رغم أن الخطاب الذي ألقي في 6 كانون الثاني "عيد الجيش العراقي" قد ألقاه شبيه صدام حسين المدعو فوزي العمري استناداً لمصادر وثيقة لكنه يعتبر خطاب صدام سياسة وفكراً وصياغة، و على الرغم من اللهجة المعتدلة بعض الشيء التي خوطب بها نظام صدام من قبل المؤتمر الإسلامي الذي عقد في قطر وكذلك بيان القمة الخليجية في دولة البحرين وتأكيده على مفهوم (الحالة بين العراق والكويت) بدلاً من العدوان العراقي على الكويت وعلى الرغم من توسلات النظام واطروحاته عن التضامن العربي والحوار واتخاذ الجامعة العربية وأمينها العام لشعارات "المصالحة والمصارحة" والاعترف بالخطأ و(المصارحة قبل المصالحة) ورغم تعاطف بعض الدول وفك بعض من أطواق العزلة المفروضة على نظام صدام·

رغم كل ذلك فإن النظام بقي على ذات سياساته ونهجه العدواني تجاه دولة الكويت ضارباً عرض الحائط وبكل وقاحة واستهتار الجهود الضخمة و"سخام الوجه" الذي بذله وتحمله أصدقاء نظام صدام وسماسرته وأحصنة الطروادة التي ما انفكت وحتى هذه اللحظة تبذل الممحاولات المخزية والمحمومة من أجل فك العزلة عنه وإعادته إلى الحظيرة الخليجية والعربية والدولية لكن صدام ها هو في خطابه يخذلها مرة أخرى و"يطّيح حظها" وها هو صدام يزعق في خطابه من دون حياء أو خجل أو حتى نذر يسير من الاحترام لأصدقائه وكتبته ومرتزقته والدائرين في أفلاكه العفنة· ها هو صدام يقول: "نحتفل ونحتفي أيضاً بجيش القادسية وأم المعارك الخالدة· أيها الأخوة لأنها وحدها القادرة على أن تمثل الصفات الأصيلة لشعبنا ولإرادته الوطنية والقومية المؤمنة ولأنها التي مثلت الموقف الذي شكل المعنى التاريخي العظيم والمجيد لكل وجه العراق بكل مسمياتها ومسمياته وشكلت المعنى التاريخي العظيم لما أراده القادة العظماء·· وهكذا اندمج الفرع بأصله في القادسية الثانية المجيدة وأم المعارك الخالدة"·

وهكذا فإن تحليل خطاب صدام حسين هذه المرة وفي كل مرة لا يحتاج إلى عبقرية خارقة بل هو صريح وفصيح ومباشر وشمل بمفرداته كالأصل والفرع ليس الكويت فقط إنما حتى إيران· الكويت في أم المعارك الخالدة وإيران (إقليم عربستان) في القادسية الثانية، فالكويت دمرها وشرد أهلها وأحرق مصدر رزقها الوحيد النفط وقتل وعذب أبناءها 625 أسيرا من أبنائها مجهولي المصير في سجونه ومعتقلاته ونهب وصادر أموالها وممتلكاتها·

أما عربستان فقد حولتها قواته وطائراته إلى أحجار متناثرة مليئة بالجثث تحوم حولها الطيور الجارحة وتفترسها الحيوانات المتوحشة وقتل الآلاف من أبناء عربستان مع أنها حسب إعلامه وافتراءاته الجزء العزيز من الوطن العربي الذي اقتطعه (الفرس) من جسد الوطن العربي!

ونحن نسأل سماحة السيد محمد خاتمي - رئيس جمهورية إيران الإسلامية عن الفائدة التي استطاع الحصول عليها من اجتماعه مع طه جزراوي في كراكاس ومع عزة الدوري في الدوحة؟ وما فائدة زيارة كمال خرازي إلى بغداد؟ فا هو صدام يلهج بحربه القذرة ضد الجارة إيران وعدوانه عليها ويصفها بالقادسية الخالدة وكأن الحرب مازالت قائمة بين البلدين وكأن شيئاً لم يكن من الجهود التي بذلت من أجل أن يرجع صدام إلى عقله و"يصير خوش آدمي"! ها هو صدام يفتخر بحربه الضروس التي أكلت الأخضر واليابس ويحتفل ويحتفي بها وهذا الاحتفال والاحتفاء العلني بها وبأم المعارك يعني ضمناً أن نظام صدام لم يتوقف عن اتخاذ جميع الاستعدادات العسكرية والبشرية لخوضها مرة أخرى وهو لن يتوانى عن ذلك لحظة واحدة في غزو عربستان مرة أخرى وغزو دولة الكويت مرة أخرى وهو يتحين الفرصة لذلك مما يؤكد صحة وصواب اطروحات المعارضة العراقية من تأكيدها على النزعة العدوانية الغادرة المتأصلة في نظام صدام، وليس هناك حلٍ آخر إلا بإسقاط النظام الصدامي وتخليص الكويت وإيران والمنطقة والعالم من شروره ومغامراته الخرقاء وسياساته الدموية المدمرة وهذا يستدعي وبالضرورة دعم نضال شعبنا وقواه المعارضة من أجل التسريع بإنجاز هذا الهدف الذي هو السبيل الوحيد لإنقاذ شعبنا ودول المنطقة·