((الرجاء نشره وتوزيعه على اوسع نطاق ممكن من صحافة ومجموعات بريدية وبقية المنتديات العربية))

انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في البحرين:

احتجاز تعسفي وملاحقة ومحاكمات غير عادلة بحق عشرين مواطنا بينهم مدافعون عن حقوق الإنسان
- التناقضات والانتهاكات المتعلقة بالقضية
- تفاصيل الجلسات الأولى للمحاكمات

يتابع مركز البحرين لحقوق الإنسان بقلق بالغ محاكمة مجموعات المواطنين –بينهم نشطاء حقوق إنسان – بدوافع تبدو أنها سياسية وانتقامية. والجدير بالذكر أن العديد من المتهمين في هذه القضية سبق وان تعرضوا لاعتداءات قوات الأمن أو الاعتقال خلال الشهور الستة الأخيرة بسبب نشاطاتهم. وأن أربعة من هؤلاء، وهم حسن عبدالنبي وحسن الحداد ونادر عبدالإمام ومحسن السلمان كانوا ضمن عشرة أشخاص اعتصموا في مبنى الأمم المتحدة في ديسمبر الماضي للمطالبة بالحماية من تهديدات السلطة، فيما تعرض اثنان آخرون من نفس المجموعة، وهم عبدالرؤوف الشايب وسيد شرف الستري لاعتداء قوات الأمن أثناء تواجدهم في المطار، ويعتبر البعض ذلك تصفية للحسابات قامت به السلطة ضد الناشطين المذكورين ورسالة قوية لغيرهم من الناشطين ومؤسسات المجتمع المدني الذين يطالبون بإصلاحات حقيقية وتعزيز الحريات العامة وحقوق الإنسان. وكانت أحداث المطار قد تواكبت مع قضية أخرى في نفس الاتجاه تمثلت في استدعاء جهاز الأمن لكل من رئيس جمعية العمل الوطني الديمقراطي والناشط الحقوقي عبدالنبي العكري بسبب انتقاداتهم للسلطة في جريدة القبس الكويتية.

إن ما سيرد في هذا البيان يكشف بشكل موجز بأن السلطة قد تعاملت مع قضية المعتقلين في حادثة المطار بدوافع سياسية وليس قانونية، وأن هذه القضية ذات علاقة بانتهاك المعايير الدولية لحقوق الإنسان المتعلقة بالحق في حرية التعبير، والحق في حرية التجمع، وبالاستخدام المفرط للقوة من قبل قوات الأمن، وبالحجز التعسفي، وسوء استخدام النيابة العامة لسلطاتها، وعدم استقلالية القضاء. وإن الشواهد تدل على أن المتهمين في هذه القضية لا يتمتعون بفرصة حقيقة للحصول على محاكمة عادلة. وبناء على جميع ذلك، يطالب مركز البحرين لحقوق الإنسان بإطلاق سراح المعتقلين فورا. وإذا كان ثمة قرائن حقيقية على قيام أي شخص بالتخريب فيجب أن يكون ذلك ضمن إجراءات عادلة وفقا للمعايير الدولية، ولا يمنع ذلك الإطلاق الفوري لسراح المعتقلين. ويطالب المركز بالتحقيق الفوري والمحايد في لاتهامات الموجهة لقوات الأمن بالاستخدام المفرط للقوة. ويوصي المركز باستخدام هذه القضية لتقييم أداء النيابة العامة واستقلالية القضاء، كما يطالب المركز بتعويض المتضررين من أية انتهاكات للقانون والمعايير الدولية.

الجدير بالذكر أن أهالي المعتقلين قد بدءوا حملة للتحرك على إطلاق سراح المعتقلين، وقد واجهت قوات الأمن فعالياتهم حتى الآن بعنف، وأن مركز البحرين لحقوق الإنسان يساند بشكل كامل تحرك لجنة أهالي المعتقلين ويقوم بتوثيق قضايا المعتقلين والاعتداءات التي تقوم بها قوات الأمن ليتم إصدار تقارير موثقة حول القضية ورفعها للجهات الدولية المختصة.


الانتهاكات والتناقضات المتعلقة بالقضية:

أولا: تضارب موقف السلطة بـشأن "المتهم" الأساسي ومعاقبة المتعاطفين مع قضيته: أقدمت السلطة بتاريخ 25 ديسمبر 2005 على إلقاء القبض على الشيخ محمد سند بتهمة المساس بأمن الدولة بسبب مطالبته علنا بإجراء استفتاء على شرعية النظام السياسي في البحرين بإشراف الأمم المتحدة. ولكن بدلا من تقديمه للنيابة العامة أو المحاكمة كما كان مزمعاً، تم إطلاق سراحه بعد أربع ساعات، ثم تم استقباله في اليوم التالي من قبل نائب رئيس الوزراء، وكان ذلك التحول نتيجة التفاعل الشعبي مع القضية الذي انعكس في اعتصام المتضامنين معه في مطار البحرين. وفي الوقت الذي اضطرت السلطة للتنازل عن القضية الأساسية ضد الشيخ سند، فقد تم اعتقال المتضامنين معه وتقديمهم للمحاكمة. رغم أن التهمة التي كانت موجهة للشيخ سند مبنية على واقعة لم ينكرها هو وتعتبر جناية وفقا لقانون العقوبات البحريني - الذي يتعارض بالطبع مع المعايير الدولية- في حين أن تهم التجمهر والإتلاف الموجهة للمتضامنين معه غير ثابتة وهي جنح وليست جنايات وفقا للقانون نفسه.

ثانيا: من بدأ المواجهة، وما هو حجم التخريب الفعلي: في اليوم التالي لحادثة المطار صرح المقدم ماهر أحمد بوعلي مدير مديرية شرطة مطار البحرين الدولي بأنه "إثر ضبط (خالد حميد منصور سند) المطلوب في قضية ماسة بالأمن الوطني، في تمام الساعة الثامنة مساء تجمع بعض الأشخاص داخل صالة الوصول بالمطار بلغ عددهم حوالي 100 فرد، وقاموا بإلقاء هتافات وإحداث الفوضى والإرباك بالصالة وهو ما دعا الشرطة إلى إنذارهم بالخروج من صالة المطار، ولما لم يمتثلوا تم التعامل معهم وإخراجهم من الصالة وتفريقهم، وفي هذه الأثناء قاموا بإحداث شغب وتكسير عدد من البوابات الرئيسية للمطار، وقد تمكنت الشرطة من السيطرة على الوضع وإعادة الهدوء إلى المكان، كما تمكنت من القبض على أربعة من مثيري الشغب والتخريب وسوف يتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيالهم وعرضهم على النيابة العامة للتحقيق معهم فيما نسب إليهم" (المصدر: أخبار الخليج 26 ديسمبر 2005)

من خلال التصريح الرسمي المذكور يتبين أن وزارة الداخلية قد ادعت بأن: عدد المتجمعين كان حوالي 100 شخص، وأن التكسير حدث بعد أن قامت الشرطة بإخراجهم من الصالة وتفريقهم بالقوة وليس قبل ذلك، وأن من تمكنت الشرطة من القبض عليهم كانوا أربعة أشخاص فقط، (حيث أن بقية المعتقلين تم اعتقالهم بعد ذلك بأيام).
• لقد قامت النيابة العامة بإصدار قرار الحبس بحق المشتبه بهم العشرين ومن ثم تقديمهم للمحاكمة بناء على شهادات رجال الأمن فقط ودون النظر في ظروف الحادث ودون الاستماع إلى أقوال مئات الشهود الذين كانوا في المطار.
• لم تحقق النيابة في الادعاءات باستخدام قوات الأمن للقوة بشكل مفرط ضد المتجمعين ومن بينهم المعتقلين أنفسهم رغم آثار الضرب الواضحة على أجسادهم
وإن ذلك يلقي بظلال ثقيلة على استقلالية النيابة العامة عن السلطة التنفيذية وحياديتها وتبعيتها المفترضة للقضاء.

ثالثا: تهمة التجمهر في المطار: يمنع المرسوم المتعلق بالاجتماعات والمواكب اجتماع أربعة أشخاص أو أكثر في مكان عام بدون إخطار مسبق، وهو قانون ينتهك أساسا المعايير الدولية لحقوق الإنسان. ورغم ذلك فإنه من المستغرب تطبيق هذا القانون على المتواجدين في المطار الدولي لاستقبال أو توديع أي شخص. ومن المثير للاستغراب أيضا انه قد ثم توجيه تهمة التجمهر لعشرين شخصا من بين حوالي مائة شخص تجمعوا في ذات القضية حسب بيان وزارة الداخلية (أكثر من 300 شخص حسب المصادر الصحافية). وبين هؤلاء عدد من رجال الدين والشخصيات المعروفة.

رابعا: لماذا مطار البحرين: اختارت السلطة القبض على الشيخ محمد سند في مطار البحرين، في حين كان هو قد أدلى بتصريحاته قبل ذلك بشهرين وهو في البحرين، وكان بالإمكان استدعائه قبل سفره أو بعد عودته لمنزله. وبناء على ذلك فإن السلطة تتحمل المسؤولية الأساسية في أن يحدث ما حدث في المطار وليس في مكان آخر. ولم يتم حتى الآن تقديم أي دليل لما شاع في وسائل الإعلام بأن هناك من خطط لاستهداف مطار البحرين .

خامسا: استخدام وسائل الإعلام ضد المتهمين: قامت السلطة بحملة إعلامية واسعة استغلت فيها سيطرتها على وسائل الإعلام، لتصوير ما حصل في المطار على أنه مؤامرة لاستهداف المطار كمنشأة أمنية، وقد تمثلت تلك الحملة في تصريحات رسمية من قبل كبار المسؤولين في الدولة، وطريقة صياغة الأخبار وإعداد البرامج في الإذاعة والتلفزيون، وتحقيقات ومقالات صحافية، ومقابلات وبيانات استنكار وشجب من الجمعيات السياسية والنواب الموالين للدولة. في حين امتنعت وسائل الإعلام عن نشر الوقائع وأقوال الشهود العيان، وتم حجب الآراء من جهة المتهمين أو الجهات المحايدة. ولذلك فقد كانت مفاجأة كبيرة للرأي العام الذي كان يسمع عن تخريب مبالغ فيه لمنشآت المطار عندما نشرت الصحف بأن لائحة الاتهام تضمنت بأن حجم التخريب في المطار لا يتجاوز كسر في واجهة زجاجية للمطار وبعض المقاعد بصالة القادمين بكلفة إجمالية قدرها مدير المطار 460 ديناراً (جريدة الوطن 8 يناير 2006). إن ذلك يكشف خطورة سيطرة السلطة على وسائل الإعلام وتأثيرها على سير العدالة، ويبين كيف أن المتهمين قد تم تجريمهما قبل تقديمهما للقضاة دون مراعاة المبدأ العام الذي يقضي بأن المتهم برئ حتى تثبت إدانته.

سادسا: التطويل المتعمد لفترة الحبس الاحتياطي: عندما تم تقديم المتهمين للمحاكمة بعد أكثر من 10 أيام من التوقيف، احتج المحامون لدى القضاة بعدم السماح لهم بمقابلة موكليهم، وعدم إطلاعهم على ملف الإدعاء، وطالبوا بإطلاق سراح المعتقلين أثناء سير المحاكمات، فاتخذ القضاة في المحاكم الثلاث التي قدم لها المتهمون قرار تأجيل القضية لمدة تتراوح بين 16 إلى 28 يوماً ليتاح للمحامين اللقاء بالمتهمين والإطلاع على ملف القضية، ولكنهم قرروا في ذات الوقت استمرار الحبس.
• لقد منعت النيابة العامة المتهمين من اللقاء بالمحامين قبل تقديمهم للمحاكمة، رغم أن ذلك من حقوقهم الأساسية منذ اليوم الأول للاعتقال ليس فقط وفقا للقوانين الدولية ولكن وفقاً للقوانين البحرينية أيضاً.
• أن النيابة العامة هي السبب في تأجيل المحاكمة، ولكن القضاة قرروا إبقاء المتهمين في السجن لمدة أطول رغم عدم تمكن القضاة من النظر الفعلي في القضية والاستماع للدفاع، وعدم وجود أية دواع لاستمرار الحبس أثناء فترة المحاكمة.
• أجمع القضاة في المحاكم الثلاث على قرار استمرار الحبس في فترة المحاكمة، مما يثير الشك بأن القرار كان سياسياً وقد تم اتخاذه بشكل سابق للمحاكمة ومن قبل جهة أخرى.


تفاصيل المحاكمات:

تم خلال يومي 7 و8 يناير الجاري عرض قضايا عشرين متهما أمام المحكمة الجنائية الصغرى بتهم المشاركة في التجمهر وإتلاف الممتلكات العامة. وقد تم تقييد دخول أهالي المتهمين لقاعات المحكمة، ولم يتمكن المتهمون من الاجتماع مع محاميهم قبل جلسات المحاكمة أو بعدها. كما تم منع الناشط الحقوقي نبيل رجب نائب رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان من الحضور لمراقبة الجلسات.

وكانت المحكمة الصغرى الجنائية الثانية قد قررت يوم 7 يناير استمرار حبس المجموعة الأولى المكونة من سبعة من المتهمين مع تأجيل النظر في القضية إلى 23 يناير الجاري للاستماع إلى شهود النفي ولإطلاع هيئة الدفاع على أوراق الدعوى، وهؤلاء المتهمون هم 1/ نادر إبراهيم عبدالامام، 32 عاماً، جدحفص، (عضو لجنة الدفاع عن النشطاء وسجناء الرأي) 2/ حسن عبدالنبي، 25 عاماً، سترة، (منسق لجنة العاطلين وكان قد تعرض للاعتداء والاختطاف سابقا من قوات الأمن) 3/ بدر أحمد الجزيري، 40 عاماً، الديه، 4/ ياسر خليفة، 31 عاماً، جدحفص، 5/ جواد عبدالله السلمان، 24 عاماً، جدحفص، 6/ حسن مجيد الجشي، 20 عاماً، المنامة، 7/ قاسم محمد خليل، 19 عاماً، كرزكان. وكان محامو المتهمين السبعة قد طالبوا أمس بإطلاق سراحهم، فيما طعن المحامي محمد المطوع في دستورية القضية وشيوع التهمة لوجود اكثر من200 شخص بالمطار خلال الأحداث.

وفي نفس اليوم قدم للمحاكمة أيضا المواطن محمد يوسف عبدالله السنكيس، مقابة، وكان قد تم الاعتداء عليه بالضرب واعتقاله من قبل قوات الأمن يوم 30 ديسمبر أثناء اعتصام للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين في هذه القضية. وقد قررت المحكمة إطلاق سراح المتهم بكفالة.

وفي اليوم التالي (8 يناير) تم تقديم 10 مواطنين في مجموعتين للمحاكمة في نفس قضية التجمهر في المطار وإتلاف الممتلكات العامة. وقد أجلت المحكمة الصغرى الجنائية الثانية إلى 30 يناير قضية ثلاثة من المتهمين وهم: 1/ محسن عبدالله السلمان، 23 عاماً، جدحفص، (وهو عضو إداري في لجنة العاطلين) 2/ حسن الحداد، 25 عاماً، المحرق، (ناشط مستقل) 3/ محمد حسن عاشور، 21 عاماً، كرزكان. في حين أجلت المحكمة الصغرى الجنائية الرابعة إلى 5 فبراير القادم قضية سبعة آخرين وهم: 1/ عاطف مهدي أحمد، الجفير، 2/ يوسف أحمد حسين، المعامير، (عضو في لجنة العاطلين) 3/ فخري عبدالله، السنابس، 4/ ناصر علي ناصر، 33 عاماً، رأس رمان، 5/ محمد مجيد الجشي، 24 عاماً، المنامة، 6/ إسماعيل حسن مكي، جدحفص، 7/ عبدالأمير مدن، 25 عاماً، المعامير. ولم تعتن المحكمة بطلب المحامين وأهالي المتهمين بالإفراج عن المتهمين، فقد مددت حبسهم على ذمة القضية.

كذلك فقد نادى قاضي المحكمة بأسماء متهمين آخرين قال بأن عليهم تسليم أنفسهم ليتم محاكمتهم في نفس القضية، وعرف من بين هؤلاء كل من: عبدالله زين (عضو في لجنة العاطلين)، علي قمبر، سيدعلي سيد مجيد.