الجعفري وامتحان الارادة

بقلم نزار حاتم

[email protected]



بعد أن حسمت عملية التصويت في داخل كتلة( الأئتلاف) ترشيح الدكتور ابراهيم الجعفري لرئاسة الحكومة المقبلة لم يعد بالامكان من الناحية السياسية والاخلاقية ثمة ما يبرر المطالبة باستبداله ، أو الاستجابة لمثل هذه المطالبة .

عملية التصويت بحد ذاتها مثلت معطى حضاريا وديمقراطيا فيما تمثل أي عملية التفاف على نتائجها ،سابقة خطرة على مستقبل العراق السياسي لأنها تعبر – وبالمباشر – عن ازدواجية واضحة في التعاطي مع النهج الديمقراطي الذي تمنى العراقيون أن يكون هو السائد – سياسيا- لبناء العراق الجديد .

الغاء نتيجة التصويت سيفتح الباب واسعا أمام المزاجية وامكان التحايل على الأنجاز الديمقراطي مادام يتيح لهذا الفريق السياسي أو ذاك مساحة التنصل عن النتائج أو التمسك بها وفقا لمصالحه الخاصة بما لا يعبر أبدا عن الايمان بالعملية الديمقراطية .

الذين يطالبون الأئتلاف بتقديم مرشح آخر غير الدكتور الجعفري يمثلون في هذه المطالبة تحديا صارخا ليس للارادة الديمقراطية الحرة فحسب، بل لارادة كتلة الائتلاف ذاتها .

والمؤسف حقا أن البعض من فرقاء هذه الكتلة يبدو غافلين – تحت وطأة الأنانية السياسية - عن هذه النقطة الحيوية التي تستهدفهم جميعا ، حيث لم نلحظ من هؤلاء الفرقاء موقفا حازما بحجم هذا التحدي غير المبرر .



وأحسب أن جميع القوى السياسية العراقية تدرك – مثلنا على الأقل نحن الاعلاميين الذين تابعنا تفاصيل العملية الانتخابية – أن فوز قائمة الأئتلاف بهذه النسبة الكبيرة لم يكن ليتحقق لولا دعم المرجعية الدينية العليا المتمثلة بسماحة آية الله السيد علي السيستاني – وحب الجماهير واعجابها بشخصية وأداء الدكتور الجعفري ، وبالتالي يمكن القول :ان تماهي أي طرف من أطراف الأئتلاف – سرا أو علنا – مع الأصوات الداعية الى استبدال الجعفري يشكل طعنة نجلاء في قلوب العراقيين ورغبتهم فيمن يرونه الأكفأ للأخذ بيدهم نحو المستقبل الأفضل .

ان رغبة العراقيين الحميمة في تولي الجعفري رئاسة الحكومة – حسب استطلاعات كثيرة قادتنا اليها مهنتنا الاعلامية - بقدر ما تضع ( هذه الرغبة ) الجعفري أمام مسؤولية أخلاقية في التمسك بترشيحه ، تمثل بحد ذاتها سلاحا حيويا ذا حدين يتمثل الأول بالمزيد من الدعم الجماهيري للجعفري، فيما يتمثل الثاني بألافلاس السياسي والشعبي لمن يتخلون عن تحقيق رغبة العراقيين لا سيما في المستقبل غير البعيد .