جرح حمامة الدوح
إلى الشهيد السعيد آية الله
السيد ( محمد باقر الصدر) ( قدس سره الشريف)...

تنويه : حمامة الدوح هي روح الشهيدة السعيدة
العلوية ( بنت الهدى) (رض)...

جواد المنتفجي
1999 --2000



على الجرف
النازف سبخا وملحا
كانت حمامة الدوح التي ظلت طريقها ...
تعّمد الجرح بالرمل والطين
و من حين إلى حين
وللمرة الرابعة …
تصفق بجناحيها معتلية نخلة
ظلت في الخلاء شامخة
عبر آلاف السنين
وبأنفاس لاهثة واهنة
راحت تسامر الوحشة
صادحة خفق العشق
بهديل حزين …
-(( حمامتي … وين أنت ))
قال الدوح نادبا
حمامته الميتة
وبربه يستعين …
-بينما كانت الحياة شمسا
تلعب عند كل باب
فتصنع الأعاجيب للخلق
وتوهج الحب للأحباب
وفجأة ، و في أحد الصباحات،
التي جاءت من العهود المظلمة...
مرت بنا سحابات موت
أمطرت الدنيا بالجماجم
وغطت الأرض بالجثث الهامدة
ولما صار الدفن جمعا
كضّمة باسطة كف
وهزت الربوع طوابير التوابيت
بمسيرات صامته
جاء في مخاوف الجرائد والصحف …
-أن الحمائم الهائمة في بحر( النجف )…
قد فرت مفزوعة
لتحط بين المنائر المذهبة
-أما الحمامة المنتوفة الجناح هذه
فقد هوت ترفرف مقتولة
مقطعة الأطراف
في أروقة الصحن
الدوح قال والدموع منه تنهمل ...
-ضمأ السؤال
لما الحمام يذبح ويقتل
فنحن منذ عصور
نلف بين المنائر ، وحول المآذن ندور ...
نبيض في أعشاشنا هنا ...
حمامات السلام
رغم أن(النجف)
منذ آلاف الأعوام ...
تطيب مهافيف شبابيكه
الجثث المقطعة الأطراف
وروائح اللحم المشتعل
وأنـّـا ...
منذ ثلاثين عام خبت
تصفر الرياح في قبور موتانا
ننظر أليها من بعد وعلى كثب
حتى أمست دور خوال
مبتليه بالغياب
بعدما فقدنا منها كل أثر
وأنـّــا ،
يوخزنا جرب الملام
ينز من جنباتنا مر العتب
فالكلمة الخرساء تصم أفواهنا
ترتشف من رضاب الشفاه
لذعة الآسف
حتى بدت أضلاعنا تئن كالمجروح
وكأننا نيام منذ دهور
وما نحن بنيام
كغفوة أهل الكهف
والنجف ...
منذ ألف عام
منذ أن أعلن ( أبو الحسن ) ثورته
وراح سيفه البتار يظهر العجب
يرفس الأرض المدماة بالدم
يدمل ثقل الجرح الذي فينا انثلم
ليعيد النحر للجسد
ليلتها بتنا نجفل لحظة
ننتظر الفرج في كل الصدف
وأيقنا …
أن مكنون ثرثرة الندم
ما عادت ألا أن توقظ
الألم الذي فينا عصف
واليد الطولى ...
سارت أينما تعدو كالجحافل
كل إصبع منها أمس مشاعل
تنقر طبول الصدور
تطّوح بسيف بطولها المنحور... تزأر …
( حيدر … حيدر … حيدر )
والدماء ملئت السماء ...
فسقط غسقهم المدحور
مضرجا بالدماء
الدوح قال لما راح الهلال في السماء يكتمل …
و(النجف)...
ما عادت مقطعة الأطراف
أن قتل في الكوفة كل الحمام
لو أدركت الصقور
كل الحمائم الهائمة في بحر النجف
فسيظل الوئام ...
ينير وادي السلام ...
يطيب مهافيف صحن أروقة (( أبي الحسن ))