هذا تقرير نشرته صحيفة الواشنطن بوست يكشف بعضا من اوضاع الطائفة الشيعية في مدينة الثورة. هذا التقرير قد يعطي انطباعا عن الحالة التي تعيشها الطائفة بشكل عام والمشاكل التي تعترضها.

بغداد 14 ابريل. كتب انطوني شديد.

علي الشوكي احد رجال الدين الشيعة في مسجد النبي محمد في مدينة الثورة يقوم بأمامة الصلاة. الرجل البالغ من العمر 47 سنة يعرض غرفة مليئة بالمسروقات التي اعادها من سرقها الى المسجد. وقد قام علي الشوكي يشرح لنا كيف انه نجح في فرض النظام في احياء المدينة التي كانت تعرف بمدينة صدام. والطريقة تتلخص في تسيير دوريات مسلحة بعد الثامنة مساء لضمان وجود منع تجول في تلك الأحياء.

هذا ما قاله علي الشوكي وهو يضع عمامة سوداء ويلتحي بلحية طويلة "نحن نأمر الناس لكي يطيعوننا, عندما نقول لهم قفوا فهم يقفون واذا قلنا لهم اجلسوا فهم يجلسون, لقد عاد الناس الى رجال الدين بعد انهيار النظام". وبدعم من مرجعياتهم في النجف تحمس السكان في مدينة الثورة ذو الأغلبية الشيعية لمحاولة اعادة الأمور الى وضعها الطبيعي. حيث تقوم مجموعات متعددة بالمحافظة على الأمن والعلاج وتوفير حاجيات السكان الأخرى. وفد تشكلت لجان شعبية يقودها على الأغلب رجال دين من ائمة المساجد تقوم حتى بأجبار اصحاب الأفران على العمل. وعند تجوالك في المدينة تلاحظ شعارات مكتوبة على الحيطان مثل"السرقة حرام" و "اهلا بكم في مدينة الصدر". كما وتمكن رجال الدين من منع عمليات انتقام وأخذ بالثأر. مما يثير القلق مدى استقلالية هؤلاء القادة الجدد ودرجة نفوذهم في مناطقهم ضد السلطة المركزية.

هذه المدينة لها تاريخ دام في تحركها ضد السلطات وآخر تحرك شعبي دموي ضد السلطات حدث بعيد اغتيال محمد صادق الصدر, ولكن المدينة بقيت هادئة اثناء الحرب ولم تحرك الا باحتفالات الأهالي بسقوط النظام. وقد كان رد فعل رجال الدين سريعا, فقد تحرك محمد الفرطوسي وهو رجل دين في الثلاثين من العمر بسرعة بأتجاه مدينة الثورة من النجف بأوامر من آية الله سيستاني. وتلاحظ الفرطوسي وقد احيط بسيارتين مليئة بالحراس وهم يحملون رشاشات من نوعية اي كي 47 وهم يطوفون شوارع المدينة. وقد ادعى في حديث لنا انه يسيطر على عشرات المساجد في المدينة. وقد كان يتحرك لأعادة افتتاح احد المستوصفات فيما كان يوزع الطلقات على حراسه الصغار السن. وقد قال بلهجة مصممة "نحن لا نحتاج الأميركان, لقد تخلصوا من صدام لا اكثر ولا اقل". ولكن سلطة الفرطوسي تنتهي عند نهاية الشارع الذي يقف عنده حيث توجد جيوب اخرى من السلطة في احياء اخرى.

في الحي المقابل تحدث الينا السيد صادق العلاق والذي يبلغ من العمر 60 سنة وهو امام احد المساجد الصغيرة, مسجد الأمام علي وهو اول مسجد بني في هذا الحي. قال السيد صادق " انني احكم قربة الى الله, ولكنني لا ادعي انني املك سلطة او منصبا". ويتحكم السيد صادق في ستة مساجد من مساجد المدينة البالغ عددها 79 مسجدا. ويتحرك السيد بحماس لا يتجانس مع سنه. وقد قام بأستعمال مكبرات الصوت في المسجد ليعلن فتاوى من السيستاني تحرم السرقة, كما وعقد لقاءات مع ضباط الشرطة السابقين مشجعا لهم ليعودوا الى عملهم كما واسس لجانا شعبية تحاول اعادة الماء والكهرباء والغذاء . وقد بادر العلاق الى تنظيم اجتماع يوم السبت الماضي ضم كافة الزعماء في الأحياء المختلفة لتخفيف التوتر بين السنة والشيعة بعد وقوع حوادث قرب مسجد الأبرار يوم الجمعة الماضي. من خلال ملاحظات العلاق نستشف مصداقية عند الرجل في مرحلة عراق ما بعد صدام, ماض في مقاومة النظام واستقلالية عن الأميركان. حيث يقول ان شعبيته او سلطته تستمد من مقاومة اسرته للنظام البائد حيث تم اعدام سبعة من اقاربه في 1982 بسبب عضويتهم في حزب الدعوة وهو تنظيم شيعي خاض نضالا مسلحا ضد النظام. ولم يتسن لأسرته مشاهدة جثث الذين اعدموا وانما سلمت الى عائلته شهادات وفات بواسطة احد مسؤولي حزب البعث في المنطقة. قال لنا السيد العلاق " كل الناس يحبوننا لأننا اناس طيبون ويعرفون اننا عانينا كثيرا". وبنفس المرارة قال لنا بانه رفض مقابلة المسؤولين الأميركان طالما يحتلون العراق. وقد قال" لقد طلب الأميركان مقابلتي ولكنني رفضت, اعلموا انني لو قابلتهم فان شعبيتي ستنهار". واستطرد قائلا " هذه الأستقلالية لن تروها عند الشوكي, فهو كان قريبا جدا من البعثيين, وهو شديد الحماس للعمل مع الأميركان".
وعند ذهابنا الى مسجد الشوكي الذي امتلأ بالبضاعة المسروقة والمعادة اعترف لنا الشوكي انه تعامل مع البعثيين, حيث كان يذهب ليقابل المسؤول الحزبي مرة في الأسبوع ولكنه اصر انه كان يقوم بذلك بسبب الخوف. فقد اخبروه انه سيمزقون فمه اذا لم يدع لصدام حسين في خطبة صلاة الجمعة. الشوكي لم يعد يتملكه مثل هذا الخوف حيث يتجمع حرسه المسلحون قرب باب المسجد بينما وقف احدهم على السطح. كما وتستطيع ملاحظة عدد اكبر من المسلحين بالكي أي 47 في داخل المسجد. وقد اخبرنا انه توجد لديهم قاذفات قنابل لللأحتياط وكان الشوكي يتحدث وهو يلبس نطاقا جلديا يحمل مسدسين من عيار 9 ملم. "أنني يصلي لابسا مسدسي" قالها وهو يبتسم بالكاد. مثل العلاق فهو يدعي السيطرة على 6 احياء يعيش بها ما يقارب 60 الف نسمة. ويقوم رجاله المئتان بدوريات تفرض حالة منع تجوال على السكان فيما يسمح فقط للذين يعرفون سر الليل الذي يجري تبديله كل ليلة. وقد كان يصر بان عمله لا ينحصر في امامة الصلاة وانما كقائد عسكري, وسياسي, واجتماعي وروحي. "صحيح, سأل الشباب المحيطين به في المسجد". واجابه المحيطون "صحيح, صحيح". وهنا توقف الشوكي عن المضي في الحديث عن الى مدى يمكن ان تكون السلطة. ولكن هنالك آخرون يتحدثون بلهجة اكثر تشددا.
اخبرنا عبد النبي البديري امام جامع الأمام بأن رجال الدين هم من سيرث الدولة. " اتمنى من الله ان تقوم دولة اسلامية, اتمنى ان يكون لدينا رئيس من رجال الدين".



السيد الشوكي واتباعه