النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    الدولة
    هناك
    المشاركات
    28,205

    Lightbulb الشهيد الصدر مؤرخا ً( مقتطف من كتاب محمد باقر الصدر حياة حافة وفكر خلاق )

    [align=justify]لم تصرف مشاكل الفقه والأصول الشهيد الصدر عن الخوض في ميادين المعرفة الأخرى فاتسعت اهتمامات الشهيد الصدر لتشمل أكثر حقول العلم والمعارف الإنسانية، ومن ذلك ميدان التأريخ ليسجل روائع أفكاره وآرائه التي توصل إليها.

    ولقد كان الشهيد الصدر شغوفاً بالتأريخ منذ صباه فعالج مشكلة تاريخية من أعقد مشكلات التأريخ وهو في السابعة عشر من عمره وقيل في الحادية عشر ولم يهدف يومئذ من تأليفه إلا الاحتفاظ به كمذكرة لحياته الفكرية ومؤرخاً لتلك المرحلة من عمره - كما أوضحه الشهيد في مقدمة كتابه - وقد احتل الصدراة في المكتبة الإسلامية بأسلوبه الموضوعي وحجته البالغة في تحقيق مسألة الخصومة التأريخية بين الخليفة الأول والزهراء (ع) بنت رسول الله (ص) التي لم تعهد المكتبة التأريخية تحقيقاً بمثل هذا التحقيق ومحاكمة بمثل هذه المحاكمة.

    وقد كشف الشهيد عن حقائق تأريخية عدة في كتابه (فدك في التاريخ) ، وأماط اللثام عنها بلهجة علمية واسلوب موضوعي فتناول أكثر من محور في كتابه بما له دخل في معالجة أمر الخصومةن فبحث بأروع ما يمكن معالم سياسية الخليفتين الأول والثاني تجاه أهل البيت وأوضح الأسس التي تقوم عليها، واسهب البحث بشكل لم يسبق له مثيل في أمر السقيفة ، وكذلك عالج بحثاً من أهم البحوث التأريخية وهو أمر الفتوحات الإسلامية فألقى عليها الأضواء الكاشفة. وفي كل هذه الابحاث تجرد عن المواقف المسبقة والعواطف الجياشة التي تؤدي بالباحث إلى متاهات مظلمة.

    ولم يقتصر الشهيد على بحث الحقائق التأريخية ودراستها بلغة تاريخية صرفة. فهو المؤرخ الواعي الذي لا يسلم بالحقائق التأريخية بعيداً عن القرآن والسنة والعقل والذوق العام، فقد تناول السيد الشهيد الحديث الذي رواه الخليفة الأول في مقام رد دعاة الزهراء (ع) بالبحث والتحقيق، فذكر عدة احتمالات في تفسير الحديث بما يبطل الاستدلال بالحديث الذي رواه الخليفة الأول لحساب دعواه، وبذلك يفقد الخليفة الأول حجته في خصومته مع الزهراء (ع).

    وكذلك تناول السيد الشهيد تفسيرات آيات الإرث التي احتجت بها الزهراء في مقام إثبات إرث الأنبياء بشكل يؤيد دعوى الزهراء ويدحض التبريرات والتأويلات التي حاكها بعض المفسرين.

    والحقيقة أن كتاب (فدك في التأريخ) بحث تأريخي استعمل فيه الشهيد أدوات المعرفة من تفسير وتحليل للحديث وفقه وفلسفة بما لا يجعله مجرد سرد تأريخي محض
    [/align]


    [align=justify]كيف يتعامل الشهيد مع التأريخ[/align]

    [align=justify]لم يكن الشهيد الصدر من هواة التأليف والتصنيف ولذلك لم يترك في أكثر الحقول التي طرق أبوابها سوى مصنف أو أكثر وعدة بحوث متناثرة ومحاضرات في مناسبات مختلفة، ومن ذلك حقل التأريخ الذي ترك فيه الشهيد كتابه ( فدك في التأريخ) وبحوثاً ومحاضرات تأريخية قدر لها أن تكون مصادر للبحث التأريخي.

    ومن ذلك كله نكتشف نهجه في قراءة التأريخ، والتعرف على مظاهر هذا التعامل.

    يشترط أن يكون المؤرخ موضوعياً يتجرد من عاطفته ولا يقتضي أثرها ويلبي إيعازاتها، لأن الموضوعية إن كانت شرطاً في كل المحاكمات العملية فإنها في المحاكمات التأريخية أوضح. لذلك يقول السيد الشهيد : " إذا كان التجرد عن المرتكزات والأناة في الحكم والحرية في التفكير شروطاً للحياة الفكرية المنتجة. وللبراعة الفنية في كل دراسة عقلية مهما يكن نوعها ومهما يكن موضعها، فهي أهم الشروط الأساسية لإقامة بناء تاريخي محكم لقضايا أسلافنا ترتسم فيه خطوط حياتهم التي صارت ملكاً للتأريخ ويصور عناصر شخصياتهم التي عرفوها في أنفسهم أو عرفها الناس يومئذ فيهم، ويتسع لتأملات شاملة لكل موضوع من موضوعات ذلك الزمن المنصرم يتعرف بها على لونه التأريخي والإجتماعي ووزنه في حساب الحياة العامة أو في حساب الحياة الخاصة التي يعني بها الباحث وتكون مداراً لبحثه كالحياة الدينية والأخلاقية والسياسية إلى غير ذلك النواحي التي يأتلف منها المجتمع الانساني بشرط أن تستمد هذه التأملات كيانها النظري من عالم الناس المنظور لا من عالم تبتدعه العواطف والمرتكزات وينشئه التعبد والتقليد، لا من خيال مجنح يرتفع بالتوافه والسفاسف إلى الذوررة ويبني عليها ما شاء من تحقيقات ونتائج ، لا من قيود لم يستطع الكاتب أن يتحرر عنها ليتأمل ويفكر كما تشاء له اساليب البحث العلمي النزيه.

    ولكن اماذا كل هذه الشروط وقد انصرم ذلك الزمن ومضى دون رجعة فقد يكون بود بعض الباحثين أن يغفر لأسلافه ذنوبهم وخطاياهم وقد يحلو له أن على يأتي ذكر شيء من سيئاته أو يحاول تبريرها أو تأويلها؟.

    يرى السيد الشهيد أن المؤرخ ليس حراً في أن يغفر لأسلافه تحت ضغوط العاطفة والتعبد والتقليد، لأنه إن فعل ذلك فإنه سيزور التاريخ ويشوه صورته.


    نعم ! يحق له أن يكتب رواية يتيه فيها في عالم العواطف والخيال اخصب وليكتب ما يشاء ويغفر ما يشاء ويحسن ما يشاء فإن ذلك ملكه.

    يقول السيد الشهيد: " فإذا كنت تريد أن تكون حراً في تفكيرك، ومؤرخاً لدنيا الناس لا روائياً يستوحي من دنيا ذهنه ما يكتب فضع عواطفك جانباً أو إذا شئت فأملأ بها شعاب نفسك فهي ملك لا ينازعك فيها أحد، واستثن تفكيرك الذي به تعالج البحث فإنه لم يعد ملكك بعد إن اضطلعت بمسؤولية التأريخ وأخذت على نفسك أن تكون أميناً ليأتي البحث مستوفياً لشروطه قائماً على أسس صحيحة من التفكير والاستنتاج ".
    [/align]
    يا محوّل الحول والاحوال ، حوّل حالنا إلى أحسن الحال......








  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    الدولة
    هناك
    المشاركات
    28,205

    افتراضي

    [align=justify]المؤرخ الفقيه

    ريما تعوز الباحث والمؤخر أدوات البحث الضرورية من عة أفق ومعرفة واسعة وتنوع ثقافي يسعفه بالتحليل والتفسير ولكن ما يلاحظه الباحث بوضوح في شخصية الشهيد الصدر أنه المؤرخ الفقيه الذي يطعمك التأريخ مشوباً بالفقه كما يبدو ذلك في مائل تاريخية عديدة ففي بحثه لحكم الخليفة الأول وقضائه في أمر الخصومة مع الزهراء يطرح على بساطة البحث مسألة من أدق المسائل الفقهية ، كما في (مسألة جواز قضاء الحاكم بعلمه أو عدم جواز ذلك)، فرد على أساطين العلماء فيما تعارفوا عليه وما اشتهر على السنتهم.


    يقول السيد الحائري: " فلقد ناقش – رحمه الله – في كتاب فدك ما وقع من بعض أكابر العلماء كصاحب الجواهر رضوان الله عليهم، من الاستدلال على نفوذ علم القاضي بكون العلم أقوى من البينة المعلوم إرادة الكشف منها، ناقش ذلك بقوله: " وألاحظ أن في هذا الدليل ضعفاً مادياً لأن المقارنة لم تقم فيه بين البينة وعلم الحاكم بالإضافة إلى صلب الواقع وإنما لوحظ مدى تأثير كل منهما في نفس الحاكمن وانت النتيجة حينئذ أن العلم أقوى من البينة لأن اليقين أشد من الظن، وكان من حق المقارنة أن يلاحظ الأقرب منهما إلى الحقيقة المطلوب مبدئيا الأخذ بها في كل مخاصمة ولا يفضل علم الحاكم في هذ الطور من المقايسة على البينة لأن الحاكم قد يخطئ كما أن البينة قد تخطئ فهما في شرع الواقع سواء كلاهما مظنة للزلل والاشتباه"، وأيضاً ذكر المرحوم الشيخ آغا ضياء العراقي الذي يعتبر من أكابر المحققين في العصر المتأخر ذكر في كتابه رداً على من استدل بنفوذ علم القاضي بأدلة القضاء بالحق والعدل: " أنه قد يكون المراد بالحق والعلد هو الحق والعدل وفق مقايي القضاء، لا الحق والعدل وفق الواقع، وكون علم القاضي من مقاييس القضاء أو الكلام" واتشهد - رحمه الله - على ذلك بالرواية الدالة على عقاب رجل قضي بالحق وهو لا يعلم ببيان أنه لو كان موضوع القضاء هو الحق الواقعي لا الحق وفق مقاييس القضاء لكان قضاء من قضي بالحق، وهو لا يعلم صحيحاً وضعاً تكليفياً، ولا عقاب عليه إلا بملاك التجري.

    وأورد أستاذنا الشهيد رحمه الله في كتاب فك بأن هذه الرواية لا تدل على عدم موضوعية الواقع للحكم، غاية ما هناك أن نفيد الأدلة التي ظاهرها كون موضوع الحكم هو الحق والعدل الواقعين بمقتضى دلالة هذه الرواية على عقاي من قضي بدون علم فيصبح الواقع جزء من موضوع والعلم به جزء آخر للموضوع ولا بأ بذلك انتهى.


    وتتباين آراء المؤرخين والكتاب الالاميين في تحليل سياسة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) تجاه معاوية، إذ حكم البعض على سياسة علي (ع) بالفشل، بينما انبرى آخرون للدفاع عنه وكل ذلك في اطار تأريخي محض.

    أما السيد الشهيد فإنه يحلل موقف الامام علي (ع) من منظار فقهي على ضوء قاعدة (التزاحم) فيما أذا توقف واجب أهم على مقدمة محرمة فلابد من الحفاظ على ذلك الواجب الأهم ولو بارتكاب المقدمة المحرمة حفاظاً على الاهم ورعاية له. على ضوء هذه القاعدة يتسائل الشهيد الصدر عن البب الذي حال بين الامام علي وتطبيق هذه القاعدة لأجل أن يملك زمام قيادة المجتمع الاسلامي ولو بامضاء ولاة معاوية لفترة زمنية قصيرة ثم يعزله وهو في منعة بتوفر على هذه الدماء وهذا الشرخ الذي أصاب صفوف المؤمنين.
    [/align]

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    الدولة
    هناك
    المشاركات
    28,205

    افتراضي

    [align=justify]الشهيد الصدر يفلسف هذا الموقف التاريخي ويكشف عن عدم صلاحية تطبيق القاعدة الفقهية السالفة الذكر وقدم للجواب على هذه الظاهرة عدة نقاط كدراسة للظروف السياية والأهداف التي كان يعيشها الامام علي (ع) تتلخص في :

    1- إن الامام علي (ع) كان بحاجة إلى إنشاء جيش رالي عقائدي لم يكن موجوداً من قبل ولابد من اعداده وتربيته فكرياً وعاطفياً ونفسياً وهذا يتطلب جوا مسبقاً صالحاً تنشأ منه بذور الجيش ومن الواضح أن جواً من المساومة وانصاف الحلول يحول دون انشاء مثل هذا الجيش العقائدي.
    2- إن الامام جاء في لحظة ثورة تستبطن لحظة تركيز وتعبئة وتجميع لكل الطاقات لاعاطفية والنفسية في الامة الاسلامية لصالح القضية الاسلامية فلابد من اغتنام هذه اللحظات وعدم اضاعتها باشاعة روح المساومة وانصاف الحلول.
    3- أن ظاهر الشك في مجتمع الامام علي (ع) كانت شائعة وكان الامام علي يهدف إلى توعية الامة الاسلامية وتعريفها بحقيقة المعركة بينه وبين خصومه وأنها ليست معركة شخصية ومع هذا كانت الشكوك تحوم حول هذه المعركة، وعليه فإن اقدام الامام (ع) على المساومة اضافة عنصر آخر يزيدي من اثارة هذه الشكوك بايجاد عنصر موضوعي لانتشار هذه الظاهرة.
    4- إن هنام مؤامرة كانت تستهدف وجود الامة الاسلامية وسلخ شخصيتها ومنع الامة من القيام بدورها بكل جرأة والحيلولة دون هذا الموقف بنصب قيم عليها لتعيش حياة الاكاسرة والقياصرة . كان الامام علي يهدف إلى القضاء على هذه المؤامرة ومما لاشك فيه أن أنصاف الحلول تعتبر تكريساً لهذه المؤامرة. فلو باع الامام علي الامة بيعاً مؤقتاً مع خيار الفخ، على حد تعبير الشهيد . لكان قد اشترك في انجاح هذه المؤامرة وفي سلخ الامة عن ارادتها في حين أنه يهدف إلى تربية الأمة على لاشعور بكرامتها بحريتها باصالتها في المعترك السياسي العقائدي.
    5- إن الامام علي (ع) ل امضى لهذه الاجهزة الفاسدة تصرفاتها فليس بامكانه أن يقوم بعملية التغيير الجذري التي كان يهدف اليها لأن عملية التغيير لا يمكن أن تنشأ عليى يد الاجهزة الفاسدة نفسها التي لابد أن يطالها التغيير.
    6- إن الامام علي بامضائه لهذه الاجهزة لو باع الامة من معاوية بيعاً مؤقتاً مع خيار الفسخ إذن لاتطاع أن يحصل الامام على نقطة قوة وهي أن معاوية سيبايعه مع أهل الشام ولكن سيفقد نقطة أخرى لأن امضاء ولاية معاوية يعني الاعتراف بشرعيته وأن المقارنة بين هاتين النقطتين سوف لن تنتهي من خلالها إلى قرار يؤكد أن نقطة القوة التي يحصل عليها الامام علي هي أهم في حساب عملية التغيير، خاصة إذا علمنا أن عملية تغيير الولاية وقتئذ لم تكن عملية سهلة ولم تكن عملية بهذا الشكل من اليسر الذي نتصوره في دولة مركزية تسيطر حكومتها المركزية على كل أجهزة الدولة وقطاعاتها ويظهر أن عزل هذه الأجهزة الفاسدة منذ البداية هو الأصلح والأهم.
    7- أن نقطة القوة التي يفترض أن يحصل عليها الامام (ع) لا يوجد من الدلائل والقرائن ما يوحي بصحة هذا الافتراض، لأن معاوية لم يعص علياً (ع) لأجل أنه عزل عن الولاية وإنما كان ذلك جزء من مخطط مؤامرة طويلة الأمد للأموية على الاسلام، لأن الشرف الاموي على حد تعبير السيد الشهيد يريد أن يقتنص وينهب مكاسب البناء الاسلامي، وهذا ما أباح به أبو سفيان حين وقف على قبر حمزة ليركله برجله ويقول : " إن الدين الذي قاتلتمونا عليه وضحيتم من أجله قوموا واقعدوا وانظروا كيف أصبح كرة في أيدي صبياننا وأطفالنا"، ومعاوية كان يهدف إلى تنفيذ جزء من هذا المخطط الأموي الطويل الأمد.

    إن دراسة هذه الظروف ووعيها على يد السيد الشهيد لم يسبق له مثيل وهذا ما يوفر للباحث سهولة استخلاص النتيجة المطلوبة في تقييم صحيح لموقف علي (ع) وسياسته الدقيقة التي شيدها على أساس من الورع والتقوى والدقة في التخطيط. ومن هذه الاسس التي كشف عنها السيد الشهيد يقرر عدم صلاحية تطبيق القاعدة الفقهية التي افترض أول البحث امكان تطبيقها فيقول: " ومن الواضح أن الفكرة الفقهية التي أشرنا إليها سابقاً عن توقف الواجب الأهم على المقدمة المحرمة إنما تكون فيا إذا كان هناك توقف بالفعل بحيث يحرز أن هذا الواجب الأهم لا يمكن التوصل إليه إلا عن طريق المقدمة المحرمة الاتحاه والظروف وطبيعة الاشياء وقتئذ لم تكن توحي إلى اليقين بمثل هذا الموقف".
    [/align]

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني