أين تتجه سفينة العراق بعد الانتخابات النيابية؟؟!! [email protected]
[email protected]
http://www.al-kawther.net/6lee3a/index.htm

المشهد العراقي وما يجري على أرض العراق الجريح مليء بالتناقضات والتطورات والحوادث الهامة ، ولا ندري الى أين سوف تتجه سفينة هذا البلد الذي يرزح تحت وطأة الاحتلال وإرهاب القوى الضلامية التكفيرية. كل القوى السياسية التي كانت معارضة لنظام صدام حسين قد طالبت في مؤتمراتها قبيل سقوط النظام البائد وآخرها مؤتمر لندن ومؤتمر صلاح الدين بضرورة قيام نظام سياسي تعددي فيدرالي دستوري في ظل عراق موحد يرفض التجزأة والتقسيم. أما المؤشرات على أرض الواقع تشير الى أن العراق الموحد الذي كانت تطالب به كل قوى المعارضة أصبح كالخيمة المنخورة ، وستبقى هذه الخيمة منخورة حتى المستقبل القريب إذا ما إستمرت المعطيات الحالية على حالها وهي مرشحة للإستمرار. الشعب العراقي بكل مكوناته عندما شارك في جميع الانتخابات والاستفتاءات لم يكن يفكر أبدا في التجزأة والتقسيم ، وإنما كان همه أن يثبت للعالم بأنه يرفض الديكتاتورية والنظام الشمولي ويطمح لإقامة نظام سياسي تعددي حر ، لينعم بالأمن والأمان والاستقرار والرفاهية ، وتستوفي فيه كل الطوائف والقوميات والمذاهب حقوقها وتنعم بثرواته وخيراته التي تكفي وتوفي وتزيد على الجميع. إن الشعب العراقي بحضوره المليوني الى صناديق الاقتراع أثبت بأنه صادق مع الله ومع نفسه ومع وطنه ، وهو يرفض الارهاب والحزب الواحد والقائد الضرورة وتبذير الثروات من قبل حفنة صغيرة سافلة من أرذل ما خلق الله ، ولذلك فإنه أعطى ثقته في مرجعياته الدينية وقواه السياسية لكي تأخذ به الى بر الأمان والسعادة والمستقبل الأفضل. لقد أثبت الشعب بدم أبنائه رجالا ونساءا وأطفالا وشيوخا وشبابا بأنه مع التحول الجديد ، خصوصا الطائفة الشيعية التي عانت لأكثر من سبعة قرون ألوان الظلم والهوان والتهميش الذي أخذ ذروته في ظل الحكم البعثي ، لذلك كان من الأفضل للقوى السياسية الاسلامية الشيعية والكردية والعلمانية والسنية أن تنصاع لإرادة هذا الشعب الذي سطر معاني الحرية والديمقراطية في أروع صورها بملاحمه الواحدة تلو الأخرى وآخرها إستجابته للحضور المليوني في الانتخابات النيابة في الخامس عشر من ديسمبر الماضي. لذلك فإن من مصلحة الجميع البحث عن المظلة أو الخيمة الخالية من الثقوب التي يمكن أن تحمي الشعب العراقي من قساوة التقلبات الجوية من برد أو حر أو مطر أو ثلوج. تصريحات الكتل الفائزة في الانتخابات تدل دلالة واضحة على أنها على إستعداد للتحالف والائتلاف مع سائر القوى السياسية من أجل إيجاد حكومة وحدة وطنية مع الاحتفاظ بالاستحقاقات الانتخابية ونحن متفائلين بخطواتهم بإتباعهم أوامر المرجعية الدينية العليا للطائفة الشيعية التي أمرت قادة الائتلاف العراقي الموحد بضرورة مشاركة كل القوى السياسية في الحكومة القادمة ، حتى الخاسرة منها من كل الأطياف السياسية ، ولذلك فإن الائتلاف يسعى في هذا الاتجاه ، وتصريحات قادته تؤكد ضرورة حفظ وحدة العراق وسيادته وعدم تقسيمه وتجزأته الى كانتونات سياسية تصعب بعد ذلك إدارته. المشهد السياسي العراقي تدل غالبية أفعال قواه السياسية الخاسرة الى التجزأة والتقسيم والجميع يتغنى بوحدة العراق ، بعض الكتل السياسية تجر عرضا والبعض الآخر يجر طولا ، كتلة ترفع وكتلة تكبس ، بينما مصلحة الشعب والوطن هي في آخر سلم الأولويات لهذه القوى المتصارعة على الحكم. القوى الفائزة ورغم التهويل والتطبيل والتخويف ومحاولات الإبتزاز والتسقيط الا أنها وإمتثالا لأوامر مرجعياتها الدينية لا زالت تتحلى بالحكمة والصبر لإبعاد البلاد عن شبح حرب داخلية أهلية يريد الأجنبي وأذنابه فلول البعث البائد وحلفائهم التكفيريين جرهم إليها ، والذين يرون بأن الائتلاف العراقي الموحد يريد أن يجر العراق الى حرب طاحنة من أجل مصالحه الذاتية والحصول على أكبر المكاسب فإنهم يشتبهون تماما ، لأن قيادات هذا التحالف لا تفكر في مصالحها الحزبية ومحورياتها الضيقة بل أنها تفكر في مصالح الشعب العراقي ووحدة العراق وإستقراره وتماسك جبهته الداخلية ، ونعتقد جازمين بأن القوى الاسلامية والوطنية الشريفة قد ترفعت عن مصالحها الذاتية والحزبية وقدمت مصلحة الوطن وجعلته من سلم أولوياتها وليس لكل كتلة في التحالف أولوياتها الخاصة بها ، وإنما مستقبل العراق ومصلحته فوق الجميع. وقراءة لمواقف الكتل السياسية ، وما هو المستقبل الذي ينتظر العراق ما بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة ؟؟!! إننا في حزب الطليعة الاسلامي نرى مستقبلا مشرقا لعراق ما بعد سقوط الصنم ، لأن الأغلبية الشيعية المظلومة والمحرومة قد خرجت من القيود والأغلال التي كبلتها عن المشاركة الفعالة في تقرير المصير لأكثر من سبعة قرون ، فهي تنتظر مستقبلا واعدا بتظافر قواها الدينية والسياسية التي تسعى لتحقيق تطلعاتها والدفاع عن مصالحها بالامتثال لأوامر المرجعية الدينية العليا للطائفة وقياداتها الربانية. إننا لسنا متشائمين من المستقبل الذي ينتظر العراق كما يتشاءم البعض ، ولسنا محبطين من الأيام القادمة ، لأننا شاركنا في صناعة هذا التاريخ بجهادنا ونضالنا وصبرنا وإستقامتنا في أهوار الجنوب وصحاري كربلاء والنجف والحلة والكوت والديوانية والسماوة والبصرة وقدمنا في هذا الطريق خيل من الشهداء والقرابين والمعتقلين ، وإن سقوط الطاغية صدام على يد ظالم آخر جاء بإرادة الله ومشيئته سبحانه وتعالى بعدما وصل الشعب الى حالة من اليأس والقنوط ، وإن التحول الذي حصل في العراق كان تحولا فكريا وثقافيا عظيما كالتحول السياسي والثقافي والفكري الذي حدث بعد إنتصار الثورة الاسلامية في إيران عام 1979م. الائتلاف العراقي الموحد والفائز بأغلبية مقاعد البرلمان لديه مطالب عادلة ترفضها رفضا تاما مجموعة الآنسة المصون "مرام" مثل الفيدرالية الدستورية في الوسط والجنوب العراقي وقانون إجتثاث البعث الذي هو مطلب أغلبية الشعب العراقي وقواه السياسية المجاهدة والمناضلة وعدم المساس بالدستور الذي أقره الشعب العراقي بنسبة 78بالمئة. الا أن السيد عبد العزيز الحكيم زعيم الائتلاف العراقي الموحد قد كرر في خطبة العيد موقفه بأن الشيعة يتعين عليهم أن يقبلوا بأي تغييرات كبيرة في الدستور الذي تمت الموافقة عليه في الاستفتاء الذي جرى في 15 أكتوبر تشرين الأول والذي من المتوقع أن تراجعه لجنة برلمانية لم تشكل بعد. وقال الحكيم أن بعض الفصائل تحاول تغيير روح الدستور وأن الائتلاف سيتصدى لمثل هذا التغيير. ويرى بعض السنة العراقيين إدخال تغييرات على الدستور لمعارضتهم البنود الخاصة بإقامة عراق فيدرالي مع منح حكم ذاتي واسع لأقاليمه. ويعتقد بعض السياسيين العراقيين بأن مطاليب الائتلاف العراقي الموحد هذه لم تكن واضحة وفيها نوع من الضبابية بالنسبة الى الكتلة الكردية التي لها مطاليبها وشروطها الأساسية للمشاركة في أي حكومة وحدة وطنية أو أي حكومة إئتلاف وطني مثل ضم كركوك لإقليم كردستان بأي وسيلة وبأي طريقة ، وضم مناطق أخرى من الموصل وديالى وربما من الناصرية لأن فيها مجموعة من الأكراد تم تهجيرهم من قبل النظام البائد. المطلب الآخر الذي تسعى الكتلة الكردستانية لتحقيقه وهو المهم وهو زيادة صلاحيات الرئيس مام جلال الطالباني ولو تطلب الأمر إجراء تغييرات دستورية على شرط تغيير الصلاحيات مرة أخرى لتعود كما كانت في المرة الأولى إذا كان الرئيس القادم من الكتل الأخرى أو أنه من الكتلة الكردستانية لكن ليس المام جلال ، لأن صلاحيات الرئيس يجب تفصيلها حسب الطلب وحسب المقاس المطلوب. ويبدو إن العقلية الديكتاتورية لصدام حسين لا تفارق السياسيين العراقيين الجدد فهو الذي ترك للعراق إرث سيء بإستغلاله للسلطة والصلاحيات المطلقة. الأكراد أيضا يهمهم منطقة كردستان أولا وتحقيق أكبر المكاسب بغض النظر عن ما يلحق المناطق الأخرى من ضرر. أما الكتل المنضوية تحت ما يسمى بـ"مرام" والتي يقودها بشكل رئيسي وأساسي الدكتور أياد علاوي وعدنان الدليمي والمطلك والهاشمي والذين لهم خلفيات بعثية لسنين متطاولة ، فهولاء يرفضون الفيدرالية في بإستثناء فيدرالية كردستان العراق وهو نفاق سياسي ولا يمكن تضمين ذلك في الدستور ، فأما عراقي فيدرالي أو بدون فيدرالية ، ويطالبون بعودة البعث وإلغاء قانون الاجتثاث ، والتغيير الجذري للدستور ، وهذه المطالب متقاطعة ومرفوضة بالكامل من قبل الائتلاف العراقي الموحد ومرفوضة الى حد ما أو على إستحياء من قبل الكتلة الكردستانية. فموقف "مرام" تشوبه الضبابية وغير واضح فهم عندما يلتقوا زعماء الائتلاف الشيعي الموحد يقولون لهم أنهم ضد عودة البعثيين ، لكنهم يجاملون البعثيين المجرمين أتباع النظام السابق بشكل أو بآخر، فمرة يدعون الى مؤتمر للمصالحة الوطنية في بغداد والقاهرة ، والسفارات العراقية لا زالت ومع الأسف تغص بالبعثيين السابقين ، حيث يقود الأكراد الخارجية العراقية ولم يسعى هوشيار زيباري لتطهير الخارجية والسلك الدبلوماسي والسفارات العراقية من فلول النظام السابقة ومخابراته. حركة "مرام" ترفض الفيدرالية للغرب والوسط والجنوب وتحصرها في إقليم كردستان العراق ، وهذا يخالف بشكل كامل قانون الإدارة المؤقت الذي جاء به بريمر والدستور الجديد الذي أقره الشعب العراقي. في ضوء ما تقدم فإن المشهد العراقي إذا كنا واقعيين في تحليلنا فإنه يمتاز بالتعقيد ، وما نتمناه من السياسيين المتصدين للعملية السياسية أن يكونوا في مستوى المسؤولية التاريخية وأن لا يفسحوا المجال للتقسيم والتجزأة والتناحر والحرب الأهلية الطاحنة. لقد كان من المفروض على الساسة العراقيين الجدد أن يناقشوا موضوع الملف الأمني أولا وقبل كل شيء ، قبل أن يتصارعوا ويتنازعوا على الحكم وعلى المناصب والوزارات السيادية لو كان لديهم ذروة من الحرص على العراق وشعبه ومستقبله ، لأن الذي يحصل على الأرض فعلا هو حرب أهلية من طرف واحد يلعب فيها دور كبير عدد معروف من السياسيين الجدد على الساحة السياسية للنظام الجديد ، لأنهم كانوا الى جانب النظام البعثي البائد ، وهذا ليس إتهاما وإنما بإعترافهم هم ، ولقد كان لتصريحاتهم بعد أن منو بخسائر فادحة في الانتخابات البرلمانية وإيعازهم بما يسمونهم بالمجاهدين (البعثيين والتكفيريين) الأثر الكبير على تدهور الوضع الأمني وإرتفاع وتيرة العنف والارهاب الضلامي وحلفائه الوهابيين النواصب. فما هي الفائدة من تشكيل حكومة وحدة وطنية ، أو ما تسمى بحكومة الإرضاءات والتي لا يرضى عنها بأي حال جماعة علاوي والهاشمي والمطلق والدليمي من الارهابيين (البعثيين والتكفيريين) لأنهم لا يرضيهم إحترام إرادة الشعب العراقي ، وإنما الذي يرضيهم هو عودة البعث من جديد. لذلك حتى أذا تم تشكيل ما يسمى بحكومة الوحدة الوطنية والتي يطالبون بأن تكون بعيدة عن الاستحقاق الانتخابي ، وهذه مطالب مرفوضة ومستهجنة وغير واقعية وتؤسس لتجربة ديمقراطية البعث الصدامي التي لا تحتاج لرأي الشعب. ونحن في حزب الطليعة الاسلامي نرى بأن تشكيل حكومة وحدة وطنية من هذا النوع ، أي حكومة كشكول ، سوف تلد ميتة ، ومسكيين الشعب العراقي المظلوم ، سوف يستمر مسلسل العنف ، طبعا في مناطق محددة من العراق ، ولن تستمر هذه الحكومة لأكثر من ستة أشهر الى سنة إذ أنها ستسقط وسيقوم الاحتلال الأميركي بتعيين أياد علاوي رئيسا مؤقتا لحكومة الطوارىء لحين إجراء إنتخابات جديدة. ونحن نعتقد أنه ومن أجل مصلحة الشعب العراقي ، ومن أجل إيقاف مسلسل العنف والارهاب الناصبي والنزيف الدموي الذي لا يمكن أن يتوقف إذا إستمرت الكتل المتصارعة على الحكم. وفي ضوء التقاطعات والاختلافات الواسعة في المطاليب فإن الأمثل هو قيام حكومة إئتلافية للوقوف أمام التقسيم والتجزأة للعراق ، والبدء السريع في معالجة الوضع الأمني المتدهور أولا ، لأنه من غير المعقول إستمرار الارهاب التكفيري بقتل الأبرياء وتهديد الأمن والإستقرار للمواطن العراقي ، بينما الكتل السياسية تتصارع فيما بينها من أجل مصالحها الذاتية والحزبية ومحورياتها الضيقة وبحجة خرافة وحدة الوطن وسيادته وإستقلاله.