تلك القبة الذهبية ، السامقة ، المحترمة ، المبجلة ، التي تزين فضاء سامراء منذ اقدم العصور، هل يخطر ببال أحد مثلا، ان يدا مجهولة ستمتد اليها لتخربها ، وتحيلها الى أنقاض ، وليخلط ذهبها الصافي ذي البريق المشع بأكوام التراب والحجارة ..؟..
هل نصدق عيوننا ونحن ملتصقون على شاشات ( التلفزة ) وهي تنقل لنا ملامح ذلك الكابوس الأسود، والحلم المزعج ، الذي ( كهربنا ) وأحال مشاعرنا الى شيء أخرس،هل يمكن أن نتصور ذلك المشهد ( الدامي ) و ( الدرامي ) الذي اصطدمت به عيوننا صباح يوم الأربعاء المصادف 22 /2 /2006 ، و ( ياليتنا ) لم نر ذلك .. نرى تلك القبة الشامخة منذ عشرات السنين قد تهاوت على ذلك القفص الذهبي ( الشباك ) الذي يزين ويحتضن ذلك الجسد الطاهر لأمامي الأمة وعلمي الأسلام الخافقين علي الهادي والحسن العسكري الى انقاض من الأتربه والمخلفات وبقايا طابوق الذهب والحديد والخشب والقاشاني الأزرق وبقايا ثريات الأنارة من ( الكرستال ) و ( المرايات ) التي صفت اجزاؤها الصغيرة بفن وهندسة يدوية قل نظيرها في طراز العمارة الاسلامية في العالم بل وكما تشير المصادر المعمارية فان ميزة قبة الامام الهادي في سامراء تتميز بان قطرها الدائري يعد من اكبر القبب الاسلامية عموما..
اذن اية خسارة روحية وعاطفية وتذكارية ومعمارية وبنائية وهندسية وتصميمية وتشكيلية واجتماعية ودينية قد مني بها بلدنا عندما اقدمت تلك اليد الاثمة في زرع تلك العبوات الناسفة اللعينة وسط الروضة العسكرية لتفجيرها وتحيلها الى تلك الصورة الفاجعة.
وانا اكتب هذه السطور النثرية هل تستطيع قرائح الشعراء وقصائدهم ان تجد وصفا دقيقا لما حدث بشكل سريع ومباشر ربما سيكون ذلك ممكنا بعد حين خاصة اذ ما عرفنا ان الامام علي الهادي ومرقده وقبته كانت مهوى لافئدة وملكات مئات الشعراء الذين طالما هزجوا وترغوا في قصائدهم الذي قالوها في حضرة الامامين منذ عشرات السنين وناجوا فيها ومدحوا وخاطبوا من يحبونهم من اهل البيت الكرام الاطهار ، نعم فقد كانت قبة الامام في سامراء القصيدة العصماء الكبرى التي لا تجاريها قصيدة سوى قصيدة اعادة بنائها من جديد وهذا ما سيتم بعون الله وهمة المخلصين من ابناء شعبنا..

عادل العرداوي