث ذكر الدكتور هنري رتشارد في مؤتمر مجمع الصدر الأسترالي النيوزلندي ذلك. لكن في أواخر مايو من هذا العام وضمن فعاليات المؤتمر الدولي للمجمع الأميركي للصدر عرض البروفيسور ستيوارت غاري من المركز الطبي بجامعة نيويورك نتائج دراسته التي يقول فيها إن من بين 235 شخصا شملتهم الدراسة فإن 56% منهم لديهم ربو يظهر نتيجة الضحك، لكن هذا النوع من النوبات لا يكون بدرجة خطيرة يحتاج فيها المريض إلى الذهاب لقسم الإسعاف في المستشفى مقارنة بالأنواع الأخرى من الربو.

ليس هذا فحسب، بل إن مرضى الربو ممن يتم علاجهم بشكل فعال فإن بإمكانهم الضحك ما شاءوا وكيف شاءوا، مما يؤكد أن الضحك لا يثير نوبات الربو بحد ذاته، بل هو عامل يتسبب في ظهور نوبات الربو عند من حالة الربو غير مستقرة لديهم بالأصل، ولذا حينما تتحسن حالة الربو فإنه لا خوف عليهم من الضحك .

* ما هو الضحك ولماذا نضحك؟

السبب في بحث العلماء هذا الجانب هو أن هناك ما يسمى اليوم العلاج بالفكاهة لمرضى السرطان بغية تخفيف ألمهم الجسدي والنفسي وزيادة مناعة الجسم إضافة إلى الدراسات التي تحدثت عن الآثار الإيجابية الصحية للضحك على القلب ومناعة الجسم. وبحسب تعريف الموسوعة البريطانية فإن الضحك هو فعل إيقاعي للتعبير يتردد بطريقة صوتية لا إرادية عند ظروف معينة إضافة إلى تعبيرات إيمائية جسدية. وتطرح اليوم ثلاث نظريات لتعليل السر الذي يجعل قولاً أو فعلاً ما مضحكاً، الأولى وهي الأقوى تقول إن باعث الدعابة هو مخالفة المتوقع من المعقول والمعتاد عند سرد القصة، والثانية تقول إن شعور المرء بالأفضلية تجعله يضحك من أخطاء الغير ضمن أحداث القصة، والثالثة نظرية تنفيس التوتر وهي ما تعتمد علية كثيراً صناعة الكوميديا بكافة أشكالها. ويعتبر عنصر المفاجئة أساساً في الدعابة الباعثة على الضحك الأمر الذي يعلل الضحك عند «الدغدغة» من الغير بخلاف دغدغة المرء لنفسه كما يقول الباحثون من جامعة كاليفورنيا في سان دياغو.

وتشير الدراسات إلى أن هناك ارتباطاً بين الحالة النفسية من الراحة أو الخوف وبين القدرة على الضحك، فالإنسان الطبيعي البالغ يضحك حوالي 14 مرة في اليوم والأطفال قد يصل الرقم لديهم إلى 400 مرة يومياً، لذا فإن ما يثير الدهشة هو أن الضحك يزيد لدى صغار السن ويقل كلما تقدم المرء فيه! وكانت قد أشارت الدراسات النفسية المتعمقة إلى أن ما يضحك الصغار هو تافه بالنسبة لما يضحك الكبار، فالطفل قد يغشاه الضحك من رؤية خرطوم الفيل حينما يتحرك بينما البالغ لا يثيره ذلك مما جعلها تقول ان السن أكبر عامل يتحكم في التأثر من الدعابة وظهور حالة الضحك، وهو ما يطرح تساؤل لماذا الأطفال أفضل منا نحن البالغين في الاستمتاع بمباهج الحياة وتصرفاتها الصحية!؟. وجانب آخر تطرقت إليه الدراسات هو أن احتمال ضحك الإنسان يزداد 30 مرة إذا كان في مكان اجتماعي بين الناس مقارنة بما لو كان وحده، لكن المُشكل هو تعليل ضحك المرء وتفاعله البالغ حين معايشة حالة «وضع اجتماعي غير حقيقي» كمشاهدته مسرحية كوميدية لوحده. فسيولوجيا الأصوات التي تصدر تختلف من إنسان إلى آخر وكذلك بين الذكور والإناث، كما وتتغير لدى نفس الشخص من مرة إلى أخرى لكن يبقى هناك تميز لضحكة كل إنسان عن غيره بسبب اختلاف تركيب الجسم وحجم الصدر والثنايا الصوتية ووظائف شهيق الرئة وغيرها من الأمور التشريحية والوظيفية الفسيولوجية المتباينة بين الناس. ويشير الباحثون إلى أنه برغم اختلاف أنواع أصوات الضحك فيما بين الناس فإن الأساس فيه عبارة عن نغمات قصيرة من أصوات تشبه في مخارجها نطق حروف اللين التي يتم إصدارها عند الضحك مرة كل 210 مليثانية. والأمر الآخر الذي يشيرون إليه أن توقيت الضحك يخضع لظاهرة التنقيط الكتابي، بمعنى أن الملاحظ هو أن الضحك دوماً يحصل بعد نهاية قول الجملة أو أثناء التوقف عن الكلام، مما يعلله الباحثون بتأثير الجهاز العصبي الذي يجعل لفسيولوجي الكلام في الدماغ قوة طاغية أكبر لا يستطيع الضحك قطعها فيشبهونه بالنقطة التي توضع بعد انتهاء كتابة الجملة، ولا يعني هذا أن الضحك لا يكون إلا بعد الانتهاء من الكلام كله لكن يقصدون أنه يقع في أجزاء من الثانية عند توقف تدفق الكلام، وإلا فمن المعلوم أن الإنسان ينقطع حديثه أحياناً بالضحك وربما يصعب عليه بعد ذلك بدء الحديث مرة أخرى لمدة قد تطول.

* الغضب والاكتئاب مضران بالقلب.. والضحك مفيد له ليس من شيء أضر على القلب كالاكتئاب والعدوانية والغضب والخوف كما تقول رابطة القلب الأميركية، لكن هل النقيض من كل هذا كالفرح والدعابة والفكاهة والضحك مفيد للقلب؟. الإجابة حتى اليوم نعم. ففي المؤتمر الأخير للكلية الأميركية للقلب عرض فريق من الباحثين بالمركز الطبي لجامعة مأرييلند الأميركية نتائج دراسة حول فائدة الضحك على القلب كما عرض باحثون من جامعة ديوك الآثار المدمرة للاكتئاب على القلب أيضاً.

فدراسة الدكتور مايكل ميللر طبيب القلب في جامعة مأرييلند تعمقت حينما بحثت في تأثير الضحك على وظائف خلايا البطانة الداخلية للشرايين المغذية للقلب. والوظائف هذه تعتبر من أقوى المؤثرات على انقباض أو انبساط عضلات الشرايين العاصرة، بمعنى أنها تتحكم في كمية الدم الذي يمر من خلالها فلو كانت مرتاحة لتمكنت كميات كبيرة من الدم من المرور لتغذية عضلة القلب وبالتالي قدرته على أداء وظائفه باقتدار وبلا معاناة من الألم أو الإرهاق أو ضيق التنفس أو غيرها من الأعراض. والذي يتحكم في قدرات الشرايين على الانبساط المفيد أو الانقباض الضار هو مواد هرمونية وكيميائية، إذْ كلما ازدادت نسبة القابض منها كهورمونات الضغط والتوتر النفسي كلما ظهرت المشاكل، وكل العلاجات اليوم مثل الحبة الوردية التي توضع تحت اللسان التي لا يستغني عن وجودها بحوزة مرضى القلب لاستخدامها عند الشعور بالآم الذبحة الصدرية هي في الحقيقة عبارة عن مادة تنشط انبساط الشرايين كي يتدفق الدم من خلالها بشكل أكبر عبر تأثيرها على الخلايا المبطنة للشريان.

الباحثون لاحظوا أن الضحك يؤمن الصحة والسلامة لوظائف هذه الطبقة من الخلايا، فحينما عرض على مجموعة من الأشخاص الأصحاء غير المدخنين نوعين من أفلام الفيديو أحدهما يحتوى مشاهد درامية محزنة والآخر فيلم كوميدي مضحك لمدة 15 دقيقة، وجدوا أن تدفق الدم خلال الشرايين زاد بمقدار 22% عند مشاهدة الكوميديا وقل بمقدار 35% عند مشاهدة الدراما! والأمران الآخران المهمان هما أولاً أن غالبيتهم سبق لهم مشاهدة كلا الفيلمين من قبل ومع ذلك ظهر التأثر عليهم، وثانياً أن التغيرات في تدفق الدم استمرت 45 دقيقة!.

والتعليل لم يتضح حتى اليوم بشكل دقيق، إذْ ربما يكون السبب هو ارتفاع إفراز هورمون إندروفين الذي يسبب النشوة ويرتفع حال ممارسة الرياضة والذي أيضاً يعمل على ترميم بنية الشرايين، أو أنه زيادة إفراز مادة نايترك أوكسايد(اوكسيد النتريك) nitric oxide التي تريح الشرايين وتوسعها. والذي علق عليه الدكتور ميللر هو أن هذه التحسن في الشرايين يوازي تلك التي تصاحب أداء التمارين الرياضية لكن دون التعب والألم والإرهاق الذي يصاحبها.

وكان قد سبق للدكتور ميللر أن نشر دراسة مقارنة بين من أصيبوا بجلطة القلب أو أجريت لهم عملية الشرايين وبين السليمين منها عام 2000 تبين من خلالها أن الأشخاص الذين أصيبوا بجلطة القلب أقل ضحكاً من غيرهم. وفي نفس المؤتمر للكلية الأميركية للقلب عرض الدكتور ويا جيانغ من جامعة ديوك بولاية كارولينا الشمالية دراسته في متابعته ما يربو على 1000 شخص من المصابين بهبوط وضعف القلب وأيضاً الاكتئاب. وتبن أن الاكتئاب يرفع احتمال الوفاة بنسبة 44% لدى مرضى القلب هؤلاء بغض النظر عن مقدار العمر أو الزواج أو سبب ضعف القلب. والسبب على حد وصفه ربما كان فقدان الرغبة في تناول الأدوية أو ممارسة الرياضة نتيجة للاكتئاب.