[align=center]انتخابات واختيار شعب في العراق أم فصل عشائري ![/align]

أرض السواد : طاهر الخزاعي

وقفنا* بكل ما نملك من قوة مع خيار الشعب العراقي في الاحتكام الى الصناديق من أجل انتخاب حكومة انتقالية أولاً والتصويت على الدستور ثانياً وانتخاب حكومة دائمة ثالثاً .. وهذا الوقوف يعني أولاً وبالذات الوقوف مع رأي الأمة , والأمة اذا ما ارتأت شيئاً لابد للجميع أن ينصاعوا صاغرين لارادتها . وواهم من يتصور أن هذه الأمة مغلوب على أمرها أو أنها آثرت الطريق السلمي هروباً من طريق ذات الشوكة .. لكنه التدرج المنطقي في التعامل مع الأحداث , وكل ظروف العراق تشير الى خيار الانتخابات لاختيار حكومة ممثلة للشعب تعمل على استقلال وأمن وبناء العراق . وهذا ما حصل في منتصف الشهر الماضي . وسرعان ما انبرى الذين لفظتهم الأمة وألقت بهم بين هامش صناديق الاقتراع أو خارجها , انبرى هؤلاء لتسفيه رأي شعب بكامله فكانت الطعون والشكوك والتهديدات والزوابع , حتى حصل الذي كان متوقعا وتمت سرقة أصوات الشعب وتوزيعها بطريقة (الفصل) العشائري لارضاء هذا وإسكات ذاك .. فكان أن ألغوا أكثر من نصف مليون صوت بحجة الخروقات ! ثم ترقيع نتائج الانتخابات لتصل القائمة العراقية الى 25 مقعداً وهي لا تحصل على 15 مقعداً في أعلى التقادير ! ثم تكريما لجهود مثال الآلوسي وجهود صالح المطلق قررت هيئة ما وراء اللجان التدقيقية تخصيص مقعد لكل منها من بغداد .

و لعل الأغرب في الأمر أن تتركز التصريحات والمشاورات ومنذ اليوم الأول لظهور النتائج الأولية للانتخابات على لابدية تشكيل حكومة يسمونها زوراً وطنية ! ويعلنون بأنها حكومة تمثل الجميع وأن كل الأطراف والفصائل ستكون لها حصة في الحكومة !! مع تأكيد البعض بخجل على احترام الاستحقاق الانتخابي ! . والحقيقة أن هذه الطريقة في تشكيل الحكومة العراقية هي التي ستقود العراق الى الهاوية والدمار . فالشعب سيدرك بأنه ليس سوى اُضحوكة استخدمه السياسيون للوصول تقاسم ومحاصصات على حساب معاناته وأصواته , والانتخابات ليس الا لعبة يُراد منها إسكات هذا الشعب وتضليله , وإن النظام السياسي في العراق سوف لا يخرج عن الدائرة التي رسمها بريمر منذ تشكيله مجلس الحكم وقانون ادارته المؤقت . ومما لا شك فيه أن مثل هذه الرسالة سيقرأ الشعب سطورها الكريهة .

إن من يدقق فيما يُراد لحكم العراق سيجده لا يختلف ابداً عن آلية تشكيل مجلس الحكم والحكومات التي أعقبته , فالأكراد لهم أحد أعلى منصبين في الدولة (رئيس الدولة أو رئيس الوزراء) والشيعة لهم كذلك احداهما , وللسنة اذا فقدوا رئاسة الدولة , رئاسة البرلمان مع نائبين لرئيس الدولة ورئيس الوزراء .. ثم الوزارات السيادية والمهمة يتم تقسيمها أيضا بهذه الطريقة , بين السنة والشيعة والأكراد . وعلى هذا يتم نسف العملية الانتخابية من الأساس وتتحول الى ديكور خادع للشعب من أجل تمرير التقسيم السياسي للعراق بهذه الطريقة .. صحيح أن هذا التقسيم السياسي للحكم في العراق غير منصوص عليه في الدستور, لكن تكريسه في هذه الفترة الدائمة سيجعله عُرفاً سياسيا يرقى الى النص الدستوري من حيث عدم القدرة على تجاوزه في المرحلة اللاحقة , وهنا تكمن الخطورة ! .

لا يمكن بناء العراق على أساس كهذا , ولقد رأينا في السنين الثلاث الماضية ما آلت اليه هذه الطريقة من تدمير للعراق والاستئثار بالوزارات من قبل الأطراف التي تستلمها , بل ورأينا كيف يأمر حزب ما مرشحه للوزارة بالاستقالة بغض النظر عن رئيس الوزراء ومجلس الوزراء أو مجلس النواب !, وهذا مؤشر غاية في السلبية .

و اليوم والعراق يعيش إرهاصات تشكيل حكومته الدائمة نجد كل تلك الاعتبارات (البريمرية) حاضرة ولا يمكن تجاوزها , فالتصريحات الرسمية من الأطراف كلها تتأرجح بين حكومة شراكة أو وحدة أو مشاركة أو توافق , وهذه ك طرق تؤدي جميعها الى آلية مجلس الحكم سيئة الصيت . وهذا يعني أن الساسة العراقيون سيضعون حزاما ناسفا للعملية الانتخابية وسيارة مفخخة بين الأصابع البنفسجية . فكيف يجوز لهم هذا التعدي الصارخ على رأي الشعب ؟ هل هي ديمقراطية جديدة خاصة بالعراق ؟ أم هذا هو النموذج المرتقب في الشرق الأوسط ؟ .

إن الأولوية الأولى في تشكيل الحكومة لابد أن تكون للاستحقاق الانتخابي حتى لا تتجاوزوا على الشعب والا سيتجاوزكم في القريب العاجل . وليعلم الجميع أن التجاوز على الاستحقاق الانتخابي والعمل بآلية التوافق التي انتهى وقتها تعني بالحرف الواحد عدم شرعية الحكومة التي تنبثق مجانبة للاستحقاق الانتخابي , والحكومة غير الشرعية في نظر الشعب تعني الشيء الكثير في ظل الظروف الحالية التي يعيشها العراق .

نعم لا تقدر القائمة الفائزة وفقا للدستور أن تشكل الحكومة فهي بحاجة الى الثلثين لتشكيل مجلس الرئاسة , وهذا يتأتى من تحالف قائمتي التحالف الكردي والائتلاف العراقي الموحد . ونعم ثانية ومن أجل الوحدة الوطنية ومن أجل الشراكة ينبغي توسيع هذا التحالف بإضافة قائمة التوافق التي جاءت بالمرتبة الثالثة . وهنا لا بد من وضع (نقطة راس السطر) حتى نضمن الاستحقاق الانتخابي والشراكة الوطنية . أما التعدي أبعد من ذلك وإشراك القائمة العراقية وقائمة المطلق فلم يبق الا مشعان الجبوري ومثال الآلوسي وتصبح الانتخابات سالبة بانتفاء الموضوع , و(كانك يابو زيد ما غزيت)

إن اشراك أي شخص أو قائمة أخرى غير القوائم الثلاث الأولى (الائتلاف والتحالف الكردي والتوافق) يقضي كليا على فلسفة الانتخابات ويلغي موضوعها , وبالتالي تفقد الحكومة شرعيتها التي حصلت عليها من صناديق الاقتراع , والتجاوز على نتائج الصندوق يعني تجاوزا على الشرعية , وللعراقيين تجارب مريرة مع الحكومات غير الشرعية وأول تلك التجارب أنه يعلن الحرب عليها ومن وراءها ويومئذ لا يشفع لأحد التبرير ! .

إن إشراك قائمة السيد علاوي الخاسرة أو قائمة المطلق الخاسرة أيضا في الحكومة خلاف إرادة الشعب ولا يمكن وصفه الا بالفصل العشائري الذي يعتمد أساساً على تبويس لحى الخصوم !! وما نحن فيه يحتاج منكم حملة تبويس للحى الشعب الذي انتخبكم .. وكما وقف الشعب معكم سيقف ضدكم فلا تخونوا أمانته في محفل من محافل الفصول العشائرية التي تُسمى زورا بحكومة الوحدة الوطنية .



* ضمير الجماعة يمثل رأي عام .



[email protected]