النتائج 1 إلى 4 من 4
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    الدولة
    هناك
    المشاركات
    28,205

    افتراضي العبادة من اجل حياة افضل /// الشهيد السيد محمد باقر الصدر

    [align=justify]حين نلاحظ العبادات المختلفة في الإسلام نجد فيها عنصر الشمول لجوانب الحياة المتنوعة، فلم تختص العبادات بأشكال معينة من الشعائر، ولم تقتصر على الأعمال التي تجسد مظاهر التعظيم لله سبحانه وتعالى فقط، كالركوع والسجود والذكر والدعاء، بل امتدت إلى كل قطاعات النشاط الإنساني;

    فالجهاد عبادة وهو نشاط اجتماعي، والزكاة عبادة وهي نشاط إجتماعي مالي، والخمس عبادة وهو نشاط إجتماعي مالي أيضاً، والصيام عبادة وهو نظام غذائي، والوضوء والغسل عبادتان وهما لونان من تنظيف الجسد. وهذا الشمول في العبادة يعبر عن اتجاه عام في التربية الإسلامية يستهدف ان يربط الإنسان في كل أعماله ونشاطاته بالله تعالى، ويحول كل ما يقوم به من جهد صالح إلى عبادة مهما كان حقله ونوعه، ومن أجل إيجاد الأساس الثابت لهذا الاتجاه وزعت العبادات الثابتة على الحقول المختلفة للنشاط الإنساني، تمهيداً إلى تمرين الإنسان على ان يسبغ روح العبادة على كل نشاطاته الصالحة، وروح المسجد على مكان عمله في المزرعة أو المصنع أو المتجر أو المكتب، مادام يعمل عملاً صالحاً من أجل الله سبحانه وتعالى.
    وفي ذلك تختلف الشريعة الإسلامية عن اتجاهين دينيّين آخرين، وهما أولاً: الإتجاه إلى الفصل بين العبادة والحياة، وثانياً: الاتجاه إلى حصر الحياة في إطار ضيق من العبادة كما يفعل المترهبون والمتصوفون.
    أما الاتجاه الأول الذي يفصل بين العبادة والحياة فيدع العبادة للأماكن الخاصة المقررة لها، ويطالب الإنسان بان يتواجد في تلك الأماكن ليؤدي لله حقه ويتعبد بين يديه، حتى إذا خرج منها إلى سائر حقول الحياة، ودّع العبادة وانصرف إلى شؤون دنياه إلى حين الرجوع ثانية إلى تلك الأماكن الشريفة. وهذه الثنائية بين العبادة ونشاطات الحياة المختلفة تشل العبادة وتعطل دورها التربوي البناء في تطوير دوافع الإنسان وجعلها موضوعية; وتمكينه من ان يتجاوز ذاته ومصالحه الضيقة في مختلف مجالات العمل. والله سبحانه وتعالى لم يركز على ان يعبد من أجل تكريس ذاته ـ وهو الغني عن عباده ـ لكي يكتفي منهم بعبادة من هذا القبيل، ولم ينصب نفسه هدفاً وغاية للمسيرة الإنسانية لكي يطأطئ الإنسان رأسه بين يديه في مجال عبادته وكفى; وإنما أراد بهذه العبادة بأن يبني الإنسان الصالح القادر على ان يتجاوز ذاته ويساهم في المسيرة بدور أكبر. ولا يتم التحقيق الأمثل لذلك إلاّ إذا امتدت روح العبادة تدريجاً إلى نشاطات الحياة الاُخرى، لان امتدادها يعني ـ كما عرفنا ـ امتداد الموضوعية في القصد، والشعور الداخلي بالمسؤوليه في التصرف، والقدرة على تجاوز الذات وانسجام الانسان مع إطاره الكوني الشامل مع الأزل والأبد اللذين يحيطان به.
    ومن هنا جاءت الشريعة ووزعت العبادات على مختلف حقول الحياة، وحثت على الممارسة العبادية في كل تصرف صالح، وأفهمت الإنسان بأن الفارق بين المسجد الذي هو بيت الله وبين بيت الانسان ليس بنوعية البناء أو الشعار، وإنما استحق المسجد أن يكون بيت الله لأنه الساحة التي يمارس عليها الإنسان عملاً يتجاوز فيه ذاته ويقصد به هدفاً أكبر من منطق المنافع المادية المحدودة، وان هذه الساحة ينبغي ان تمتد وتشمل كل مسرح الحياة. وكل ساحة يعمل عليها الإنسان عملاً يتجاوز فيه ذاته ويقصد به ربه والناس أجمعين فهي تحمل روح المسجد.
    وأما الاتجاه الثاني الذي يحصر الحياة في إطار ضيق من العبادة فقد حاول ان يحصر الإنسان في المسجد، بدلاً من ان يمدد معنى المسجد ليشمل كل الساحة التي تشهد عملاً صالحاً للإنسان.
    ويؤمن هذا الاتجاه بأن الإنسان يعيش تناقضاً داخلياً بين روحه وجسده، ولا يتكامل في أحد هذين الجانبين إلاّ على حساب الجانب الآخر. فلكي ينمو ويزكو روحياً يجب ان يحرم جسده من الطيبات ويقلص وجوده عل مسرح الحياة، ويمارس صراعاً مستمراً ضد رغباته وتطلعاته الى مختلف ميادين الحياة، حتى يتم له الانتصار عليها جميعاً عن طريق الكف المستمر والحرمان الطويل، والممارسات العبادية المحددة.
    والشريعة الإسلامية ترفض هذا الاتجاه ايضاً لأنها تريد العبادات من أجل الحياة، فلا يمكن ان تصادر الحياة من أجل العبادات. وهي في الوقت نفسه تحرص على ان يسكب الإنسان الصالح روح العبادة في كل تصرفاته ونشاطاته، ولكن لا بمعنى ان يكف عن النشاطات المتعددة في الحياة ويحصر نفسه بين جدران المعبد; بل بمعنى ان يحول تلك النشاطات إلى عبادات، فالمسجد منطلق للإنسان الصالح في سلوكه اليومي، وليس محدداً لهذا السلوك، وقد قال النبي (صلى الله عليه وآله) لأبي ذر: «إن استطعت أن لا تأكل ولا تشرب إلاّ لله فافعل».
    وهكذا تكون العبادة من أجل الحياة، ويقدر نجاحها التربوي والديني بمدى امتدادها مضموناً وروحاً إلى شتى مجالات الحياة.
    [/align]
    يا محوّل الحول والاحوال ، حوّل حالنا إلى أحسن الحال......








  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    الدولة
    sweden
    المشاركات
    33

    افتراضي

    رحم الله روحه الطاهره وأثابه الله بكل عمل

    بارك الله بك اختي على الموضوع وفي ميزان حسناتك

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    المشاركات
    166

    افتراضي

    مشكوره يا اختي منازار على هذا الموضوع القيم والله يعطيكي العافيه


    www.alaw7ad.com

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    الدولة
    هناك
    المشاركات
    28,205

    افتراضي

    شكر الله سعيكم أخوتي
    يا محوّل الحول والاحوال ، حوّل حالنا إلى أحسن الحال......








ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني