النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2005
    المشاركات
    1,948

    افتراضي طائفية النظام وأوهام أهل السنة

    بقلم : عباس ميرزا المرشد
    " ..الوهم الذي تعيشه كثير من الفئات السنية هو من صنع
    النظام نفسه ولا يمتد إلى الحاضر أو التاريخ السياسي بصلة
    . فالبقاء في ظل التركة الحالية هو سماح
    لإعادة انتاج الدولة القبلية حتى وان اتخذت طابعا طائفيا .."



    ما أحاول معالجته في هذا المقطع هو مسألة التكوين التاريخي لعلاقة أهل السنة بالنظام الحاكم في البحرين، ودور هذا التكوين في تأطير الحركة السنية الموالية بالبعد الطائفي في القضية السياسية ومطالب الحركة الوطنية . فقد استطاع أل خليفة بمهاراة فائقة في اللعب بعنصر الطائفية من أجل تثبيت بقائهم في السلطة .
    تمثلات الطائفية
    الطائفية في تعريفها المختصر هي شبكة من المصالح الاقتصادية والسياسية تستهدف حفظ التراتيبات الاجتماعية السائدة من أجل تأمين أكبر قدر من السلطة والنفوذ والثروة، أما من يمتلك القوة في تكوين هذه الشبكة والسماح لها بفاعليتها عادة فهو نظام الحكم، وفي أحيان عديدة يلجأ نظام الحكم نفسه إلى اللعب ببعض حبال تلك الشكبة . من هنا فإن الطائفية لا تمتلك تفعيل أدواتها التخريبية، إلا من خلال قوة وإرادة عليا هي إرادة النظام الحاكم، و النظام الحاكم وفق هذا الدور الذي يمارسه يعمل على خلق مجتمع طائفي .
    الخطر الذي يتهدد هذا النوع من المجتمعات هو خطر التمثلات التي ينشأها النظام عند بعض الطوائف أو المذاهب عندما يوزع عليها أوهام الحظوة والقرب، لكنها لا تخرج في بدايتها ونهايتها عن علاقات زبونية يلفظها النظام الحاكم متى ما وجد مصلحة جديدة وفرصة متاحة لاختراق المجتمع المدني. فالنظام غير التعاقدي يلجأ إلى خلق تمثلات رمزية تلامس العنصر المقدس في الدين كالتشابه في المذهب او العقيدة، بجانب العنصر السيوسولوجي في الطائفة كتوزيع المراتب والعلاقات القرابية وتوسيع النفوذ، من أجل اقناع طائفة معينة بقربها من النظام .
    سنكون هنا في موقع اختبار حقيقي لمقولة طائفية النظام الحاكم والدور الذي تلعبه مؤسسة العرش في إذكاء الطائفية ، فليس مقبولا عندي أن النظام ومن وراءه مؤسسة العرش يكنان حبا شديدا لأهل السنة ويدفعان بكثير من الأمور فيما يصب لصالح تلك الطائفة أو غيرها . الذي يحدث هو تقاطع مصالح نظام غير تعاقدي مع مصالح فئة محددة من طائفة معينة، وتقوم اللعبة هنا على تعميق هذا التقاطع وتعميمه في شكل تمثلات تستوعب أفراد الطائفة .
    المهمة التي تتولاها هذه التمثلات لا تصب في مصلحة أي طائفة، بل إنها تستخدم أولاً وأخيراً من أجل حماية النظام وضمان سلامته . فحتى يُقنع النظام طائفة معينة بحظوتهم عنده وقربهم إليه فهو يحتاج إلى بعض الوقت وإلى بعض التميز الكفيل بخلق شبكة مصالح لأفراد هذه الطائفة، في مقابل التضييق ومنع أفراد طائفة أخرى من هذه الحظوة لكنه لا يقطعها وإنما يبقي عليها من خلال إبقاء بعض الزبائن والوسطاء القابلين لإنتهاء الصلاحية أيضا.
    هذا يدفعنا إلى القول بأن النظام السياسي الذي يعتمد على اللعبة الطائفية هو نظام يعاني من أزمة شرعية داخلية يلجأ إلى تجاوزها من خلال العمل على التشطير العمودي للمجتمع والاحتماء بالقوى الخارجية ، وبالتالي فإن مقاومة الطائفية هي في الأساس تفجير لنقطة ضعف النظام .
    من جهة أخرى فإن الأمور لا تسير وفق هذا الخط التطوري للوعي فثمة تكوينات تاريخية استطاعت أن تخلق لها مكامن قوى قد تقطع هذا الوعي وتعمق البعد الطائفي في محاولة واضحة للالتفاف على مطالب الحركة الوطنية، إذ لم تستطيع قبلية آل خليفة المحافظة على البقاء في سدة الحكم لو أنها لم تولي الجانب الديني أهمية استثمارية في خلق علاقاتها مع الأطراف المحيطة بها داخليا وخارجيا .
    تاريخا فقد ارتبط الوجود السني بوجود نظام آل خليفة من ناحية الكثافة السكانية ومن ناحية السلطة والنفوذ داخل المجتمع البحريني . فقد وجد النظام في أهل السنة حليفا مناسبا لمواجهة الخصم الأساسي وهم الشيعة رغم أن هذا لم يمنع النظام من الاعتماد على بعض الوسطاء الشيعة أيضا كوكلاء لجمع الضرائب وتحصيل الرقيبة وغيرها من الضرائب المفروضة على الشيعة فقط .
    كان هذا التحالف رغم شبهته الدينية يقوم في أساسه على التحالف القبلي الكبير الذي تكون من بعد الاحتلال الخليفي للبحرين سنة 1782 ، ومن هنا تكونت العلاقة بين أهل السنة وبين النظام الحاكم . وفي الواقع لم تكن سلطة آل خليفة في بداية الأمر سلطة مركزية كما هي اليوم ، ففي قبال التصارع الداخلي القبلي، واجهت القبيلة كحالة وكمفهوم، تحديا مصيريا يهدد بنسف كل المنجزات التي يحققها التضامن الوشائجي الذي هو عصب الحالة القبلية ولم يكن هناك سوى الحل المبدئي الذي قدمه آل خليفة . كان ذلك الحل هو الاتفاق على حالة اللامركزية وانعدام السلطة والسماح للقبائل بممارسة ما يرغبون من إعمال وتفعيل للسلطة . لقد بدء واضحا أن هناك ازدواجية حقيقية في ممارسة السلطة و إدارة شؤون البلاد حتى كتب أحد الضباط البريطانيين سنة 1823 " إن سلطة شيوخ البحرين على ملكهم ليست مطلقة خلافا لما يعتقد وذلك في اعتقدنا لتعدد ممارسة السلطة من أكثر من شخص واحد، وبالتالي ضياع المسؤولية" وعليه فلم تكن الامتيازات والحقوق الممنوحة للشيخ الحاكم للمنطقة مختلفة كما أو نوعا عن تلك التي يمارسها الحاكم في مقطعاته .
    مثالا لذلك فإن الشيخ عيسى بن علي الذي حكم البحرين في الفترة ( 1869-1923 ) لم يكن يملك قدرا كبيرا من حرية التصرف والحركة بل كانت هناك قيود فرضتها المعاهدات العديدة التي وقعها مع الاستعمار البريطاني من جهة، ومن جهة أخرى كانت ضغوط التحالف القبلي تلعب أثرها وبشكل سافر على كافة قراراته، ولم يكن هناك تميز بين خزينة الدولة وخزينة الحاكم والحقوق الاقتصادية والسلطة التي كانت تعتبر مصالح تؤخذ وتستملك بالقوة القسرية لا الشرعية. فالسياسة القبلية تقتضي ممارسة جانب كبير من التوازن بين كافة الأطراف القبلية .
    الذي حدث بعد سنين طويلة أن غابت هذه الصورة عن الظهور ولم يعد التحالف القبلي مقبولا به في المعاملات الإدارية والسياسية خصوصا بعد أكتشاف النفط في البحرين ( 1932) وتراجع اقتصاد الغوص الذي سطيرت عليه القبائل السنية، وبدأ واضحا قدرة قبيلة آل خليفة على الاستقلال المادي وإلغاء التحالفات القبلية المؤدية إلى الآمركزية في السلطة . فالعلاقة المتبادلة التي ربطت الحاكم بشيوخ القبائل كما يقول أسحاق الخوري كانت معتمدة على العهود وليس العقود وتقوم على أساس المصالح المتبادلة بين الحاكم والقبائل وتنحصر في قطاع الحكم واستعمل القوة وتحصيل الفوائد الاقتصادية .
    جراء هذا القطع تفككت كثير من التحالفات القبلية الفرعية كتحالف قبيلة البن علي مثلا الجلاهمة والدواسر وغيرهم وظلت محافظة على التحالفات المركزية . وفي الوقت نفسه لم تنقطع حاجة النظام إلى القوى الموالية له لمواجهة تطورات الحركة الوطنية ومطالبها الشرعية، وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بحق المشاركة في السلطة السياسية .
    بالرجوع إلى كثير من وثائق تلك الحقبة فإن سبب رفض آل خليفة لمبدأ المشاركة في السلطة يعود إلى أن هذه المشاركة كانت تفسر على أنها انتقاص من مكانة آل خليفة . لقد فهمت العائلة الحاكمة السلطة السياسية على إنها الإحتكار الفعّال القدرة على توزيع القيمة والاستفراد بتلك القدرة من دون القبول بمبدأ المشاركة السياسية ، مما سمح لتلك المطالب أن تعاود أدراجها وتتكرر من دون إنجاز يذكر . فطوال القرن المنصرم لم تنقطع حالات التمرد والعصيان المصحوبة بمطالب سياسية تستهدف إنهاء تلك الأزمة، بطرحها مبدأ المشاركة السياسية، كأساس لبناء علاقة الشراكة السياسية وبداية تكوين العقد الاجتماعي .
    أوهام أهل السنة
    هكذا يستعيد الخطاب القبلي من إعادة انتاج نفسه عند رفضه لمبدأ المشاركة السياسية، ولكن هذه الممانعة للديمقراطية تدخل في تحالف قوى مع بعض الوجهات السنية حيث ترى هذه الأخيرة أنها جزء من النظام بحكم الموروث التاريخي وتخشى من تلاشي هذا المتخيل السياسي . إن ما تفعله هذه الفئات هو تأكيد أسطورة نظام الحكم التي يؤسس عليها شرعيته وهي أسطورة الفتح ليلحق بها أساطير أخرى من قبيل الأصالة و الأغلبية فتظهر مقولة المصب الرئيس عند حافظ الشيخ كمعيار للمواطنة والأغلبية الصامتة عند سوسن الشاعر وغيرهم كثير.
    المؤسف في الأمر أن تتحول القضايا الوطنية إلى بؤر تفجر طائفي يغذيها النظام وتستجيب لها بعض النخب السنية كما في ملف الدوائر الانتخابية أو التجنيس أو حتى تداول السلطة وبل ذلك وأخطر الملف الأمني وتحكم الأجهزة الأمنية في البلاد خارج المراقبة . إنها تطالب بما يطرحه النظام الحاكم فلا توجد مسافة بينها وبين رؤية النظام ومع الأسف الشديد أنها في مثل هذه المرحلة الحرجة تلبس لباسا دينيا صرفا .
    الخلاصة أن الوهم الذي تعيشه كثير من الفئات السنية هو من صنع النظام نفسه ولا يمتد إلى الحاضر أو التاريخ السياسي بصلة . لقد تصورت هذه الفئة السنية أنها سوف تقترب من السلطة وسيكون بإمكانها أن تحصل على منافع عديدة بإنزياحها العلني ناحية السلطة وقبولها التمثلات التي يخلقها النظام عند الوسطاء والزبانية . الأمر الذي فاتها هو قانون الحظوة والقرب نفسه فلم تستوعبه بتفاصيله مثال ذلك المؤسسة العسكرية خصوصا في الجيش فإضافة إلى منع الشيعة من التوظيف فيه بشكل مطلق، فإن وضع السنة الهولة( الأصول الإيرانية السنية) لا يحظون بمعاملة سلمية ويعقون تحت خط التميز مقارنة بالسنة من ذوي الأصول القبلية المتحالفة مع النظام . المطلوب من أهل السنة أن يثبتوا تخلصهم من إرث الغزو وانعتاقهم من أهاوم قانون القرب والحظوة ، فالبقاء في ظل التركة الحالية هو سماح لإعادة انتاج الدولة القبلية حتى وان اتخذت طابعا طائفيا .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    المشاركات
    714

    افتراضي

    حاولت حكومة البحرين تجنيس مئات الآلاف من السعوديين البدون المقيمين في صحاري عرعر والجوف وحفر الباطن وهم من قبائل شمر وعنزة وبعض القبائل العربية ، وذلك رغبة في تغيير التركيبة السكانية للبحرين ، و لكن الحكومة السعودية رفضت ذلك الطلب بشكل قاطع حتى لا يتم تجنيدهم في الجيش البحريني ...

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني