مشروع المصالحة الوطنيةبين جدية الحكومة ونفاق حاضنات الارهاب



كتابات - عواد العابدي



بعد ان تنازل الائتلاف العراقي الموحد عن جميع اوراقه التي كان يضغط بها، وبعد ان حوّل استحقاقه الانتخابي الى توافق سياسي افقده جميع امتيازاته وغدى في المعادلة السياسية صفرا على الشمال لا يعتد به، وبعد ان كان يضع الشروط ويفرض رايه على من سواه صار حاله كحال وفد النظام الصدامي المقبور في خيمة صفوان، والذي ذهب آنذاك ليفاوض الحلفاء فما كان من ذلك الوفد الا الاستماع وترديد كلمة نعم ... موافقون ثم التوقيع على شروط الحلفاء.

وبهذه الصورة يكون الائتلاف قد افرغ نفسه من محتواه، وهو صاحب الكتلة الكبيرة والمدعوم من قاعدة جماهيرية واسعة.

اقول: بعد كل ذلك وفي ظل هذا المناخ المحبط لامال وتطلعات الناخب العراقي الذي خرج يحمل روحه على راحته الى صناديق الاقتراع آملا ان تحترم ارادته ولا يجد من يفرّط بها، يطرح السيد نوري المالكي مشروعه التصالحي او التوافقي بكل جدية وصدق وحسن نية عاضا على جراحاته وجراحات الثكالى والايتام وجميع الذين طالتهم يد الارهاب الغادرة لينقذ العراق من حمامات الدم، التي اريد لها ان تستمر.

وكان مشروعا محكما ينم عن سعة افق وشعور بالمسؤولية، وقد ابدت جميع الكتل السياسية الممثلة في مجلس النواب تاييدها ومباركتها لهذا المشروع بعد تلاوته مباشرة من قبل رئيس الوزراء، وما ان انتهت الكتل من ابداء وجهات نظرها المؤيدة لهذا المشروع وبعد خروج النواب من قاعة الاجتماع حتى فاجئنا الذين ايدوا المشروع قبل لحظات حيث عقدوا المؤتمرات الصحفية وجاءت كما يلي وامام الصحفيين وعلى الهواء مباشرة:

نحن نؤيد هذه المبادرة وندعمها ولكن ... وماذا بعد لكن ؟

حيث كانت الطامة الكبرى والتي تعودنا عليها نحن العراقيون من هؤلاء اصحاب ( لكن ) جاء قولهم: نطالب رئيس الوزراء ان يعلن بوضوح وصراحة عن حق المقاومة المسلحة ودون تردد. نطالب رئيس الوزراء باعادة الاجهزة الامنية المنحلة. نطالب رئيس الوزراء باعادة قيادات ورجالات الجيش السابق. نطالب رئيس الوزراء اعادة النظر بقانون اجتثاث البعث، لانه في نظر هؤلاء ظلم واعتداء على الحزب الذي تسبب في ماساة العراق. نطالب رئيس الوزراء باطلاق سراح جميع المعتقلين في السجون العراقية وسجون قوات التحالف. نطالب رئيس الوزراء بحل المليشيات ... الى غير ذلك من المطالبات التي تصيب من يستمع اليها بالدوار، ولم يبق لدى هؤلاء سوى مطالبة رئيس الوزراء باطلاق سراح صدام حسين واعادته الى الحكم ومطالبة الشعب العراقي بتقديم الاعتذار للجلاد.

ولا ندري فيما لو وافقت الحكومة على هذه المطاليب، ماذا سنسمع من هؤلاء السياسيين من مطاليب وشروط جديدة، ثم متى يعتبر هؤلاء السياسيون انفسهم شركاء في العملية السياسية عليهم واجبات كما لهم حقوق ومتى سيتوقفون عن وضع العصي في عجلة البناء، هذا مالانعتقد انه سيتم وتتوقف هذه الاصوات التي لا يهمها نزيف الدم والقتل العشوائي، فتقفز فوق آلام هذا الشعب وتتجاوز المأساة وتبحث عن امتيازات للملثمين واصحاب الاحزمة الناسفة.



فنلندا

25/6/2006