كتابات - مرتضى هادي الشحتور



بإجماع شبه كامل وصفت الانتخابات الأخيرة بأنها ناجحة وجيدة وهي ناجحة بدون أدنى شك 0

جميع قادة الأحزاب تحدثوا عن هذا وهم وان نوهو إلى وجود مؤشرات على وجود خروقات ، فقد ظهر مناصروهم بمسيرات احتفاليه تعبر عن مظاهر الفرح والتمجيد للنصر الكبير، لم تكن هناك مفاجأة تذكر والجميع توقع هذه النتائج، فترسخ التخندق المذهبي والطائفي والقومي كان نتيجة مؤكدة ، تكرست بشكلها الراهن في الانتخابات الحالية 0

العراق هو العراق اطياف قوس قزج يتفرخ منها اطياف وظلال اطياف في حزمة واسعة جميلة0

الغالبية الساحقة من ابناء الوسط والجنوب صوتواللائتلاف الموحد ، والامر نفسه تكرر مع جبهة التوافق لابناء المناطق الغربيه في معاقلهم ، ولم تتختلف النسخة الكرديه عن شقيقاتها0

الانتخابات كانت0 محطة ، منحت سمة النجاح لعدد من الكيانات لم تتجاوز اصابع اليد0 واذنت باستهلاك كيانات واندثارها وفتحت الباب للعقلاء فيها لمواراة تلك الأحزاب مثواهاالاخير غير مأسوف عليها، اكثر من مائتي كيان استحقت عن جدارة شهادة وفاتها وهي لاشك ولدت ميته 0 وحان موعدتصفية تركاتها0 واعادة مقراتهاومهماتها التي اغتصبتها من أملاك الدولة إلى المؤسسات الرسمية، كانت هناك احزاب استولت على مقرات للشرطة او دورا للموظفين اومباني ملحقة بمستشفيات وحالات اخرى كثيرة وانتهاكات كبيرة مارستها الاحزاب في مرحلتها، مرحلة الانفلات الذهبي لممارساتها والفترة المظلمة المريرة من عمر البلاد والعباد0

واذا كانت قائمة المهزومين طويلة فأن قائمة المتشبثين بعنواينهم البائسة ومستقبلهم اليائس طويلة ايضا0 لقد كنت اجد العذر لان يتحفظ الفائزون على النتائج في سعي واضح لانتزاع انتصار يتجاوزالاستحقاق الانتخابي وقد يجد اهل السياسة غير عذر لجبهة التوافق اوالقائمة العراقية في ماتقول وتتمنى، ومع ان الجميع يسلم ان الخروقات التي رافقت الانتخابات لاترقى الى المستوى الذي يغير حصاد كل كيان ،فقد كان لافتا ومقززا ان تدعوا كيانات ثبت اندحارها وهزالها ،ان تدعوا لالغاء الانتخابات0 ان هذه الدعوة لايمكن تفسيرها ، بغير الاصرار على اللعب بمشاعر الناس وقرارها0 فاز الائتلاف وكانت جبهة التوافق وصيفا والتحالف الكردستاني شبيها واخيراالقائمة العراقيه ، وقد كانت هناك مؤشرات بحصول من اربعة اوستة كيانات اخرى مقاعد شرف 0 ان قائمة تتجاوز 215 كيانا مدعوة اليوم لتصفية تركاتها واغلاق صحفها، والاقرار بهزيمتها0

الاعتراض على النتائج حق قانوني ودستوري وقد يكون منتجا ، وقد يتم رده، وهو محل احترام

من الجميع ولكن الدعوة لاعادة الانتخابات من غير وجود ادلة ، وفي ظل تصريحات صاخبة وبعد ان مضت الامور الى نهاياتها، فاعتقد ان ذلك لايعدو كونه هفوة صارخة وبادرة غير موفقة 0

الانتخابات وفق المعطيات الراهنة كانت سليمة والمفوضية العليا هيئة مستقلة من حيث الولادة ومن حيث الممارسة هذا ماتلقيناه من الامم المتحدة ومن االتجارب ا السايقة ، والعاملين في مراكز الانتخابات جرى اختيارهم بموجب قرعة اعلن عنها وتقدم لها الالاف والعملية معروفة وواضحة بصورة جلية0

كان الدكتور عدنان الدليمي يتحدث عن شكره للمسلحين لدورهم في حماية مراكز الانتخابات0

وهذا الامر يمكن تفهمه وحتى قبوله ولقد فازت جبهة التوافق هناك ولم يشار الى انفلات الاوضاع هناك للتشكيك بالنتائج حيث تعد تلك المحافظات معقلا لتلك الكيانات 0

اما التشكيك بنتائج الانتخابات في مناطق الوسط والجنوب فتلك قضية مقصودة او ممارسة سياسيه مرسومة، ان اعادة الانتخابات فرضية غير ممكنة وان التركيز على الطعون الدعائية سعيا لهذه النتجة، لن يجد مجالا قانونيا ملائما او مقبولا لقبول هذه الادعاآت0

ولاشك ان الاعادة ان حصلت فانها فستحكم وبقوة قبضة الائتلاف في هذه المناطق 0

الانتخابات ايضا، كانت مؤشرا دقيقا لحجم كل كيان سياسي، ولحجم كل مكون سكاني0 والنتائج الراهنة صورة صادقة لحجم تلك المكونات والكيانات، وعلى الجميع وهم يمارسون الديمقراطيه القبول والتسليم بنتائجها0اما رفض الانتخابات ووصفها بالمزوة والتهديد بالويل والثبور لان قائمة معينة لم تكن الاولى، فهذا السجال ، بنظر الناس ، مصادرة غير موفقة والتفاف فض على العملية التي زحفنا نحوها، واحتفلنا بنجاحها وقبلنا بتفاصيلها بغض النظر عن تطلعاتنا واهواءنا،

ان الدعوة لتغيير نتائج الانتخابات برأي ملايين الناس هي دعوة لتزوير ارادة الناس0 لقدصوت شعبنا هذه المرة، بهذه الطريقة، و علينا قبول رغبته واحترام خياراته فهذا يقينا،هو واقعنا وهذاهواتجاهه المعّبر ، ان نماذج تجارب منطقتنا تؤكد هذه الرؤيا وتعاضدهاتماما، عام 1992 جرت الانتخابات البرلمانيه في الجزائزو فازت جبهة الانقاذ ب90 بالمئة من الاصوات تزلزل المغرب العربي لتلك النتيجة وزلزت فرنساايضا0

عام 2005 وقبل اسابيع جرت انتخابات مصر وفازت حركة الاخوان0 وفي فلسطين تشير كل المعطيات ان الانتخابات اذا جرت فستهيمن حماس على المجلس التشريعي القادم وفي الكويت كانت الجماعات السلفية تتقدم منافسيها في جميع المرات السابقة لانتخابات مجلس الامة0

ان العراق في المرحلة الراهنه وفي هذا المجال لايعد استثناء0 فاز الائتلاف الشيعي لان الحركة الليبراليه تعاني من خوار لافت0 وتصدر الائتلاف لان انصاره في الوسط والجنوب يمثلون الغالبية الكاسحة ،

وفاز الائتلاف لان الخطاب المقابل كان متزمتا ولم يبرهن على تفوقه على طائفيته 0وفاز التوافق في تلك المناطق لانها معاقلهم ، ولان أي حزب سياسي لايملك علاقات مع الجماعات المسلحة لايمكنه النزول الى الشارع هناك0

ولم يعترض احد على فوز التوافق في معاقله0فتلك هي حقيقة الاتجاهات القائمة هناك0

ان حديث المشككين في نتائج الانتخابات في مواقع هم يعرفون ان لاوزن لهم فيها، هو ضرب من فن السياسة وسعي لبلوغ انتصارات جانبيه ومحاولة لازعاج المنتصرين ، وتحامل غير شاذفي اللعبة الديمقراطيه 0

اما الكيانات المهزومة فهي لاشك تداوي جراحها وتتشبث باوهامها وهي تدرك النتيجة قبل الاعلان عنها0 ان التحاق الاحزاب المنهزمة بجبهة بعض الاحزاب القويه المعترضةالتي سجلت لها انتصارتةمعروفة قدم رسالة مفادها ان خطا عريضا من النخب السياسيه يستعين بالديمقراطيه حين يكون لامناص من دخولها ، ولكنه لن يدخر جهدا في الانقضاض عليها ان توفرت الفرصة0

وهو لن يتردد في اعادة العملية الى المربع الاول ان تمكن من ذلك0

الاحزاب مجتمعة تدرك ان أي من التجاوزت التي حدثت لم تبلغ الدرجة التي تؤثر في حسم مقعد واحد وهي تدرك مجتمعة ان الناخب مارس حقه بطريقة سلسلة وبمنتهى الديمقراطيه0 وان الضغوط ان كان لها حضور فقد جرى ذلك في المناطق التي يقبض المسلحون على مصائر الناس فيها0ان مجموع تلك الادعاات لاتعد سببا مسوغا لاعادة التفكير باعادة الانتخابات ، وهذا ماأشارت اليها الامم المتحدة لاحقا0

مطلوب من الأحزاب المندحرة إن تعيد انتشارها وان تقرا الفاتحة على خيبتها 0 وان تتحلى بأخلاق اللعبة وتقر بهزيمتها 0 وهي تدرك تماما آن إعادة الانتخابات ألف مرة لن يغير النتائج الراهنة في الظروف الراهنة والثقافة الراهنة0وان ما حصدته اليوم يمثل كامل استحقاقها0



اما الفائزون في المراتب التاليه ،فلاشك انهم يدركون ان وجودهم بالحجم الحالي كان نتيجة طبيعية لواقع التجربة ولظرف الممارسة، وان التشكيك لن ينفع في النهاية في الوصول الى اشياء ذات معنى خارج الحصاد الانتخابي0 اننا مدعون جميعا لنبارك النتائج حتى وان لم تعجبنا ، لانها ببساطة تمثل خيارات شعبنا واستحقاقات توازاناته وترجمة صادقة لخياراته التي نقدسها00 جميعا، والله الموفق00